من الجزائر: رشيد عوين
في خطابه أمام البرلمان بغرفتيه اليوم، واصل تبون الترويج لمطلب تنظيف مواقع التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية، وهو خطاب مكرر يفتقر إلى الجدية ويغلب عليه الطابع الشعبوي.
ورغم ادعاءاته المتكررة، آخرها في 5 أكتوبر 2024، لا توجد أي مؤشرات على إرادة سياسية حقيقية لمعالجة هذا الملف، مما يجعل تصريحاته مجرد محاولات لاستمالة الرأي العام الوطني دون خطوات عملية.
واقع الأمر يكشف تناقضًا واضحًا، فالسلطات الجزائرية لم تبادر بالتعاون مع الأمم المتحدة للضغط على فرنسا خاصة بعد مراسلات المقررين الأممين شهر سبتمبر الماضي، بل عمدت إلى عرقلة جهود الناشطين والمهتمين بالملف من خلال التضييق عليهم من طرف أجهزة المخابرات ومسؤولين في وزارة المجاهدين.
والأكثر إثارة للجدل، أن الجزائر نفسها تواجه اتهامات بتعريض مواطنيها لمخاطر الإشعاعات النووية، خصوصًا في التسعينيات عندما أقامت محتشدات عسكرية قريبة من مواقع التجارب النووية، احتجز فيها عشرات الآلاف من الجزائريين.
خطاب تبون ليس إلا محاولة أخرى لتوظيف ملف التجارب النووية الفرنسية لخدمة أهداف شعبوية، بعيدًا عن أي التزام حقيقي بحماية حقوق ومصالح الشعب الجزائري.
وللإشارة، في خطابه أمام البرلمان اليوم، وللمرة الثالثة منذ انتخابات 7 سبتمبر 2024، تحدث تبون عن “الحوار الوطني”.. مع إصدار عفو رئاسي وتدابير تهدئة قبل أيام لم يستفد منه لحد الساعة سوى 5 معتقلي رأي، بينما لايزال أكثر من 200 معتقل رأي وأكثر من 150 سجينًا سياسيًا منذ التسعينات.
الحقيقة أن هذا الخطاب الذي يُعاد ترويجه مرارًا، ليس سوى محاولة لتجميل صورة النظام أمام الخارج، في محاولة لامتصاص الضغوط الخارجية، خاصة بعد التزامات تبون لوكيلة وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان السيدة “عزرا زيا” خلال زيارتها للجزائر شهر نوفمبر الماضي.
ومع ذلك لا توجد أي إرادة سياسية حقيقية لتنفيذ هذه الوعود، ولا يعكس هذا الخطاب أي التزام فعلي بالحوار أو التهدئة، إذ يستمر القمع والاعتقالات، ما يجعل الحديث عن الحوار والتهدئة مجرد شعارات دعائية تخدم صورة السلطة أمام الخارج، دون أن تُحدث أي تغيير ملموس داخليًا.
* مدير منظمة شعاع الحقوقية مقرها لندن
3 تعليقات