تشهد الإكوادور مرحلة حاسمة من تاريخها السياسي بعد إجراء الانتخابات الرئاسية في 9 فبراير 2025، حيث تنافس المرشحون على منصب الرئيس الدستوري ونائب الرئيس الدستوري للفترة 2025-2029. كما جرت بالتزامن مع الجولة الأولى الانتخابات التشريعية، التي تم فيها إنتخاب أعضاء برلمان الأنديز والجمعية الوطنية لنفس الفترة.
وباعتبار المجلس الوطني للانتخابات (Consejo Nacional Electoral) سلطةً رابعة فريدة بموجب دستور 2008، فإنه يتحمل مسؤولية تنظيم، مراقبة، وإعلان نتائج جميع الاستحقاقات الانتخابية والاستفتائية.
الجولة الثانية: مواجهة بين اليمين الجد محافظ واليسار الشبه راديكالي
كما كان متوقعًا، لم يتمكن أي من المرشحين الأوفر حظًا من تحقيق الفوز في الجولة الأولى، حيث لم يحصل أي منهما على 50% من الأصوات أو 40% على الأقل مع فارق 10 نقاط على منافسه الاقرب، كما يقتضي القانون الانتخابي.
وبناءً على ذلك، ستُجرى جولة ثانية في 13 أبريل 2025، حيث سيتنافس:
1. الرئيس الحالي دانييل نوبوا (Daniel Noboa)، عن حزب الحركة الديموقراطية الوطنية Acción democrática Nacional المولود سنة 1987 و الذي حصل على 44.33% من الأصوات.
2. لويسا غونزاليس (Luisa González)، عن حزب حركة الثورة المجتمعية
RCM Movimiento de
revolución ciudadana
و عرابه الرئيس السابق رافاييل كوريا Rafael Correa المطارد من طرف القضاء بتهمة الفساد، والتي حصلت على 43.81% بعد فرز أكثر من 95% من الأصوات.
وتجدر الإشارة إلى أن التصويت إلزامي بموجب الدستور، حيث يتعرض الممتنعون عن التصويت لغرامات مالية، إضافةً إلى عدم حصولهم على شهادة التصويت، وهي وثيقة ضرورية لإتمام العديد من الإجراءات الإدارية في البلاد.
السيناريوهات المحتملة للجولة الثانية
يرتبط الحسم في الجولة الثانية بموقف الأحزاب والمرشحين الذين لم يتمكنوا من التأهل، خصوصًا بعد أن حصلت الأحزاب اليسارية والحركات المجتمعية والأندينية على نحو 10% من الأصوات.
كون دانييل نوبوا، ممثل اليمين، يحظى بإمكانات مالية ولوجستية ضخمة، بفضل ثروة تُقدّر بـ 700 مليون دولار، كما أنه يُصنَّف ضمن التيار المحافظ القريب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى جانب رئيسي الأرجنتين والسلفادور,يجعل منه الاقرب للحسم.
بينما لويسا غونزاليس تسعى للحصول على دعم الأحزاب اليسارية، لكن هذا السيناريو يبدو مستبعدًا، إذ يعتبرها كثير من اليساريين استمرارًا لنهج الرئيس السابق رافاييل كوريا، الذي يُتهم بأن سياساته الاقتصادية والاجتماعية ساهمت في عزل الإكوادور عن محيطها الطبيعي وزادت من أزمتها الاقتصادية والأمنية.
وفي ظل غياب أغلبية متجانسة داخل الجمعية الوطنية (البرلمان)، يُتوقع أن تواجه الحكومة المقبلة تحديات كبيرة، خاصةً في ظل تصاعد العنف وسيطرة مافيا المخدرات على الحياة السياسية والاقتصادية في البلاد.
![](https://anbaaexpress.ma/wp-content/uploads/2025/02/IMG-20250210-WA0028.jpg)
العلاقات بين المغرب والإكوادور: تحولات استراتيجية
شهدت العلاقات المغربية–الأكوادورية تحسنًا ملحوظًا، خاصةً بعد أن أعلنت الإكوادور، في 22 أكتوبر 2024، عن تعليق اعترافها بما يُسمى “الجمهورية الصحراوية”، التي سبق أن اعترفت بها عام 1983 وافتتحت لها تمثيلية دبلوماسية عام 2009.
وقد أكدت الإكوادور دعمها لحل سياسي متوافق عليه للنزاع حول الصحراء المغربية، وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 2602، وهو ما يعكس نجاح الدبلوماسية المغربية بكل لأنواعها الرسمية، الحزبية و البرلمانية بقيادة جلالة الملك ، خاصةً في ظل انفتاح المغرب على أمريكا اللاتينية وإدراجها ضمن أولوياته الاستراتيجية.
تأثير الانتخابات على موقف الإكوادور من المغرب
رغم أن كل السيناريوهات تبقى مفتوحة بخصوص الفائز في الجولة الثانية، إلا أن ملف الصحراء المغربية لم يعد يمثل نقطة خلاف في السياسة الخارجية للإكوادور، إذ أن القرار المتخذ في 2024 يعكس توجهًا استراتيجيًا يصعب التراجع عنه، بغض النظر عن الفائز بالرئاسة، و إعتبارا لتراجع المد الانفصالي في العالم و إرجاع الاستحقاق لسيادة الشعوب و سلامة أراضيها و وحدتها، فقد تغيرت تقديرات عدد من الفاعلين الأساسيين في القارة.
خاتمة
يبقى فوز دانييل نوبوا الاحتمال الأرجح، نظرًا لدعمه القوي من الأوساط اليمينية المحافظة، في حين أن قدرة لويسا غونزاليس على استقطاب الدعم من بقية القوى اليسارية تبدو محدودة، بسبب الخلافات الأيديولوجية والتراكمات السياسية المرتبطة بإرث رافاييل كوريا.
وفي ظل المشهد السياسي المتشرذم، تواجه الإكوادور تحديات كبرى، أبرزها غياب الاستقرار البرلماني، تصاعد العنف، وسيطرة الجريمة المنظمة، وهي عوامل تجعل الانتخابات الحالية محطة حاسمة لمستقبل البلاد.
تعليق واحد