آراءثقافة
أخر الأخبار

نِصْفُنَا الحَقِيْقِيُّ بَيْنَ الشِّعْرِ وَالمَطَر!

طلعت قديح 

فأمّا الشّعر فَبِه نُراوغُ نُزوحَ فَرقدٍ بين الكلامِ المُثرثِرِ وشآبيبِ النَّفرة، هو نوَّارةُ اللًُغةِ وبَهجةُ ارتباطِ القلبِ بِجرسٍ يتأرجحُ بين اللَّهو والوقار، منارةٌ ضَوؤها تَراقصُ قوسِ قُزح، لا لحنَ إلا برُطب التَّأني في ارتشافِ وترٌ يهتزُّ ويُنادم خَفاءَ اندلاقِ رعشةٍ لا نعرفُ كيفَ تمدَّدتْ حتى سارتْ لِمرفقِ التَّحلي في رؤيةِ عالمٍ خفيٍّ، وكثيرِ فكرةِ ذوبانٍ دونَ سُكَّر نشوته.

وأما المَطر فكأنه ثقوبٌ تسّاقطُ من السَّماء تحتضنُ لوعةَ اللِّقاء، مع كل اندلاقٍ يُقالُ أن صوتًا مجهولَ المِهاد يُتمتم:

آه، كمغزلٍ يتناوبُ في توظيبِ خيوطٍ وتريةٍ دهشةً لسواقي الرُّوح، وبَخورُ الأسئلةِ تناغمُ ورقِ انتظارِ تلهُّف ألوانِ الإجابة، هو إحياءُ تأويلاتِ العيونِ لتفنُّن الجَفن والرِّمش لإيقاع وجدانٍ يُراقص ارتفاعَ خدٍّ كان نائما.

وما بين الشِّعر والمَطر يُكوِّر المَكر نفسه، يسيلُ دون التصاقٍ، يجوسُ بتلمُّسٍ يَصقلُ مواويلَ القصيدةِ، ويُبهج ثغارا دنتٍ لرحيقِ الحِكاية، هاأنا أقدُّ نفيرَ التَّلامسِ في جمرِ يَكوي منبتَ اخضرارِ أرواحنا.

الشِّعر والمَطر؛ نافذتان، إن أغلقتَ واحدةً، خسرنا هواءً وأرجوحةً، هواءٌ يُريق عَذبه لو اكتملَ، وأرجوحةٌ تطرِّز نشيدَ وطنٍ وإنْ صَمت.

* كاتب من غزة 

https://anbaaexpress.ma/k24oy

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى