برلين: محمد نبيل
يوم الأربعاء 12 فبراير 2025، شهدت قاعة أكاديمية الفنون في برلين حدثًا فنيًا وسينمائيًا مميزًا. كان الجمهور يملأ كل أرجاء القاعة، ولا يمكن حجز مقعد دون اقتناء تذكرة. المناسبة كانت حضور ندوة سينمائية وعلمية تناولت سؤال السينما والطبقة وعدم المساواة. في الواقع، السينما ليست فنًا تعبيريًا بصريًا فقط، بل هي أيضًا سؤال عميق حول قضايا تهم هموم الإنسان وحاجاته المختلفة.
لقاء جميل وممتع قررت رابطة نقاد السينما في ألمانيا تنظيمه لطرح إشكالية الصراع الطبقي في الفن السابع.
ويأتي ذلك في إطار فعاليات أسبوع النقد الذي يواكب تنظيم مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته الـ 75.
السينما وسؤال الصراع الاجتماعي والطبقي يعدان ضرورة لها ما يأسسها، ودواعي استحضار هذا السؤال تتمثل في تاريخ الصورة والسينما في ألمانيا، كما يقول بيتر بادل، نائب مدير أكاديمية الفنون، في كلمته التي استحضرت كلامًا عن فلسفة ماركس ولينين والهجرة وصراعاتها، بالإضافة إلى حديث عن معاني الصورة. للسينما علاقة بالعمل أيضًا، وكيف يعيش السينمائي الممارس في هذا المجال.
أسئلة شائكة ختمها المتدخل بجملة بليغة قرأها كما هي مكتوبة على الشاشة: “ليست الحدود هي التي تقع بين الشعوب، بل هي ما يقع بين ما فوقها وما تحتها”.
الطبقة مفهوم علمي يحتاج إلى تشخيص منهجي هذه هي الوظيفة التي قام بها عالم الاجتماع الألماني أندرياس كيمبر في كلمة وضح خلالها مسارات المفهوم التاريخية وكيف نتحدث عن الطبقة والصراع الاجتماعي.
السلوك الطبقي، في رأيه، هو سلوك استغلالي ويعني ممارسة العنف والتهميش والإمبريالية الثقافية. تحدث كيمبر عن مفهوم “الهابيتوس” عند بورديو، لينتقل بعدها إلى مفاهيم العنصرية الطبقية في أمريكا على سبيل المثال. لمواجهة مفهوم الطبقة، يعتبر كيمبر أن الفصل 20 من الدستور الألماني يقدم لنا نقطة البداية.
فحسب المادة 20، إن جمهورية ألمانيا الاتحادية هي دولة اتحادية ديمقراطية واجتماعية. الشعب هو مصدر جميع سلطات الدولة، وتجري ممارسة هذه السلطات من قبل الشعب بالانتخاب والتصويت، عبر هيئات خاصة للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
وتلتزم السلطة التشريعية بالنظام الدستوري، بينما تلتزم السلطة التنفيذية والسلطة القضائية بالحق والقانون. ويحق لكافة المواطنين مقاومة أي شخص يحاول القضاء على هذا النظام الدستوري، إذا لم يمكن منعه من ذلك بوسائل أخرى.
الندوة تلتها مداخلات مهمة من كل من السياسية من حزب اليسار كاتالين غينبورغ والناشطة فرانسيس سيك.
المتدخلتان تحدثتا عن لحظات مهمة في تاريخ مفهوم طبقة العمال منذ سقوط جدار برلين. مفهوم الطبقة لا يمكن الحديث عنه دون استحضار فلسفة كارل ماركس التي ركزت على الصراع.
علاقة السينما بالصراع الطبقي لا تنحصر فقط في تعبيرات الفن السابع، بل في مدى ولوج الطبقات الاجتماعية إلى مجال دراسة الفن والسينما. فهل لأبناء العمال مثلا حظوظ في ولوج المدارس والمعاهد السينمائية؟ كيف نعبر إبداعيًا عن الفقر وننقله عبر الشاشة السينمائية؟ ومن يستفيد من العمل السينمائي؟
اليسارية غينبورغ أشارت إلى دور المال في توظيف السياسة، وركزت على ما يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية خصوصًا بعد تولي الرئيس الجديد ترامب السلطة، وما يقوم به إيلون ماسك في هذا الإطار.
ما نستشفه من تدخلات المشاركين في هذه الندوة هو أن الوضع السياسي في ألمانيا بدوره يواجه خطر اليمين المتطرف.