آراءسياسة
أخر الأخبار

اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة.. انتصار، هزيمة، أم تسوية تكتيكية؟

هشام فرجي 

في ظل النزاع المتكرر بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في غزة، جاء الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى على ثلاث مراحل ليُشعل النقاش حول دلالاته السياسية والإنسانية. هل يُمكن اعتبار هذا الاتفاق انتصارًا لغزة؟ أم هزيمة لإسرائيل؟ أم مجرد خطوة تكتيكية تهدف إلى تهدئة الأوضاع؟

صمود غزة ونجاح المقاومة

لا شك أن الاتفاق يعكس جانبًا من نجاح غزة في الصمود أمام آلة الحرب الإسرائيلية. فرغم الحصار والتدمير المستمر، استطاعت المقاومة الحفاظ على وجودها كقوة مؤثرة وفرض نفسها كلاعب رئيسي على طاولة التفاوض.

تحقيق تبادل للأسرى، وهو مطلب استراتيجي للمقاومة، يُعد مكسبًا سياسيًا وإنسانيًا يُعزز من شرعيتها داخليًا وخارجيًا.

الرمزية هنا أكبر من المكاسب المادية: صمود غزة أمام فارق الإمكانيات الهائل يعيد تأكيد الرواية الفلسطينية التي تستند إلى الحق في مقاومة الاحتلال. الاتفاق، في عيون الكثيرين، يمثل انتصارًا معنوياً يعكس قدرة الشعب الفلسطيني على الصمود والتحدي.

تراجع إسرائيلي أم مناورة؟

على الجانب الآخر، قبول إسرائيل بشروط تتعلق بتبادل الأسرى والتوقف عن التصعيد يُمكن أن يُقرأ كتراجع عن أهدافها العسكرية والسياسية.

لم تتمكن إسرائيل من القضاء على المقاومة أو تغيير الواقع السياسي في غزة بشكل جذري، وهو ما يطرح تساؤلات حول جدوى العمليات العسكرية التي غالبًا ما تؤدي إلى تصاعد الغضب الدولي وانتقادات واسعة لانتهاكات حقوق الإنسان.

لكن هذا التراجع قد لا يكون بالضرورة هزيمة. فمن المعروف أن إسرائيل تسعى عادة لاحتواء الأزمات بشكل مرحلي، وقد ترى في هذا الاتفاق فرصة لإعادة ترتيب أوراقها دون الدخول في مواجهة طويلة الأمد تستنزفها اقتصاديًا وسياسيًا.

تسوية تكتيكية بانتظار الجولة المقبلة

من زاوية أخرى، قد لا يكون الاتفاق انتصارًا كاملًا لغزة ولا هزيمة واضحة لإسرائيل، بل تسوية تهدف إلى تهدئة الوضع الميداني وتخفيف معاناة المدنيين دون معالجة جذور الصراع. هذا السيناريو ليس جديدًا؛ فالاتفاقيات السابقة غالبًا ما كانت مقدمة لهدوء مؤقت يعقبه تصعيد جديد.

البعد الإنساني: إنجاز يتجاوز السياسة

بعيدًا عن الحسابات السياسية، يُمثل الاتفاق خطوة إنسانية ضرورية. عودة الأسرى إلى عائلاتهم وتخفيف معاناة سكان غزة جراء القصف والتدمير، هما إنجازان لا يمكن التقليل من أهميتهما. هذا البعد الإنساني يُظهر أن هناك دائمًا مساحة للتفاوض حتى في أشد النزاعات تعقيدًا.

خلاصة: صراع مستمر واتفاق مؤقت

الاتفاق الأخير يعكس تعقيد الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي وتوازن المصالح والضغوط على الطرفين. قد يراه البعض انتصارًا لغزة وآخرون تراجعًا لإسرائيل، لكنه في الواقع خطوة ضمن مسار طويل من النزاع الذي لم تُحل جذوره بعد. التحدي الأكبر يبقى في ترجمة هذا الاتفاق إلى حلول دائمة تُخفف من معاناة المدنيين وتُمهّد لتحقيق سلام عادل وشامل.

https://anbaaexpress.ma/e1tz4

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى