عبد الله فضول
أتضايق كثيرًا حين أسمع شخصًا يتحدث في موضوع ليس له به دراية، وليس من تخصصه، ويحاول مع ذلك أن ينتصر لرأيه بأي ثمن.
طبعًا، هذا جنون ثقافي يفتقد إلى الأسس العلمية.
حين نتكلم في موضوع ينبغي أن نكون على دراية تامة بتفاصيله. و أن نعرف مصطلحاته بشكل جيد، ونواكب آخر التطورات والمستجدات فيه. كما ينبغي أن نطلع على الرأي المخالف ونفهم حججه، وذلك لتكوين رؤية شاملة ومتوازنة.
ينبغي أيضًا أن نقف عند سياقاته المختلفة، التاريخية والاجتماعية والثقافية وغيرها ، وأن يكون لنا علم بحدوده وإطاره النظري والتطبيقي. بمعنى آخر، يجب أن نكون مستعدين لتحليل الموضوع من جميع جوانبه، وأن نكون قادرين على تقديم نقاش مدروس ومستند إلى معرفة عميقة وشاملة.
إن غياب هذه المعطيات، لا يعكس فقط عدم احترام التخصص والخبرة، بل يمكن بذلك أن نضر بموثوقية المعلومات التي نقدمها. و نحن نساهم في نشر معلومات ليست صحيحة أو لنقل ليست وجيهة، مما يؤدي إلى تضليل الآخرين وخلق سوء فهم.
في غياب المعطيات الدقيقة والاحترام للتخصص، كثر الانتقاد في المجال الديني بطريقة عشوائية، حيث يخلط الكثير من “الباحثين” بين انتقاد الدين نفسه وبين انتقاد الفكر الديني وبين انتقاد المتدينين. هذا الخلط يؤدي إلى خلق تشويش وسوء فهم بين الناس، ويزيد من حدة التوتر والنزاعات.
فبدلاً من التمييز بين تلك الجوانب المختلفة والنقاش بموضوعية واحترام، نجد أن النقاشات غالبًا ما تكون سطحية وغير مبنية على المعرفة الحقيقية.
ثم إن كل من هب ودب يتحدث في الدين، فهم لا يعرفون أسباب النزول وسياقات النص والناسخ والمنسوخ، وغير متمكنين من اللغة العربية وقرؤوا فقط شذرات من الفقه الإسلامي. بل منهم من مستواه الدراسي ضعيف ويقدم نفسه كمرجع ديني، مما يسبب في نشر مفاهيم مغلوطة ويزيد من التشويش والفوضى.
ولا ننسى الجانب الآخر المتعلق بالدعاة الذين يفتقدون للعلم العميق والأسس الدينية الصحيحة. هؤلاء الدعاة يستغلون الإعلام لنشر أفكارهم، مما يؤدي إلى تضليل الناس ويزيد من الفجوة بين المعرفة الصحيحة والتصورات الخاطئة.
شخصيًا، أعتقد أن المجال الديني حساس جدًا نظرًا للارتباط الوثيق بينه وبين القيم و المعتقدات الشخصية، وهو يشكل هوية عاطفية يصعب التنازل عنها أو تغييرها بسهولة. لهذا على الجميع أن يتحمل مسؤولية كبيرة في التعامل مع هذا المجال بحذر واحترام.
* كاتب مغربي