آراءأفريقيا
أخر الأخبار

لهذا يجب أن نتغنى بالانتصارات الديبلوماسية الإفريقية

أحمد متراق

ما يجب أن يفهمه المغاربة حول قضية الصحراء، أن التغني بقرارات سحب الاعتراف بالجمهورية الوهمية من الدول الإفريقية خاصة تلك التي تتبع النظام الأنغلوفوني هي انتصارات ديبلوماسية ذات وقع أكبر وأقوى بكثير من تلك القادمة من خارج القارة بخلاف ما يعتقده العموم لسببين:

– الأول بحكم الانتماء الجغرافي طبعا، فقرار انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الافريقية -قبل تحولها للاتحاد الافريقي بالمسمى الحالي-احتجاجا على قبول عضوية البوليساريو سنة 1984 كانت له تأثيرات سلبية كبيرة على الملف وفتح المجال أمام اللوبي الجزائري والليبي والجنوب إفريقي للتوغل بشكل جيد في العمق الإفريقي وكسب مزيد من الاعترافات وعزز من تواجد البوليساريو في القارة.

– السبب الثاني يرتبط بالطبيعة الجيوسياسية للمنطقة، فحالة اللاستقرار التي تميز الأوضاع، والقرارات المتذبذبة، والارتجالية في التسيير، وتدخل اللوبيات الجزائرية والجنوب إفريقية بقوة في سيادة بعض الدول والتي تستعمل فيها وسائل ضغط مختلفة من إغراءات مالية مهم وتهديدات خارجية قد اصل في بعض الأحيان لدعم الجماعات المسلحة المناوئة للنظام وزعزعة الاستقرار بتلك الدول، ولعل خير مثال على ذلك ما وقع مع كينيا سنة 2022 التي أعلن رئيسها قرارا بسحب الاعتراف بالجمهوية الوهمية بعد إنتخابه مباشرة قبل أن يتراجع عن هذا القرار خلال حفل التنصيب الرسمي، في موقف أحرج الديبلوماسية المغربية, وهو الأمر الذي تكرر عديد المرات مع عدد لايستهان به من الدول الافريقية التي أعلنت عن سحب الاعتراف ثم تراجعت عنه بعدها.

كل هذه العوامل تجعل الأمور أكثر تعقيدا وصعوبة مما تبدو عليه بالقارة الإفريقية بخلاف الدول الأخرى، وتتطلب بذلك مجهودات ديبلوماسية وعملا استراتيجيا متواصلا ومضاعفا من طرف الدولة المغربية يتجاوز في أبعاده الحصول على القرارات أو سحب الاعتراف فقط ليشمل أيضا العمل المستمر واليومي للحفاظ على تلك المكاسب والانتصارات الديبلوماسية وحمايتها من التدخلات الخارجية عبر مساعدة تلك الدول على ضمان استقرارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وهو ما يستنتج من العمل الجبار الذي قام به جلالة الملك خلال الخمسة عشر سنة الماضية في العمق الإفريقي والتي تم تتويجه بالعودة للاتحاد الافريقي سنة 2017.

لذلك فالحصول على قرارات سيادية لدعم الوحدة الترابية من طرف الدول الإفريقية تحدي كبير يتطلب سنوات متواصلة من العمل والصبر والمراقبة، في أفق تقوية التواجد المغربي وتعزيز القوة المغربية داخل دواليب منظمة الاتحاد الافريقي لتقديم مقترح جاد ومدعوم من غالبية الدول لطرد البوليساريو من المنظمة كرهان حقيقي للدولة المغربية مستقبلا.

* كاتب وباحث مهتم بالشأن السياسي

https://anbaaexpress.ma/fp4kx

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى