طه رياضي
في خطوة تعكس الحكمة والحرص على مصالح المواطنين، وجّه أمير المؤمنين، جلالة الملك محمد السادس، نداءً ساميًا إلى الشعب المغربي بعدم إقامة شعيرة ذبح أضحية العيد هذه السنة.
جاء هذا القرار في سياق الظروف الاستثنائية التي يشهدها المغرب، سواء من حيث تراجع أعداد الماشية بفعل الجفاف والتغيرات المناخية، أو التأثيرات الاقتصادية التي طالت القدرة الشرائية للمواطنين.
يُعتبر عيد الأضحى مناسبة دينية عظيمة، لكنه مرتبط أيضًا بالاستطاعة، حيث أن الإسلام لم يفرض الأضحية على من لا يملك القدرة على ذلك. وانطلاقًا من هذه القاعدة الشرعية، جاء القرار الملكي ليُخفف عن المواطنين عبئًا قد يكون ثقيلًا على كثير من الأسر، خاصة في ظل الظروف الحالية.
هذا التوجيه لا يُلغي روح العيد، بل يؤكد على جوهره الحقيقي، وهو التقرب إلى الله، وصلة الرحم، وإحياء قيم التضامن والتكافل. كما أن جلالة الملك، بصفته أمير المؤمنين، التزم بذبح الأضحية نيابة عن الشعب المغربي، في التفاتة رمزية تجسد عمق العلاقة بين الملك وشعبه.
من الناحية الاقتصادية، يُعد هذا القرار خطوة استراتيجية للحفاظ على الثروة الحيوانية الوطنية، التي تأثرت بشكل كبير في السنوات الأخيرة نتيجة الجفاف. فتقليل الطلب على الأضاحي هذا العام سيساعد في إعادة التوازن إلى القطاع الفلاحي وتعزيز استدامته.
أما من الناحية الاجتماعية، فإنه يرفع الحرج عن الأسر محدودة الدخل، التي كانت قد تجد نفسها مضطرة للاستدانة أو التضحية بضروريات أخرى من أجل شراء الأضحية. وبدلًا من ذلك، يمكن توجيه الجهود نحو أعمال الخير والتضامن، مثل التبرع للفئات الهشة، وهو ما يعزز الروح الجماعية بين أفراد المجتمع.
إن هذا القرار الملكي ليس غريبًا عن جلالة الملك محمد السادس، المعروف بحرصه الدائم على مصلحة شعبه، وسعيه إلى اتخاذ قرارات تستند إلى الحكمة والواقعية. فقد أظهر في أكثر من مناسبة حسًا عميقًا بالمسؤولية، سواء خلال الأزمات الصحية أو الاقتصادية أو الاجتماعية.
وكرم الملك لا يقتصر على إصداره مثل هذه التوجيهات، بل يمتد إلى المبادرات الإنسانية التي يقودها شخصيًا، سواء من خلال دعم الفئات المعوزة أو إطلاق مشاريع تنموية تستهدف تحسين مستوى عيش المواطنين.
إن قرار أمير المؤمنين بعدم إقامة شعيرة الذبح هذه السنة هو تجسيد لحكمة القائد وحرصه على مصلحة شعبه، وهو دعوة صريحة إلى التمسك بجوهر العيد المتمثل في القيم الروحية والإنسانية، بدلًا من التركيز على المظاهر الشكلية.
إنه بحق قرار حكيم من عاهل كريم.