ليست الموضوعية في ذاتها مغالطة، لا حظ أننا نحتاج لضبط مفهوم الموضوعية إلى اشتراط الذات، ذات الموضوعية، ولكن الإطار الوظيفي الذي توضع فيه، هو من يجعل منها مغالطة.
ودعني هنا أكشف لك شيئا من هذا الخداع الذي يركن إليه محترفوا الزيف، في أي حجاج ايديولوجي عقيم.
– إن المغالطة حريص على فرض شروط الحجاج، بينما هو طرف فيه ليس له سلطة أن يوجه محاوره إلى شروط معينة.
– إن المغالط غير معني ولا آبه بالحقيقة. عليك أن تنظر ليس إلى موقعه، احتراما لاختياراته، ولكن انظر في صميم اختياراته ما مدى استفادته الذاتية من انتمائه. فإذا وجدته كالمنشار: طالع آكل، نازل آكل، فاحذر، إذ كيف تلتقي الرغبة في الموضوعية والحرص على المصلحة الأنانية إلى حد الانتهازية؟
– يسعى المغالط عادة إلى استنزافك، ليفرض عليك غلبا حجاجيا. فلا تعطي فرصة لمغالط أن يستنزفك..
– يطالب المغالط بالموضوعية، ويحشرك في محكمتها، ويخرج نفسه في تلصص من اي التزام، وكأنه يقود جبهة دفاع عن الموضوعية حتى لا تسأله بدورك عن موضوعيته.
والموضوعية هنا هي أن تقر بما تفرضه مسبقاته، أي الموضوعية هنا تصبح خدعة نقيضة في خدمة الذاتية. ولأن ذاتية المغالط ملتبسة وجبانة، فهو يتترس بالموضوعية لخدمة ميول واغراض ذاتية.. الموضوعية هنا بدعوى زائفة غير عملية.
– يشكك في موضوعيتك، ليضعك في موقع المتهم، أي يستند إلى أساليب نفسية في استنزاف الخصم وتشكيكه في نفسه.
– المسألة التي يجب تحليلها الآن هي: لماذا يشترط المغالط من محاوره الموضوعية، بينما الموضوعية هي خطوات يكشفها سير الحجاج وبه ترتبط؟ فهو ينظر إلى الموضوعية نظرة ذاتية، وكأن المسألة شخصية بامتياز، أي يطلب أن يكون الشخص موضوعيا في ذاته، بينما الموضوعية إجراء. ودائما لم يكن شرط الحجاج إلا البرهان، فالمعول عليه هو الدليل، لأن اشتراط أمر شخصي قبل الإجراء هو مغالطة تشوش على خطوات الدليل.
فمن يطالب بالموضوعية للتشويش هو مغالطة يخشى من الدليل، ويحول مطلبا اجرائيا إلى لعبة ألفاظ وقحة، تؤدي دور التشويش والاستنزاف.
– غالبا، حين ينهزم المغالط في الحجاج، يتلطف ويعتبر الأمر عبارة عن وجهة نظر، لأنه يخشى من الحقيقة، ليستمر الاستنزاف.
– نصيحة: إذا صادفت هذا النوع من بني الوزع، فلا تدخل معه في نقاش، واطلب منه عود كبريت أو قداحة ثم اشعل سجارة، واصنع دوائر دخان في الهواء ثم انفث في وجهه دخانا، وامش هونا…