أشاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بما وصفها بالبداية القوية لفترة رئاسته الثانية في خطاب حالة الاتحاد أمام الكونغرس، مما أثار استهجان ومقاطعات مشرعين ديمقراطيين رفعوا لافتات تنديد وغادروا القاعة في منتصف الخطاب.
ومثل ذلك الخلاف الحزبي انعكاساً للاضطرابات التي صاحبت الأسابيع الستة الأولى من تولي ترامب منصبه والتي قلبت السياسة الخارجية الأمريكية رأساً على عقب، وأشعلت حرباً تجارية مع حلفاء مقربين وخفضت من قوة العمل الاتحادية.
وجاء الخطاب الذي ألقاه في وقت الذروة، وهو الأول له أمام الكونغرس منذ توليه منصبه في 20 يناير في ختام يوم ثان من الاضطرابات في السوق أثارها فرضه رسوماً جمركية جديدة شاملة على المكسيك وكندا والصين.
و إستغرق الخطاب ساعة و40 دقيقة، ليصبح بذلك أطول خطاب على الإطلاق يلقيه رئيس أميركي خلال جلسة مشتركة للكونغرس.
وحطّم خطاب الرئيس الجمهوري الرقم القياسي السابق الذي سجّله الرئيس الديموقراطي بيل كلينتون في خطابه عن حالة الاتحاد عام 2000.
وأفاد مشروع الرئاسة الأمريكية بأن هذا كان أطول خطاب رئاسي أمام الكونغرس في تاريخ الولايات المتحدة الحديث بعد أن استمر 100 دقيقة.
ويذكر الخطاب بتجمعات حملة ترامب الانتخابية، رغم أنه تجنب إلى حد بعيد عادته في الابتعاد عن التصريحات المعدة مسبقاً لتقديم ملاحظات جانبية.
ووجه الرئيس سهام النقد لسلفه الديمقراطي جو بايدن، وشن هجوماً على المجرمين المهاجرين باعتبارهم “متوحشين” وعلى ما سماه “فكر المتحولين جنسياً”.
تهديد لغرينلاند
جدّد الرئيس التعبير عن رغبته بأن تسيطر بلاده على غرينلاند، وقال مخاطباً سكان الإقليم الدنماركي المتمتع بحكم ذاتي إن الولايات المتحدة “ستحافظ على سلامتكم”.
وقال ترامب: “نحن بحاجة إلى غرينلاند حقاً من أجل الأمن العالمي الدولي”، وأضاف “أعتقد أننا سنحصل عليها، بطريقة أو بأخرى، سنحصل عليها.. معاً، سنأخذ غرينلاند إلى آفاق لم تتخيلها من قبل”.
وتابع مخاطباً غرينلاند: “نرحب بك في أمريكا إن أردت”، وأضاف موجهاً كلامه لسكان الجزيرة “ندعم حقكم في تقرير مصيركم”.
الميزانية الاتحادية
من جانب آخر، تعهد ترامب بإحداث توازن في الميزانية الاتحادية، حتى في الوقت الذي حث فيه المشرعين على وضع برنامج شامل لخفض الضرائب والتي يقول محللون غير حزبيين إنها قد تضيف أكثر من 5 تريليونات دولار إلى عبء ديون الحكومة الاتحادية البالغة 36 تريليوناً.
وسيتعين على الكونغرس التحرك لرفع سقف الديون في وقت لاحق من هذا العام أو المخاطرة بالتخلف عن السداد المدمر.
وكان زعماء العالم يراقبون خطاب ترامب عن كثب، بعد يوم من إيقافه جميع المساعدات العسكرية لأوكرانيا. وجاء التعليق بعد سجال في المكتب البيضاوي، حيث وبخ ترامب بغضب نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمام كاميرات التلفزيون.
وقال ترامب إن زيلينسكي بعث له رسالة أمس الثلاثاء يقول فيها، إن أوكرانيا مستعدة لتوقيع صفقة المعادن النادرة التي يلفها الغموض بسبب سجالهما.
وأضاف ترامب “في الوقت نفسه، أجرينا مناقشات جادة مع روسيا وتلقينا إشارات قوية بأنهم مستعدون للسلام. ألا يكون ذلك جميلاً؟”.
وقد هدد توقف المساعدات جهود كييف لمواجهة روسيا، التي شنت غزواً واسع النطاق قبل ثلاث سنوات، وأثار قلق الزعماء الأوروبيين الذين يخشون أن يقرب ترامب الولايات المتحدة من موسكو للغاية.
إحتجاجات ديمقراطية
استهل ترامب الخطاب بالقول: “إلى مواطني بلدي، عادت أمريكا”، وسط تصفيق حار من رفاقه الجمهوريين. وأضاف “بلدنا على وشك العودة إلى ما لم يشهده العالم من قبل، وربما لن يشهده مرة أخرى”.
ورفع الديمقراطيون لافتات تحمل رسائل مثل “لا ملك” و”هذا ليس طبيعياً”، وخرج العشرات في منتصف الخطاب.
وأُخرج آل غرين، أحد أعضاء الكونغرس من تكساس، بعد رفضه الجلوس.
وقال رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون بعد تنبيهه الديمقراطيين إلى ضرورة الحفاظ على اللياقة: “أخرجوا هذا الرجل من القاعة”.
وبدا أن غرين، الذي كان يهز عصا تساعده على المشي في وجه ترامب، يرفع صوته بالقول إن ترامب لم يفز بتفويض في انتخابات نوفمبر بعد أن تفاخر الرئيس بانتصارات الجمهوريين.
وأكد ترامب بعد طرد غرين “أنظر إلى الديمقراطيين أمامي، وأدرك أنه لا يوجد شيء على الإطلاق يمكنني قوله لإسعادهم أو جعلهم يقفون أو يبتسمون أو يصفقون”.
تحدث ترامب في مجلس النواب، حيث تجمع المشرعون خوفاً على حياتهم قبل أكثر من أربع سنوات بقليل، بينما اقتحم حشد من أنصاره مبنى الكابيتول، في محاولة لإلغاء فوز الديمقراطي جو بايدن عليه في 2020، حين كان في السلطة.
وأشاد الرئيس برجل الأعمال الملياردير إيلون ماسك وإدارة الكفاءة الحكومية التي قلصت عدد الموظفين الاتحاديين بأكثر من 100 ألف وخفضت مليارات الدولارات من المساعدات الخارجية وأغلقت وكالات بأكملها.
مزيد من الرسوم في الطريق
أكد ترامب عزمه فرض رسوم مضادة إضافية في الثاني من أبريل ، وهي الخطوة التي من المرجح أن تهز الأسواق المالية أكثر.
وقال: “لقد استخدم الآخرون الرسوم الجمركية ضدنا لعقود، والآن حان دورنا لبدء استخدامها ضد تلك البلدان الأخرى”.
وفي هذه النقطة، ظل العديد من الجمهوريين جالسين، في إشارة إلى كيف أدت الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب إلى انقسام حزبه.
وقد أدت الرسوم التي فرضها ترامب بنسبة 25% على المكسيك وكندا، وهما من أقرب حلفاء الولايات المتحدة، و10% إضافية على الواردات الصينية إلى تعميق مخاوف المستثمرين بشأن الاقتصاد.
رويترز + وكالات