في خطوة مفاجئة وذات دلالات بالغة الخطورة، أعلن رئيس الجمهورية الجزائرية، عبد المجيد تبون، مساء الأحد 20 أبريل 2025، حالة الاستثناء في البلاد، خلال ترؤسه اجتماعًا طارئًا لمجلس الوزراء، مستندًا إلى المادة 99 من الدستور، التي تتيح إعلان التعبئة العامة بعد استشارة المجلس الأعلى للأمن ورئاستي البرلمان.
القرار يأتي في سياق إقليمي ودولي شديد التعقيد، حيث تواجه الجزائر أزمات متراكمة داخليًا وخارجياً، وسط ظروف اجتماعية مأساوية، واحتقان سياسي متصاعد.
للإشارة “التعبئة العامة تعني استدعاء جيش الاحتياط، وتسخير كل الطاقات البشرية والمادية للدفاع الوطني أو لمواجهة خطر داهم” (المادة 99 من الدستور الجزائري)
مشهد داخلي مأزوم
في الأسابيع الماضية، شهدت مناطق القبائل وجنوب الجزائر وضعًا أمنيًا استثنائيًا غير معلن، ترافق مع تشديد أمني، وتضييق على الحريات، وملاحقة النشطاء، ما جعل الكثير من المتابعين يصفون الوضع بـ”حالة استثناء عملية دون إعلان رسمي”.
أما على الحدود، فقد فرض النظام الجزائري شبه عزلة على نفسه بإغلاق معظم المنافذ، مع استمرار التوترات مع المغرب وليبيا، وإغلاق الحدود مع مالي والنيجر، ما زاد من الانكماش الجيوسياسي للجزائر.
بالإضافة إلى الطرد الجماعي نحو النيجر، في سابقة خطيرة صباح اليوم ذاته، شهدت البلاد ترحيلًا جماعيًا قاسيًا لمئات المهاجرين من دول الساحل جنوب الصحراء، عبر أكثر من 400 حافلة نحو الحدود مع النيجر، في مشهد صادم من الناحية الإنسانية، وسط صمت رسمي وتجاهل إعلامي داخلي.
ما الذي يُخطط له النظام الجزائري؟
وفق المادة 99، فإن التعبئة العامة لا تقتصر على الجانب العسكري فقط، بل تشمل “رفع الجاهزية السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية”، ما قد يعني:
تفعيل إجراءات طوارئ استثنائية تشمل تقييد الحريات العامة.
تسخير مؤسسات الدولة بالكامل لمواجهة “أزمة أو خطر داهم”.
استدعاء أفراد جيش الاحتياط، وخاصة أولئك الذين أدوا الخدمة العسكرية.
وفق محللون سياسيون فإن “إعلان حالة الاستثناء قد يكون تمهيدًا لتحركات عسكرية أو تصعيد إقليمي ممنهج لصرف الأنظار عن الوضع الداخلي”.
إذن السؤال الجوهري الذي يطرحه المتابعون الآن: هل هذا القرار تمهيد لتصعيد عسكري خارجي؟ أم محاولة يائسة لتوحيد الجبهة الداخلية حول خطاب “الخطر الخارجي”؟
خصوصًا في ظل الوضع المتفجر في منطقة الساحل، وتحركات دولية متسارعة بشأن ملف الصحراء المغربية، ومساعي بعض الدول الإقليمية لإعادة رسم خريطة النفوذ.
في ظل غياب الشفافية التامة، وتكميم الأصوات المعارضة، تبقى الجزائر في مفترق طرق خطير، قد يُعيد البلاد إلى سيناريوهات العزلة والمواجهة، بدلًا من الانفتاح والحلول السلمية.