مجتمع
أخر الأخبار

الرفق في معاملة الخلق.. دروس نبوية بتنزيلات معاصرة في الحياة اليومية

"باب في حسن معاملة النساء"

الأستاذ مصطفى الشنضيض

وقوله تعالى: [‌وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ] [النساء: 19] عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، فَقَالَ: (يَا أُمَّ فُلَانٍ انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ، حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ) فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ، حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا، رواه مسلم(1).

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كَانَتْ صَفِيَّةُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي سَفَرٍ، وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَهَا فَأَبْطَأْتُ فِي الْمَسِيرِ، فَاسْتَقْبَلَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَهِيَ تَبْكِي وَتَقُولُ: (حَمَلْتَنِي عَلَى بَعِيرٍ بَطِيءٍ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم ‌يَمْسَحُ ‌بِيَدَيْهِ عَيْنَيْهَا وُيُسْكِتُهَا) صحيح، رواه النسائي في «السنن الكبرى»(2).

وعن أبي هريرة رضي لله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا، ‌أَحْسَنُهُمْ ‌خُلُقًا، وَخِيَارُهُمْ خِيَارُهُمْ لِنِسَائِهِمْ)، حديث صحيح، رواه أحمد(3). وفي لفظ الحاكم في «المستدرك»(4): (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِلنِّسَاءِ) وهو حسن لغيره.

وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (خَيْرُكُمْ ‌خَيْرُكُمْ ‌لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي) حديث صحيح، رواه الترمذي(5)، وابن ماجة(6).

إضـاءة

أرسل الله نبيه سيدنا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم ليصلح ما وقع في المجتمعات وكرسته عدد من المعتقدات من نظرة دونية للمرأة، ويرفع قدرها ومقدارها إلى ما تستحق من رفعة وقيمة وقدر وكرامة، وأسس لهذا الإصلاح قاعدته الكلية وهي تكريم نوع بني آدم على سائر المخلوقات، لا فرق في ذلك بين ذكر وأنثى. وأسس على ذلك الأصل الكلي أحكاما تفصيلية، منها ما سار عليه مجتمع الدائنين بدين الإسلام على هدى من الله، ومنها ما تنكّب فيه الناس عن ذلك الأصل.

وإن التمسك بالهدي النبوي الرفيع في معاملة النساء، لكَفِيلٌ بأن يصل بالمرأة في المجتمع إلى ما حكم الله لها به من الكرامة، كيفما كان النسق الاجتماعي، وكيفما كان السياق التي وجدت فيه؛ حتى تنال ما تستحق من المعاملة والتموقع، دونما إقصاء في أي ميدان من الميادين العامة أو الخاصة أفقيا، ولا استثناء قطاع من القطاعات العليا أو الدنيا عموديا، بكل احترام وتقدير وتوقير وتعاون وتساكن وتضامن وتكافل وتكامل وتواشج وتواصل وتعايش.

فالإسلام بهذا الخصوص، وضع صحيح الأصول، واختصر طريق الوصول، بنصوص وحيانية، وتمثّل نبوي أمثل، وتنزيل محمدي أكمل، بالقول والفعل والتقرير والحال، فطوبى لمن رعى ذلك حق رعايته.

وحتى نخرج من التنظير على مستوى العموميات، إلى التنزيل على مستوى الحياة اليومية المعيشة، فاحرص أيها الزوج الكريم على:

مقابلة زوجتك بالابتسامة وشوق اللقاء، ولين الكلام لها، وشكرها على ما تُقَدِّمه، ومشاركتها في الفرحة، والإهداء إليها بين الفينة والأخرى، وإعطائها ما يكفيها لمشترياتها بلا إقتار ولا إسراف، والاجتهاد في التجاوز عن صغير الهفوات والأخطاء، والصبر عليها، وإعانتها في شؤون البيت، والسفر بها والترفيه عنها عند اليسر والإمكان، ومشاورتها في أمورك، وإعانتها على إكمال دراستها إن رغبت في ذلك، والقيام بأساسيات شؤون البيت عند مرضها أو غيابها، وتوزيع الأدوار فيما يتعلق بالاعتناء بأمور الأطفال: إيصالا إلى المدرسة، وإعدادا للُمْجَة الغذاء، وحضورا في اجتماعات الإدارة وجمعية الآباء، وشراء لمستلزمات الدراسة، ومصاحبةً إلى أماكن الترفيه والترويح…

وعدم مقارنتها بغيرها في الجمال وإعداد الطعام والقيام بشؤون البيت إلا مادحا وشاكرا لها؛ وعدم الإكثار من تتبع جزئيات حياتها، ككثرة تواصلها مع أهلها أو تأخير القيام ببعض شؤون البيت، أو شرائها لبعض الأغراض التي تحبها مما تراه أنت من الكماليات، وعدم تكليفها ما لا تطيق، وعدم إجهادها بكثرة الطلبات، وعدم منعها من خروجها للتنزه مع صديقاتها العاقلات المأمونات، وعدم الإكثار من إلقاء اللائمة عليها في كل الإخفاقات، وعدم الانتقاص منها أو احتقارها، وعدم نعتها بأقدح الأوصاف، وأسوء النعوت.

——————–
الهوامش

(1) مسلم، أبو الحسين، صحيح مسلم، مصدر سابق، كتاب الفضائل، باب قرب النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الناس، وتبركهم به، 4/1812.

(2) النسائي، أبو عبد الرحمن، السنن الكبرى، مصدر سابق، كتاب عشرة النساء، ‌‌باب كم تهجر، 8/261.

(3) أحمد، ابن حنبل، المسند، مصدر سابق، 12/364.

(4) الحاكم، أبو عبد الله، المستدرك على الصحيحين، مصدر سابق، كتاب البر والصلة، حديث عبد الله بن عمرو، 4/191.

(5) الترمذي، أبو عيسى، سنن الترمذي، مصدر سابق، ‌‌‌‌أبواب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، باب في فضل أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، 6/188.

(6) ابن ماجة، أبو عبد الله، السنن، مصدر سابق، أبواب النكاح، باب حسن معاشرة النساء، 3/148

https://anbaaexpress.ma/hrxtw

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى