مع احتدام التحركات الدولية لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة الليبية، والتي تقودها في الفترة الراهنة الولايات المتحدة الأمريكية من خلال مبادرات جديدة تستهدف إشراك كل الفاعلين الليبيين المؤثرين، يبرز السؤال المشروع: هل للمملكة المغربية دور في هذه الدينامية؟ وهل يمكن استثمار الرصيد المغربي في الملف الليبي لإسناد هذه المبادرة الأميركية؟
التحرك الأميركي الأخير، والذي يشمل دعوة شخصيات ليبية بارزة إلى واشنطن، من بينها رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وصدام حفتر، رئيس أركان القوات البرية بشرق البلاد، يعكس رغبة حقيقية في كسر الجمود السياسي الذي تعيشه ليبيا منذ سنوات، وبلورة خطة شاملة تتضمن إشراك كافة الأطراف دون إقصاء.
الدور المغربي في اتفاق الصخيرات: مرجعية لا يمكن تجاوزها
منذ اندلاع الأزمة الليبية عقب سقوط نظام القذافي، لم تدّخر الرباط أي جهد في الدفع نحو حل توافقي بين الفرقاء الليبيين.
ويظل اتفاق الصخيرات الموقع سنة 2015، أحد أبرز معالم هذا الجهد، حيث احتضن المغرب سلسلة من اللقاءات الطويلة والمعقدة بين أطراف النزاع، انتهت بوثيقة تعتبر حتى اليوم المرجعية الأساسية والوحيدة المعترف بها دوليًا في مقاربة حل الأزمة الليبية.
هذا الاتفاق لم يكن ليولد دون المجهودات المتواصلة للمملكة، التي اختارت أن تشتغل بهدوء وبدون ضجيج إعلامي، محافظةً على مسافة متساوية مع كل الأطراف، ورافضة لأي تدخل مباشر في الشأن الليبي، بما يضمن استقلالية القرار الليبي عن التجاذبات الإقليمية والدولية.
بوزنيقة وطنجة.. استمرارية في الدعم المغربي
استضاف المغرب مجددًا خلال السنوات الأخيرة عدة جولات من الحوار الليبي – الليبي، لا سيما بمدينة بوزنيقة، التي شهدت لقاءات مهمة ركزت على توزيع المناصب السيادية، ومدينة طنجة التي جمعت أعضاء من مجلس النواب الليبي لأول مرة منذ الانقسام.
هذا الانخراط المغربي المستمر أكسب الرباط رصيدًا من الثقة والمصداقية لدى الأطراف الليبية، وأيضًا لدى القوى الدولية المعنية بالملف، وهو ما يؤهل المغرب اليوم للعب دور الوسيط النزيه والمساهم في تقريب وجهات النظر ضمن أي مبادرة دولية، بما في ذلك التحرك الأميركي الأخير.
فرصة لاستثمار هذا الرصيد: هل من تنسيق مرتقب؟
مع تصاعد الدور الأميركي في ليبيا، لا سيما من خلال زيارة مسؤولين رفيعي المستوى، مثل المبعوث الخاص ريتشارد نورلاند، والقائد العسكري للقيادة الأميركية في أفريقيا “أفريكوم”، ووصول السفينة الحربية “يو إس إس ماونت ويتني” إلى طرابلس، فإن الرباط قد تجد نفسها أمام فرصة استراتيجية لتعزيز شراكتها مع واشنطن في القضايا الإقليمية.
المغرب، بحكم قربه الجغرافي من ليبيا، وتجربته الناجحة في الوساطة، قادر على توفير قناة تواصل محايدة ومساعدة في ضمان إشراك كافة الأطراف الليبية، دون تهميش أو تفضيل طرف على آخر، وهو ما يتقاطع تمامًا مع الخطاب الأميركي الجديد، كما عبر عنه مستشار ترامب مسعد بولس.
هل نحن بصدد التوجه نحو دبلوماسية مغربية متجددة في الملف الليبي؟
إذا كانت الجهود المغربية في السنوات الماضية قد أرست أسس الثقة والتفاهم بين الفرقاء الليبيين، فإن السياق الراهن، وما يحمله من تحركات أميركية نشطة، يمكن أن يشكل فرصة جديدة للدبلوماسية المغربية لتأكيد موقعها كشريك إقليمي موثوق، يساهم في إعادة الاستقرار إلى بلد شقيق يعاني منذ أكثر من عقد.
فهل ستتم دعوة المغرب للمشاركة في صياغة الرؤية الأميركية؟ هذا ما تؤكده بعض التقارير، وهل سيكون هناك تنسيق مباشر بين الرباط وواشنطن لدعم هذا المسار؟ أسئلة مشروعة، والإجابة عنها ستتضح خلال قادم الأيام.
# للمغرب دور مهم في مساعدة الأطراف الليبية ، من أجل إيجاد حل للازمة الليبية من خلال احتضان اللقاءات والحوارات..