حديث الساعة هذه المرة بطعم آخر، هناك شبح منذ زمن يطارد الفلسطينيين صباحا ومساءا، عندما طُرد أكثر من 700 ألف من بيوتهم، وتم الإعلان عن قيام إسرائيل سنة 1948، وطُرد أغلبهم إلى دول عربية مجاورة، من بينها المملكة الأردنية ولبنان وسوريا..
مؤخرا عاد شبح التهجير، وإرتفع حجم التفاعل والتخوف من جديد وبشكل غير مسبوق حول مقترح الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، بخصوص عملية تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الدول المجاورة وهي مصر والأردن، الذي عارضته البلدان المذكورة بشدة.
وقد عبر عدد كبير من الفلسطينيين، داخل قطاع غزة بأنهم لن يغادروا حتى ولو أُتيحت لهم الفرصة، وبأنهم يخشون تكرار لما حدث في عام 1948، سناريو “النزوح الدائم”.
ومما زاد الأمر غضبا، وهي التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي دعا فيها إلى إقامة دولة فلسطينية فوق الأراضي السعودية، حيث تعتبر هذه التصريحات مساسا واضحا بالسيادة السعودية، مما خلف ردود أفعال عربية كبيرة وتنديد واسع النطاق حول التصريحات الإسرائيلية.
وبعد اجتماع ترامب مع بنيامين نتنياهو في واشنطن، اقترح إعادة توطين 2.2 مليون فلسطيني خارج غزة، وبأن الولايات المتحدة هي التي تسيطر على القطاع الساحلي وإعادة بناءه ليصبح “ريفييرا الشرق الأوسط”.
وأكثر من هذا، فقد أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب غضب العالم العربي والإسلامي بقوله إن الفلسطينيين لن يكون لهم حق العودة إلى قطاع غزة، وذلك بموجب اقتراحه للسيطرة على القطاع، الذي تم تدميره خلال حرب 7 أكتوبر “طوفان الأقصى” التي استمرت أكثر من 15 شهرا.
وقد رفضت بقوة حكومات عربية واسلامية، وخصوصاً المملكة العربية السعودية ومصر والأردن، من طرد الفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
بالإضافة، قلق الدول العربية في تصاعد وتزايد حيث تخشى أن يؤدي هذا القرار الأمريكي إلى زعزعة استقرار المنطقة، وخلق حالة من الفوضى.
مواقف عربية مشرفة
فبعد تصريحات بنيامين نتنياهو، ومن قبله دونالد ترامب عن ترحيل سكان قطاع غزة قسرا، عبرت عدة دول على مواقفها المشرفة والداعمة للفلسطينيين.
أولا موضوع التهجير، هو أمر مرفوض فلسطينيا وعربيا، في هذا السياق رفضت السعودية تهجير الفلسطينيين، ومؤكدة بشكل رسمي بأن السلام الدائم لن يتحقق إلا بقبول مبدأ التعايش عبر حل الدولتين.
وقد أكدت السعودية في بيان وزارة الخارجية، على أن الشعب الفلسطيني صاحب حق في أرضه وليسوا دخلاء أو مهاجرين، مضيفة أن حق الشعب الفلسطيني سيبقى راسخاً ولن يستطيع أحد سلبه مهما طال الزمن.
هذا الموقف السعودي القوي، يعبر على مركزية القضية الفلسطينية، وبأن التهجير القسري للفلسطينيين يشكل إنتهاكا للقانون الدولي.
بالإضافة، إلى موقف مصر والأردن، حيث يجددان رفضهما لمخطط تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، كما حذّرا من مخاطره على منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
وشددت مصر على أنها ترفض تماما “أي طرح أو تصور يستهدف تصفية القضية الفلسطينية من خلال انتزاع الشعب الفلسطيني أو تهجيره من أرضه التاريخية والاستيلاء عليها، سواء بشكل مرحلي أو نهائي”.
كما أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني رفضه بشكل قاطع لأي خطط تتضمن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة أو الضفة الغربية المحتلة، وذلك بعد يوم واحد من إعلان دونالد ترامب عن خطط لنقل سكان غزة إلى دول الجوار.
كما واصلت عدة دول عربية، رفضها محاولات تهجير الفلسطينيين وخطة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب للاستيلاء على قطاع غزة، بالإضافة إلى تنديد دولي وسخط جماهيري برفض قاطع لـ”المساس” بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.
ماهو المتوقع؟
رغم ضغوطات ترامب المتواصلة لتهجير فلسطينيي غزة، فإن الدول المعنية سوف تصمد خصوصا مصر والأردن.
بالإضافة، يجب أن نعترف بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تسرع بشكل كبير في قرار تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، لهذا يتطلب من ترامب بعض الوقت لفهم الوضع الحالي لصراع الشرق الأوسط وبالتالي لديه الوقت الكافي لتقييم الوضع قبل اتخاذ قرار قد يضر بحلفاء الولايات المتحدة الأمريكية بالمنطقة وحتى باسرائيل.
كما أن إصراره قد يعيد إلى الواجهة إيران والجماعات المتطرفة، التي عرفت إنتكاسات كبيرة خلال الفترة الأخيرة وهذا عكس ما يريده الرئيس الأمريكي ترامب في حقيقة الأمر.
لكن المرجح هو أن إسرائيل ستعمل جاهدة في التنسيق مع الدول المجاورة، من بينها مصر والأردن لإيجاد حلول بشأن اللاجئين الفلسطينيين، وليس على حساب مصالح البلدين.
كما يجب التذكير، بأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت قد أعربت في وقت سابق عن معارضتها لأية عملية تهجير قسري للفلسطينيين من غزة أو من الضفة الغربية.
وجدير بالذكر، اقتراح دونالد ترامب يدخل في خانة التهجير القسري للسكان، وكما هو معلوم هي جريمة حرب كاملة الأركان تحظرها اتفاقيات دولية من أبرزها اتفاقية جنيف.
![](https://anbaaexpress.ma/wp-content/uploads/2025/02/FB_IMG_1739299176398.jpg)