مجتمعمغاربة العالم
أخر الأخبار

حق العودة: الطريق إلى العدالة للاجئين.. الانتظار المطول لحق المحتجزين الصحراويين واللاجئين الفلسطينيين في العودة

جنيف، مجلس حقوق الإنسان.. نظمت مجموعة من الفعاليات المدنية المنتمية للمنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية نشاطا موازيا نظم على هامش أشغال الدورة الثامنة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان بسويسرا، وذلك يوم 05 مارس الجاري، حول موضوع “الحق في العودة: السبيل إلى العدالة من أجل اللاجئين”، وبتيسير من الأستاذ مولاي لحسن الناجي، المدير التنفيذي للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان.

وتمحورت أشغال الندوة الدولية حول حق العودة في القانون الدولي وسياقات اللجوء القانوني بالنسبة للاجئين الفلسطينيين أو اللجوء غير المكتمل بالنسبة للأشخاص الصحراويين بمخيمات تندوف الواقعة بجنوب الجزائر، حيث تناول المشاركون في هذا الحادث الجانبي الهام بالشرح.

إن إلزامية تنفيذ متطلبات الحق في العودة للشعب الفلسطيني وفق قرار الجمعية رقم 194، وسياق اللجوء الهش للصحراويين المتواجدين بمخيمات تندوف والماكثين خمسة عقود دون حيازتهم لمركز قانوني يحميهم من انتهاك حقوقهم وفق مقتضيات القانون الدولي، يجعل من إسرائيل ودولة الجزائر ملزمتين بموجب القانون الدولي باستعادة اللاجئين الفلسطينيين الى أرضهم “فلسطين” والصحراويين الى أرض الصحراء جنوب المملكة المغربية، في التزام صارم باحترام سيادة القانون وضمان التنفيذ الفوري الفعال لحق العودة.

سلط المتحدثون الضوء على العوائق السياسية والإنسانية التي تمنع هؤلاء السكان من العودة إلى موطنهم الأصلي، حيث افتتحت الدكتورة مينة لغزال، منسقة تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية ورئيسة منظمة مدافعون من أجل حقوق الإنسان، أشغال الندوة من خلال التذكير بسياق النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية ووضع الصحراويين المحتجزين في مخيمات تندوف بالجزائر.

ونددت المتحدثة بعدم تملك هؤلاء الأشخاص لمركز قانوني، وهو ما ترك أثرا شديد التعقيد على باقي حقوقهم وحرياتهم من قبيل انعدام حرية التنقل والغموض الذي يفرضه النظام الجزائري بشأن السماح بإحصائهم لفتح المجال امامهم للتمتع بحماية أممية وحيازة بطائق اللاجئين وتحديد حاجياتهم الإنسانية بشكل دقيق قصد تنسيق الاستجابة السريعة وكذا دراسة إمكانية تنفيذ تطلعاتهم المرتبطة بعودتهم الطوعية لبلد إقامتهم الأصلية بالأقاليم الجنوبية للمغرب في حالة الصحراويين، وهو ما لم يحدث الى حدود اللحظة، بسبب تعنت السلطات الجزائرية وعدم سماحها للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالقيام بواجباتها القانونية والتنظيمية والإدارية اتجاه محتجزي تندوف.

وأوضحت الدكتورة لغزال أن الصحراويين بالمخيمات لم ولن يحلموا قط بإجراء إحصاء شامل لهم، بالرغم من توالي قرارات مجلس الأمن ذات الصلة منذ عام 2011، الذي كرر الطلب بالنظر في تسجيل الأشخاص المتواجدين في مخيمات تندوف، ودعت المتحدثة إلى بذل الجهود في هذا الصدد قصد تنفيذ قرارات مجلس المتعلقة بالحث على إجراء الإحصاء، بالإضافة إلى التوصيات والملاحظات الختامية للجان المعاهدات والإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التي ما فتئت تشجع السلطات الجزائرية على احترام حقوق الانسان بكامل ترابها الوطني بما يشمل الأشخاص الصحراويين القاطنين بمخيمات تندوف، وهو ما يفرض تنظيم إحصاء لمعرفة عددهم ورغباتهم الحقيقية في العودة مكان إقامتهم الطبيعي من عدمه.

وفي علاقة بوضعية النساء والأطفال، تطرقت السيدة كجمولة بوسيف، ناشطة مدنية ورئيسة مرصد الصحراء للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلى قضية انتهاكات حقوق هاتين الفئتين.

وحذرت من الظروف المعيشية الهشة في مخيمات تندوف، حيث النساء والأطفال معرضون للخطر بشكل خاص. وقد سلطت الضوء في معرض مداخلتها على معضلة الزواج القسري، واستغلال القاصرين، والقيود الواردة على الحق في التعليم ومحاربة الأمية والتجنيد القسري للأطفال، باعتبارها ممارسات شديدة الخطورة على حقوقهم. كما انتقدت المتدخلة استغلال الأطفال الصحراويين في إطار برنامج “العطل في السلام” الذي تديره جبهة البوليساريو بتعاون ودعم من منظمات اسبانية تتقاسم تكثيف معاناة الصحراويين بالمخيمات، في تحايل واضح ومستمر على العائلات البيولوجية للأطفال الصحراويين، بهدف عزل هؤلاء القصر الصحراويين عن حاضنتهم المجتمعية وبيئتهم الثقافية وعن وسطهم الاسري والعمل على تكثيف تعريضهم للشحن الايديولوجي والدعاية السياسية العنيفة ونشر خطابات الحقد والعنف والكراهية.

جانب من الندوة حول الحق في العودة

أما على المستوى القانوني، فقد ذكرت المحامية المتخصصة في حقوق الإنسان السيدة لويزا فاسكونسيلوس سيلفا إي سوزا، بأن حق العودة منصوص عليه في العديد من الصكوك الدولية، وأبرزها قرار الأمم المتحدة رقم 194، الذي يعترف بهذا الحق للاجئين الفلسطينيين.

وأكدت أن الصحراويين في تندوف، مثل الفلسطينيين، هم رهائن لأجندات سياسية تحرمهم من حقهم المشروع في العودة إلى أرضهم الأصلية.

وفي جانب اخر، أكدت السيدة لورا غوميز بيريز، الناشطة في مجال حقوق الإنسان، على أهمية دور المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني المهتمة بحقوق الانسان أن من شأن تنفيذ حملات مناصرة على نطاق واسع تعزيز ورفع الوعي لدى المجتمع الدولي بشأن قضية عودة المحتجزين الصحراويين. وفي ذات الوقت، نددت المتدخلة باستغلال جبهة البوليساريو لمخيمات تندوف كفضاء سجني مفتوح لارتكاب الانتهاكات دون رادع واستخدامها للصحراويين القاطنين بالمخيمات كوسيلة ضغط ذات حمولة إنسانية وتفاوضية لكسب نقاط قوة على المستوى السياسي والدبلوماسي، بالإضافة لاستدرار عطف المجتمع الدولي لإغداق قادة المخيمات بالمساعدات الإنسانية الموجهة لسد حاجيات الصحراويين، والتي يتم تحويل مسارها الى أسواق الدول المجاورة.

وفي تفاعل مع قضية العودة للاجئين الفلسطينيين والأشخاص الصحراويين المقيمين بالمخيمات، أقام الأستاذ أيمن عقبل، رئيس مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان مقارنة بين اللاجئين الفلسطينيين والصحراويين المحتجزين بمخيمات تندوف، وأوضح أن الفرق الجوهري بين الحالتين أن السياق الفلسطيني يختلف جذريا عن وضع الصحراويين، حيث أن الفلسطينيين بالرغم من إبعادهم عن مكان إقامتهم الطبيعية وأرض فلسطين، إلا أنهم تمتعوا بصفة اللاجئ منذ بدايات التهجير القسري الذي تعرضوا له، وخصصت الأمم المتحدة وكالة خاصة لرعاية شؤونهم بالرغم من الملاحظات المثارة حول الموضوع، واتخذت الجمعية العامة لأمم المتحدة قرارا رقم 194، يضمن حقهم في العودة ويدعو الكيان الإسرائيلي الى احترام هذا الحق باعتباره قاعدة عرفية ملزمة يجب الاستجابة لمقتضياتها والعمل على تنزيلها الكامل على أرض الواقع.

بينما أوضح الخبير الحقوقي المصري، أن الصحراويين المحتجزين بالمخيمات، لا يتمتعون بحماية اممية بسبب منعهم من الخضوع لإحصاء شامل وفق الية الحوار الفردي لمعرفة أماكن قدومهم للمخيمات ومسببات تواجدهم بمنطقة تندوف والاستماع لرغباتهم بخصوص تطلعهم للعودة او البقاء بمخيمات تندوف او الإقامة ببلد ثالث، وأشار الى أن هذا المنع من إجراء الإحصاء، يقوض جهود الأمم المتحدة في تحديد مركز الصحراويين القانوني بالمخيمات، في غياب إحصائيات ومعلومات موثوقة عن عددهم وحجم حاجياتهم وتطلعاتهم، ويغلق الباب امامهم في المطالبة بالحق في العودة الى مكان اقامتهم العادية وفي هذه الحالة الصحراء المغربية.

وختم الخبير أيمن عقيل بتسليط الضوء على المعوقات الدبلوماسية التي تحول دون عودة اللاجئين والمحتجزين، والتي ترجع في الأساس الى تخوف الكيان الإسرائيلي من غلبة العنصر العربي والإسلامي في فلسطين والتحجج بالافتقار الى المساحة المادية وأمن إسرائيل، بينما أوضح أن عدم تمكن الصحراويين من العودة يعود إلى تعنت السلطات الجزائرية في السماح بتمتع الصحراويين بحق العودة الطوعية أو على الأقل التعبير عن رغبته في علاقة بمغادرة المخيمات بكل حرية ودون تضييق او قمع معزز لإخضاعهم عن ريق تفويض ولايتها القانونية والقضائية لتنظيم عسكري قمعي، إضافة الى تخوفها من إفراغ المخيمات بمجرد سماحها بذلك، وإمكانية تأجيج وضعها الداخلي المأزوم، ودعي في ختام مداخلته الى ضرورة مشاركة المجتمع الدولي بشكل كامل لضمان التنفيذ الفعال لحق العودة.

وقد أجمع المشاركون في الندوة على دعوة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لضمان عودة المحتجزين الصحراويين إلى وطنهم الأم المملكة المغربية وتحميل دولة الجزائر المسؤولية عن التأخير الكبير الحاصل في هذا المجال، واللاجئين الفلسطينيين إلى أرض فلسطين، كما تم استنكار الاستغلال السياسي والشحن الأيديولوجي وانتشار خطابات العنف والكراهية وسط سكان مخيمات تندوف بجنوب الجزائر والدعوة إلى اعتماد نهج يرتكز على احترام الحقوق الأساسية والكرامة الإنسانية للأشخاص والجماعات.

مذكرين بأن الحق في العودة لا يمكن القفز عليه أ وتجاوزه، وأن من شأن توجه المجتمع الدولي لصمان سيادة القانون ونشر المعرفة بإلزامية القواعد العرفية في القانون الدولي، تعد شروطا أساسية ومحددة لضمان العدالة والتعويض للاجئين، موضحين حق اللاجئين في العودة الى مكان إقامتهم المعتاد راسخ القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي الإنساني وقانون اللاجئين، واجمعوا على حظر أي نوع من السياسات الحكومية الموجهة لمنع العودة الطوعية للاجئين كحالة اللاجئين الفلسطينيين والمحتجزين الصحراويين.

https://anbaaexpress.ma/ywlvy

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى