آراءسياسة
أخر الأخبار

هرمجدون قادمة !.. السابع من أكتوبر

خاضت الفصائل الفلسطينية الإسلامية، حربا نيابة عن أمة غارقة في سباتها، أطول حرب في تاريخ الحروب التي خاضها الكيان الصهيوني منذ 1947

أطول حرب في تاريخ دولة اليهود المزعومة، و قد بدأت اطوارها في السابع من أكتوبر بعد العملية البطولية التي كانت بمثابة الضربة القاضية للكيان الصهيوني و زعزعت أركانه و تركت بصمات عميقة نفسية و عسكرية و سياسية في كيان سرطاني داخل المنطقة العربية.

عملية استباقية فشلت كل مخابرات العالم الأولو حتى الأجهزة الأمنية والعسكرية و الاستخباراتية الصهيونية توقعها من حيث شكلها و قوتها و زمانها و قد أحدثت خللا داخليا في المجتمع اليهودي و بدأت الأسئلة تطرح حول الكيان الصهيوني نفسه من حيث حقيقة أرض الميعاد، و رأينا كيف بدأ الكثير من هؤلاء الشتات يفكرون في العودة إلى مواطنهم الأصلية، بل شهدنا فرار الكثير منهم من هذا الكيان العنصري و عدم تصديق أسطورة حقيقة الدولة اليهودية.

وإذا كانت الدولة اليهودية المزعومة، قد استعملت في حربها على غزة و الضفة كل انواع التقتيل مستعملة جميع أنواع الأسلحة و الترسانة الحربية مستعينة بالمدد السخي من قبل الدول الغربية و الولايات المتحدة الأمريكية المتواطئة بشكل كبير في ذلك الإجرام و الإبادة الجماعية، و لم تكتفي الدولة الصهيونية العنصرية بذلك، فقد تم استعمال سلاح التجويع و التشريد و منع الدواء و الغذاء على كل قطاع غزة في سابقة لم يشهد مثلها تاريخ الحروب المعاصرة.

كانت الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس بايدن متواطئة في كل هذا الإجرام و لم ترد إنهاء الأزمة و تبنت خطابا شوفيني و متطرف يتماشى و الطرح الصهيوني و حكومته اليمينية المتطرفة و العنصرية.

خمسة عشرة شهرا من البطولات و الصمود و الملاحم  من غزة والضفة على يد أبناء المقاومة الإسلامية بكل فصائلها و معهم شعب جبار قاسى الحرمان و الجوع و تجرع الموت و التهجير و الصبر و تحمل كل أشكال التنكيل و التعذيب، من أجل قضية فلسطين العادلة، قضية فرضت نفسها على كل شعوب العالم و أصبحت قضية كل أحرار العالم.

وقد رأينا كيف خرجت الحشود من الناس في كل مكان، في أوروبا وأمريكا و آسيا افريقيا و المنطقة العربية و تحركت الجامعات الغربية و خصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية لتعلن تضامنها مع القضية الفلسطينية، ووقف الحرب المجنونة على قطاع غزة و الذهاب إلى تسوية سياسية بدل مواصلة القتل و إبادة جماعية لشعب أعزل تخلى عنه العالم و ترك لذلك المصير الغير إنساني.

كان التخاذل عالميا و عربيا، و بات مشهد التقتيل و التجويع و التشريد و التخريب، مشهدا روتينيا و على المباشر في وسائل الإعلام المختلفة دولية و عربية، وصمة عار أخلاقية أصابت الإنسانية جمعاء، و بلغ التخاذل مداه حين عجزت الأمم المتحدة على فرض هدنة إنسانية لإيصال المساعدات الإنسانية من دواء و غذاء لآلاف من المدنيين في غزة.

لقد قالت المقاومة الإسلامية كلمتها في الميدان، و استطاعت ان تفرض ايقاعا و أهدافا في صمودها بضرب قواعد العدو الصهيوني وعمقه و غلاف غزة، مما أدى إلى تهجير مدن و مستوطنات غلاف قطاع غزة بالكامل.

إنتهى زمن الحرب الخاطفة، و دخل الكيان الصهيوني، حربا مختلفة في شكلها و أهدافها و حتى في زمانها، حربا كسرت القواعد و كان لضربات المقاومة وقع جديد، داخل إسرائيل نفسها وأثرت بشكل كبير في نفسية المجتمع اليهودي من الناحية السياسية والاجتماعية و على المستوى الأمني والعسكري.

و قد كانت ردة فعل الإدارة السياسية و العسكرية للكيان الصهيوني مرتبكة و مجنونة و بالغت في التقتيل لحد الإبادة الجماعية، فلم تستثني آلتها العسكرية مستشفى ولا مسجدا ولا مدرسة ولا ملجأ ولا شيخا و لا طفلا ولا امرأة ولا صحافيا و لا مسعفا، قتل بلا رحمة و تدمير للبنيات التحتية و البنايات و قطع للمياه و الكهرباء و كل وسائل التواصل و الأنترنت، لحجب الحقيقة عن اجرامها الذي فاق كل تصور.

كانت المقاومة الإسلامية تخوض معركة صفرية، مع عدو فقد كل أخلاقيات المعركة الحربية، فقوة ضربات المقاومة الإسلامية التي استهدفت مواقع قوات المحتل الصهيوني مواقعه العسكرية والأمنية والاقتصادية و الاستخباراتية جعلت العدو الصهيوني و إدارته السياسية تفقد أعصابها و تتخذ إجراءات انتقامية ضد المدنيين، لعدم قدرتها على ضرب المقاومة المحصنة في أنفاق أسطورية، أنفاق استعملت في غزوة السابع من أكتوبر و قامت بواجبها في صد العدوان الإسرائيلي، و كانت الحلقة المستعصية في هذا الصراع المرير بين الحق والباطل.

و قد استعملت فصائل المقاومة الإسلامية في هذه الحرب الهوجاء أساليب و تكتيكات جديدة لم تكن في حسبان أحد و لم تدرس في المعاهد العسكرية، و شهد العالم بطولات و ملاحم أسطورية من أبناء الشعب الفلسطيني الحر و التواق للحرية.

لعب العدو الصهيوني على محرار الزمن، و طول النفس و المساعدات العسكرية الغربية و اعتمد على أسلوب المراوغة و الكذب و عدم الاعتراف بحقيقة المعركة، كما استطاع إخفاء خسائره في الميدان و التغطية على حقيقة خسائر الاقتصادية وتكلفة الحرب و على الشرخ المجتمعي الذي بدأ يتسع داخل الكيان الصهيوني..

و على انسداد الأفق السياسي بإسرائيل لم تستطع إسرائيل تحقيق أهدافها من الحرب على غزة، بعد خمسة عشرة شهرا من الإبادة الجماعية و استعمال كل أشكال القوة الغاشمة و حتى المحرمة دوليا، و ها هي الآن تدخل في مفاوضات تسوية سياسية مدعنة لشروط المقاومة بشكل أو بآخر.

وبعد فشلها في ما سعت إليه من استرداد الأسرى الصهاينة بالقوة و بعد فشلها في القضاء على المقاومة الإسلامية، التي أبانت عن علو كعبها في ميدان المعركة.

كان الخذلان العربي كبيرا و وصل إلى حد الصمت القاتل و ترك الكيان الصهيوني يستفرد بالضحية و ما زاد الطينة بلة هو عدم القدرة على حتى إغاثة أهل غزة من الناحية الإنسانية، فلا مغيث في الساحة.

خاضت الفصائل الفلسطينية الإسلامية، حربا نيابة عن أمة غارقة في سباتها، أطول حرب في تاريخ الحروب التي خاضها الكيان الصهيوني منذ 1947.

حربا ليست كباقي الحروب الخاطفة و التي تعتبر تمهيدا لحرب التحرير النهائي لفلسطين المحتلة، و هي الطريق الصحيح إلى التحرر الحقيقي للأمة العربية والإسلامية، التي ستحمل مشعل التحرير لكل الإنسانية.

https://anbaaexpress.ma/f53y8

أحمد الونزاني

كاتب وباحث مغربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى