عبد الله فضول
أحيانًا أقرأ قصة لكاتب مشهور، فلا أشعر بالدهشة التي توقعتها، وأتساءل: هل هذا هو من يُشار إليه بالبنان؟ هنا تحضرني كلمة الخيانة، فالكاتب مهما كان وزنه الأدبي، قد يمر بفترة تخذله فيها قريحته، فلا تسعفه البلاغة، بل تضعفه أمام قرائه. وربما يكون هذا نتيجة الإنهاك الإبداعي، أو ثقل التوقعات التي يُحملها على عاتقه.
وأحيانًا تقرأ لكاتب أو أديب مغمور، فتكتشف بين كلماته متعة خفية، ويقودك بأسلوبه إلى عوالم لم تخطر ببالك.
فتجد نفسك تُبحر في أفكاره، وتُلامس آفاقًا جديدة لم تكن تعلم بوجودها، كأن قلمه يهمس لك بما هو أعمق من مجرد الكلمات، بل بروح الإبداع الخالصة.
هي إذن حالات يُدهشك فيها الأديب المغمور، بينما قد يُخفق فيها الأديب الشهير. لحظات يُثبت فيها الإبداع أنه لا يخضع لأسماء أو أوزان، بل ينبض حين يصدُق مع ذاته.
وبينما قد يتوهج قلمٌ صغير ويقودك إلى عوالم فاتنة، قد تتعثر قامة أدبية أمام بساطة توقعاتنا، ليثبت لنا أن الإبداع رحلة مليئة بالمفاجآت والتحولات.
لكن يبقى السؤال: ما الذي يجعل الإبداع يتسرب إلى أرواحنا؟ هل هو سحر النصوص التي تعانق تجاربنا؟ أم هي تلك التفاصيل الصغيرة التي تكشف لنا عن زوايا جديدة في أنفسنا؟
ربما الأمر أعمق من ذلك، إنه ذلك التفاعل السري بين اللغة والقلب، ذلك الهمس الخفي الذي يوقظ فينا شعورًا كان نائمًا، أو يعيد تشكيل طريقة رؤيتنا للعالم.
أعتقد أن وعينا يضخم الأسماء والألقاب، وبالتالي لا ينتبه إلى جوهر العمل الإبداعي ذاته. وهنا تكمن المفارقة بين شهرة الكاتب وقيمة إبداعه الحقيقية، وبين البريق الخارجي والعمق الداخلي.
الإبداع الحقيقي ليس فيما يلمع ظاهريًا، بل فيما يترك أثرًا دائمًا في أعماقنا دون أن يرتبط بالاسم أو المكانة.
* كاتب مغربي