معظم أفراد المجتمع يحنون إلى الزمن الجميل! زمن الأسرة، زمن الرحمة و التضامن، و التكافل، زمن ارتفاع منسوب أن نحب لغيرنا ما نحب لأنفسنا، زمن البذل و التضحية، زمن التربية المشتركة، زمن أداء الواجب أولا، و بعده الحصول على الحق، زمن كلنا جسد واحد، زمن العمل الخيري الذي كان من أجل الرقي..
زمن الانتماء السياسي الذي كان من أجل خدمة المواطن و الوطن، زمن الإعلام الملتزم و الهادف و القاصد، زمن الجسم الإعلامي و الصحفي المتعاون، زمن الانتماء النقابي الذي يدافع عن الحقوق المشروعة للمنتمين، زمن الحق و تحقيق العدالة الاجتماعية و التمتع بالحرية المسؤولة و الكرامة الإنسانية المحفوظة و المصانة بالقوانين الداخلية و المواثيق الدولية ، زمن كان فيه الرخاء و السلم و السلام، الجميع يساهم في كل ذلك مع نكران الذات.
ماذا جرى ؟
تغيرت الموازين، وإنقلبت الحسابات، وتضخمت الأنا، فأصبحت الشعارات: “أنا ومن بعدي الطوفان”، “نفسي نفسي”..، ما جدوى أن أن أكون في المقدمة أو من بين من هم في المقدمة للدفاع عن الحقوق و أفراد الشعب منشغلين بالتفاهات، زمن الجلوس في المقاهي لتمضية الوقت فيما لا يفيد زمن مبارايات كرة القدم للتلهية و مسلسلات و أفلام مستنسخين من الغير للاستلاب..
زمن أصبحت فيه جمعيات للترفيه الذي لا يساهم في تنمية الوعي، زمن التعليم والصحة و الشغل خاضع لإملاءات صناديق ضاغطة صندوق النقد الدولي كمثال..
ما العمل ؟ عوض طرح مقولات الزمن الجميل ؟
العمل يبدأ من إعادة الاعتبار للقيم التي ذهبت أدراج الرياح العاتية الآتية من الغير، عوض جلب كل ما هو تكنولوجيا من الآخر في انتظار إنتاجها بكفاءات وطنية..
العمل يبدأ من تعليم منسجم مع هويتنا كما هو شأن الدول التي عرفت تقدما مثل اليابان و الصين و ألمانيا و أندونيسيا..
العمل يبدأ من تعليم يربط التكوين بعالم الشغل، و إعلام مشجع على تنمية الأخلاق و تطوير المهارات و الانفتاح على الدول التي عاشت مثل ظروفنا “تخبط و تقهقر” ثم تقدمت و أصبحت ذات شأن، و توفير خدمات صحية لكل مواطن و هذا بفرض ضرائب عادلة على كل المواطنين دون تهرب أو تملص و لا تلكؤ، و فتح سوق العمل أمام الكفاءات للتنافس الشريف دون محسوبية..
وكل هذا مع تحسين دخل المواطن و هذا يكون بالاستفادة من خيرات البلاد برا و بحرا على سبيل المثال: ذهب و فضة و نحاس و مياه عذبة و مناجم فحم ومعادن ثمينة و فوسفاط، و تشجيع العمل الحزبي و النقابي و الجمعوي و الانخراط فيهم، و فتح أبواب دور الشباب للأطفال و الشباب لتنمية مهاراتهم، و الاهتمام بالبادية بنفس الاهتمام بالمدينة تطويرا و تأهيلا أطفالا و شبابا و شيوخا، و لا ننسى ربط المسؤولية بالمحاسبة.
خلاصة القول
للرجوع للزمن الجميل زمن البساطة زمن الرقي و العلو وجب ترسيخ مبادئ القيم و توطين الثقافة البناءة و الإعلام الهادف و تعميم العمل الحزبي و النقابي و الجمعوي و تشجيعه و إحلال الديموقراطية الحقة و ربط المسؤلية بالمحاسبة و كل ما يخدم روح التضامن و التماسك و نبذ الطائفية المقيتة للوصول إلى الثلاتية المطلوبة لكل المجتمعات: حرية مسؤلة، كرامة إنسانية و عدالة إجتماعية.
سيقول قائل بأن ما تفضلت به فهو يصب في الطوباوية الحالمة “المدينة الفاضلة” للفيلسوف أفلاطون، في حين لو توفرت الارادة الصادقة و العزيمة و نكران الذات سنحقق المبتغى كما فعل غيرنا ممن ذكرت و لم أذكر، و في انتظار ذلك لكم مني كل التحية و التقدير.