أفريقيامجتمع
أخر الأخبار

ضرورة محاسبة المسؤولين.. على استغلال وسائل الجماعة لأغراض شخصية وفقا للدستور و القانون!

طه رياضي

يشكل استغلال وسائل الجماعة الترابية لأغراض شخصية انحرافًا خطيرًا يمس بالمصلحة العامة ويقوض مبادئ الحكامة الجيدة التي نص عليها الدستور المغربي والقوانين التنظيمية المؤطرة للجماعات الترابية.

فالدستور المغربي لسنة 2011 أرسى مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة في فصله الأول، مؤكدًا على أن كل من يتحمل مسؤولية تدبير الشأن العام يجب أن يكون خاضعًا للمساءلة، كما أن الفصل 154 ينص على أن المرافق العمومية يجب أن تخضع لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة، بينما يؤكد الفصل 158 على إلزامية التصريح بالممتلكات لكل مسؤول عمومي لضمان النزاهة وتفادي تضارب المصالح.

ومن جهة أخرى، يخضع تدبير الجماعات الترابية لمراقبة الدولة وفقًا للفصل 171، مما يجعل أي تجاوز للقوانين خاضعًا للتدقيق والمحاسبة.

ويعزز القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات هذا الإطار القانوني، حيث تمنح المادة 64 للعامل، باعتباره ممثل السلطة المركزية، صلاحية إحالة أي رئيس أو عضو جماعي على القضاء الإداري لعزله في حال ارتكابه خروقات جسيمة للقوانين، بما في ذلك استغلال ممتلكات الجماعة لمنافع شخصية.

كما تحظر المادة 65 بشكل واضح على أعضاء المجالس الجماعية استغلال موارد الجماعة أو إبرام عقود معها لمنفعة خاصة مباشرة أو غير مباشرة، فيما تمنح المادة 70 للمجلس الجماعي نفسه إمكانية طلب إقالة الرئيس إذا تبين أنه يضر بمصالح الجماعة.

ولضمان احترام هذه المقتضيات القانونية، يتعين اتخاذ إجراءات حازمة في مواجهة أي خروقات، بدءًا بفتح تحقيق رسمي من طرف المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المجلس الجهوي للحسابات، ثم إحالة الملف على القضاء الإداري عند ثبوت المخالفات، وفقًا لمقتضيات المادة 64 من القانون التنظيمي للجماعات.

كما يمكن تحريك المتابعة الجنائية ضد كل من يثبت تورطه في اختلاس المال العام أو استغلال النفوذ، وفقًا لمقتضيات القانون الجنائي المغربي.

إن الحزم في تطبيق القانون ضرورة ملحة لضمان نزاهة التدبير المحلي وتعزيز ثقة المواطنين في المؤسسات المنتخبة، فلا يمكن تحقيق تنمية حقيقية دون ترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة في تدبير الشأن العام.

لذلك، فإن السلطات المختصة، وعلى رأسها وزارة الداخلية والجهات الرقابية، مطالبة بتفعيل المساطر القانونية بحزم ضد كل من يثبت تورطه في هذه الممارسات، مع ضرورة إشراك المجتمع المدني والهيئات الحقوقية في تتبع أداء المنتخبين المحليين وفضح أي تجاوزات قد تمس بالمصلحة العامة.

فحماية المال العام والتصدي لأي تلاعب بمقدرات الجماعة مسؤولية وطنية تتطلب يقظة مستمرة وتفعيلًا صارمًا للمحاسبة، انسجامًا مع التوجيهات الملكية السامية الرامية إلى تخليق الحياة العامة وترسيخ الحكامة الرشيدة.

https://anbaaexpress.ma/26rs5

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى