حديث الساعةسياسة
أخر الأخبار

حديث الساعة: ذكرى تأسيس الإتحاد المغاربي المولود ميتا – فما هي العوائق؟

حلم الشعوب المغاربية، التي يبلغ عددها حوالي 100 مليون نسمة، مايقارب منها 80٪ يعيش في المغرب والجزائر، البلدين اللذين يملكان أقوى اقتصادين في هذا الإتحاد المولود ميتا، تبخر..

كما يقال المناسبة شرط للتحدث، لقد مرت 36 عاماً عن تأسيس اتحاد المغرب العربي أو ما يسمى “الإتحاد المغاربي” أو “المغرب الكبير” حتى لا يتم إقصاء جميع المكونات.

ففي 17 فبراير 1989، من القرن الماضي بمدينة مراكش، وقعت كل من المملكة المغربية والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا، على تأسيس هذا الكيان الإقليمي بهدف اقتصادي بدرجة الأولى، أي تعد اقتصادات الدول الخمس الموقعة على انشاء هذا التكتل، مكملة لاقتصاد بعضها البعض، من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي والتنمية لكل هذه الدول في معظم حاجياتها المهمة.

بالإضافة، بأن يصبح الإتحاد المغاربي قوة سياسية إقليمية، تنافس باقي التكتلات خصوصا الإتحاد الأوروبي.

حلم الشعوب المغاربية، التي يبلغ عددها حوالي 100 مليون نسمة، مايقارب منها 80٪ يعيش في المغرب والجزائر، البلدين اللذين يملكان أقوى اقتصادين في هذا الإتحاد المولود ميتا، تبخر.

كان من المتوقع بعد تأسيس الإتحاد المغاربي وتفعيله بشكل الصحيح، أن يجعل المنطقة أكثر قوة وتأثيرًا بشكل كبير، ومن بين أهم التكتلات الإقليمية الدولية.

لكن هناك عدة عوائق وأسباب ساهمت بشكل مباشر في توقيف عجلة هذا المشروع المغاربي الطموح والفريد من نوعه، من أجل تحقيق التنمية المستدامة، بين الدول الخمس، حيث تم وضع العصا في العجلة، بسبب الخلافات السياسية الكبرى التي تم إثارتها، مع غياب النية الصادقة والإدارة السياسية لتفعيل الإتحاد الذي يعرف الجمود لحدود الساعة.

السؤال المطروحة هل الاتحاد المغاربي.. ولد ميتا أم أجهض؟

الجدير بالذكر، كما أشرنا سابقا بأن الهدف من إنشاء هذا الإتحاد الإقليمي، وهو أن تصبح إقتصادات الدول الخمس مكملة لاقتصاد بعضها البعض، و تحقيق الاكتفاء الذاتي، من أجل خدمة مصلحة الشعوب المغاربية لكنه اصطدام مع مجموعة من العوائق أبرزها أو أهمها هي:

1 – النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية

بعد تأسيس الإتحاد، اكتشف زعماء المرادية، بشكل واضح بأن هذا الإتحاد الإقليمي المغاربي، نسف أطروحة مليشيا البوليساريو (الدولة الوهمية) المدعومة من طرف النظام العسكري الجزائري في المنطقة المغاربية، وهذا راجع إلى تواجد 5 دول شرعية جغرافيا فقط وليس 6 دول.

بالإضافة هذا التكتل الإقليمي، وضع الجزائر في حرج وتناقض كبير، أمام المنتظم الدولي، حيث أن الجزائر تدعم مليشيا البوليساريو ماديا ومعنويا وتحتضنها في منطقة تندوف، الأراضي الجزائرية، وتسوق إلى أطروحة تقرير المصير، وتؤكد بأن عصابة البوليساريو (دولة صحراوية).

وفي المقابل الجزائر، هي عضو مؤسس للإتحاد المغاربي، المكون من خمسة دول في المنطقة، وهي (المغرب والجزائر وموريتانيا وتونس وليبيا).

مما دفع النظام العسكري الجزائري، إلى التراجع والعمل على عرقلة هذا الإتحاد الذي يخدم الشعوب المغاربية على المستوى الإقتصادي والتنمية المستدامة، بكل الطرق ووضع العصا في العجلة كما قلنا.

كما أن الإتحاد المغاربي، دخل بشكل فعلي ورسمي إلى مرحلة الجمود منذ سنة 1995، وذلك بعد إجهاض توصيات لمجلس الأمن تهم قضية الصحراء المغربية.

بالإضافة إلى قرار المملكة المغربية الصارم والحاسم في فرض التأشيرة على المواطنين الجزائريين، وذلك جراء عملية إرهابية جزائرية ضربت “فندق أسني” في مدينة مراكش غشت 1994.

وللإشارة، وفي نفس السياق كانت إستراتيجية المغرب من خلال هذا الإتحاد مزدوجة الهدف، أولا الرد على التحرك الجزائري المعادي للوحدة الترابية، وثانيا وقف الدعم الليبي، برئاسة معمر القذافي للبوليساريو وبتحييد طرابلس في هذه النزاع المفتعل.

2- أزمة لوكربي

لقد ساهمت كذلك قضية لوكربي أو ما يسمى أزمة لوكربي في عرقلة نجاح وتطور الإتحاد المغاربي، وذلك بعدما ان استاءت ليبيا من عدم دعم الاتحاد المغاربي لها في تلك الفترة والتداعيات الصعبة التي خلفتها على البلد من الحصار على المستويين السياسي والاقتصادي.

وللإشارة، قضية لوكربي، هي حادثة تفجير طائرة أميركية بأسكتلندا عام 1988، حيث اتهمت أميركا وبريطانيا ليبيا أيام الراحل معمر القذافي بتدبيرها، مما أحدث أزمة كبيرة بين الطرفين قادت لتسليم المتهميْن الليبييْن ومحاكمتهما، و دفع تعويضات كبيرة للضحايا.

مما دفع بطرابلس إلى التوجه بسرعة نحو القارة الأفريقية والبحث عن أرضية سياسية جديدة مع عدد من الدول الأفريقية، بالإضافة إلى أن التقلبات المزاجية للعقيد معمر القذافي ساهمت بشكل كبير في تدمير المشروع المغاربي.

كما أن العلاقات بين تونس وليبيا لم تكن كذلك على ما يرام منذ 1974 تاريخ توقيع اتفاق وحدة اندماجية بين الطرفين، حيث سرعان ما تنصلت منها دولة تونس لبروز خلافات حادة مع معمر القذافي، ما تسبب في توتر العلاقات بين البلدين.

الوضع الحالي 

هناك عدة محاولات بائسة من طرف تبون لإنشاء اتحاد مغاربي مصغر، بهدف تورط كل من ليبيا وتونس في إنشاء هذا الكيان المشبوه.

حيث تعتبر هذه الخطوة سابقة خطيرة، بتوجيهات عسكرية ومباركة استخباراتية جزائرية، انشاء إتحاد مغاربي جديد، يتأسس من ثلاث دول ثم يتم توسيعه، بهدف ضم كل من مليشيا البوليساريو و انفصاليي الريف، تحت مسمى إتحاد شمال إفريقيا، واقصاء الدول الشرعية.

بالإضافة، الجزائر بشكل متكرر ومكشوف، تستهدف تقسيم البلدان المغاربية، وزعزعة استقرارها، وخلق كيان سياسي إقليمي جديد بالمنطقة المغاربية، يتكون من ثلاثة دول “ليبيا وتونس والجزائر”، باستثناء المغرب وموريتانيا.

وقد خلف هذا الفعل، ردود أفعال واسعة وتنديد من طرف المهتمين بشأن المغاربي، كما اعتبر مجموعة من المحللين والنشطاء من الدول المغاربية، بأن هذه الخطوة الجزائرية، تعتبر سابق وخطيرة، تروم من أجل خلق تفرقة بين دول الجوار والشعوب، وإستهداف المغرب بشكل خاص، ومحاصرتة في عمقه المغاربي.

بالإضافة الوضع الحالي الذي يطبعه تواجد قيادات سياسية جديدة بالمنطقة المغاربية، لا يحدوها نفس حلم القيادات السابقة، خصوصا النظام الجزائري الذي بات شغله وهاجسه الوحيد هو تحييد المملكة المغربية بكل الوسائل من محيطه الجيوسياسي المغاربي، وكذلك تونس التي يديرها رئيس ضعيف حيث وضع بلده تحت حماية العسكر الجزائري، اما بخصوص ليبيا التي لا زالت تعاني من حالة الانقسام، والتدخل الأجنبي في شؤونها الداخلية.

لهذا أصبح من الصعب إعادة إحياء هذا الإتحاد المغاربي وتحريك المياه الراكدة، لان الجزائر تحاول باستمرار تقسيم المنطقة وإفشال، الحلم المغاربي، مع زعزعة الاستقرار والثقة بين دول الجوار وتوريطهم في لعبة جزائرية سياسية مكشوفة، الهدف منها التضييق على المغرب.

وللأمانة، فقد ظهرت فكرة الاتحاد المغاربي قبل استقلال جل الدول العربية، فقد تم تبلور الفكرة في أول مؤتمر للأحزاب المغاربية الذي عقد في مدينة طنجة بتاريخ 28-30 أبريل 1958 والذي ضم ممثلين عن حزب الاستقلال المغربي، والحزب الدستوري التونسي، وجبهة التحرير الوطني الجزائرية.

وبعد عدة لقاءات مختلفة في مجموعة من الدول عبر عدة مراحل، تم الإعلان عن قيام الإتحاد المغاربي، في 17 فبراير 1989 بمدينة مراكش.

ونصت معاهدة انشاء وتأسيس الإتحاد المغاربي على الأهداف التالية أهمها:

– توثيق أواصر الأخوة التي تربط الأعضاء وشعوبهم بعضهم ببعض.

– تحقيق تقدم ورفاهية مجتمعاتهم والدفاع عن حقوقها.

– المساهمة في صيانة السلام القائم على العدل والإنصاف.

– انتهاج سياسة مشتركة في مختلف الميادين.

– العمل تدريجيا على تحقيق حرية تنقل الأشخاص وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال فيما بينها.

الدول المغاربية
https://anbaaexpress.ma/31cfd

عثمان بنطالب

ناشط حقوقي دولي وإعلامي خبير في الشأن المغاربي مدير عام أنباء إكسبريس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى