أرسل لي الأخ المغربي أبو رزة هذه الرسالة: هولوكوست سوريا و نبوءة خالص جلبي: ذات مساء في شهر مارس 2011، جلست رفقة الدكتور خالص جلبي في بيته، نتابع أخبار الانتفاضة الشعبية التي انطلقت في سوريا. قبل شهر من ذلك رأينا مبارك يتنحى عن حكم مصر، و قبله رأينا بن علي يغادر حكم تونس.
وبينما كنت أتابع الاخبار بنوع من الحماس، متوقعا أن يتنازل بشار الأسد بسرعة تحت ضغط الشارع بعد مقتل عدد من المتظاهرين و ازدياد غضب الشارع.. كان الدكتور خالص جلبي واجما صامتا على غير عادته. فالتفت إليه و سألته : دكتور خالص متى تتوقع تنازل الأسد عن الحكم؟
فقال بصوت هادئ و على ملامحه نفس الوجوم : أتوقع أن يستمر عداد القتلى في الارتفاع إلى أن يصل مئات الآلاف، و قد يستمر سفك الدماء لعشر سنوات. كان جوابه صادما.
و لم أستوعب درجة التشاؤم فيه. ثم مرت السنوات و أنا أشاهد نبوءة خالص جلبي تتحقق سنة بعد سنة. عشر سنوات قضاها نظام الأسد الشيطاني في شيء واحد تقريبا : إبادة السوريين بأبشع الطرق؟
استفتح مقالتي هذه مع نهاية عام 2024م في شهر ديسمبر والثورة السورية تحتفل بانتصارها بعد مكابدة عشر سنوات ونيف، كما جاءت في النبوءة بكلفة تهجير عشرة ملايين، وخسارات في الممتلكات تزيد عن 800 مليار دولار، وإزهاق أرواح أزيد من مليون من المعارضين، وفرار أمثالي إلى القارات السبعة كما جاء في قصة سبأ ومزقناهم كل ممزق؟
السؤال كيف إنهار النظام الأسدي العاتي بسرعة تذكر ببركان اتنا وكراكاو وتوبا؟ اعترف أنني ظننت كما جاء في الآية حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين.
ماحدث معجزة ولكن التحديات بحجم الجبال الراسيات لكن السوريين امة عظيمة سوف يقفزون الى مسرح التاريخ أو هكذا ازعم. أنا شخصيا كنت أعرف أن النظام لم يكن أكثر من جثة ميت في براد التاريخ، يحرس الجثة ضابط روسي وممرضة إيرانية وحارس أمريكي ومراقب تركي. لكن إسماعيل الذبيح غزة كانت قربان الخلاص.
كانت الجثة الاسدية تنتظر الدفن. وهي تذكر بقصة سليمان والجن ودابة الارض؛ فقد مات نبي الله سليمان والجن لاتعلم ومن دلّ على موته حشرة صغيرة كانت تقضم العصا التي أتكأ عليها فلما خرّ تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب مالبثوا في العذاب المهين. وهو الذي يفسر سرعة انهيار النظام الأسدي الميت ينتظر الدفن في مزابل التاريخ.
أمام بيتي في مونتريال اتعجب من الحشيش = يسمونه في المغرب جازو او الربيع كيف يشقق الارض ويخرج بخضار معلنا عن قوة الحياة. نحن حاليا في مونتريال نرى موت الطبيعة وتساقط الورق وتعري الشجر ولكن الحياة ترجع مجددا كذلك هي قوة الحياة من الله الحي القيوم.
ماينتظر الثورة تحديات جسام أختصرها في هذه الوصايا العشرة:
1 ـ لاتنتقم ! ادخل دولة القانون. هذا هو الفرق بين شريعة الغاب ودخول مجتمع الدولة والحضارة.
2 ـ كن إنسانيا ! ودع الطائفية والحزبية والمذهبية : سوريا تضم عشرات المذاهب والطوائف والأديان هي حوض حضاري منذ 6000 سنة !
3 ـ الهدم سهل والبناء تحدي ! الفصل السهل من الثورة هو القضاء على فرعون وكل التحدي في البديل في بناء مجتمع العدالة والرحمة والتكافل والمؤسسات.
4 ـ انتبه من ثلاث ؟ الإشاعات والأراجيف والثورة المضادة ! في هذا الفصل تمضي الإشاعات في فضاء وهمي هدفه سلبي لإنهاء مسيرة التحول ؟
5 ـ لاتنس المنافقين والرماديين؟ يراجع في هذا سورة التوبة فهي الكاشفة والفاضحة لهذا اللون من التخفي. بل وجاء الأمر لرسول الرحمة ص بهدم مسجد (الضرار) الذي كان مركزا للتآمر. وأفظع ألوان الهدم هو مظهر صديق ومن الداخل عدو.
جاء في الإنجيل احذروا من الأنبياء الكذبة من الخارج حملان ومن الداخل ذئاب خاطفة ! في مطلع سورة البقرة ثمة تقسيم لثلاث أصناف اربعة آيات للمؤمنين واثنتان للكفرة أما المنافقون فـ 13 آية؟ مايدل على شناعة هذا المرض. مايناسبهم الدرك الأسفل من النار.
6 ـ الثورة ولادة جديدة تحرر الإنسان من عتمة الخوف وغلالة الحزن وثقل الواجب.
7 ـ الثورة عملية تشاركية تعاضدية تهدف الوصول إلى الديموقراطية: نحن هنا أمام التخلص من الاستبداد وكل ذيوله. والديموقراطية هي (جوج) كلمات: تمثيل الأكثرية + آلية سليمة وليس شراء اصوات المغفلين الفقراء فهي وعي الناس أكثر من صناديق الانتخابات + ضمان حقوق الأقليات.
8 ـ المرجفون والمشككون كثيرون عالج كلا بما يناسبه؟ هناك السميون والمتسللون والخلايا النائمة التي تهيء نفسها لاستعادة النظام القديم. لعل قصة بني قريظة وحروب الردة نموذجان لما أقول.
بكلمة مختصرة هم العدو فاحذرهم ؟ ونظرة سريعة لما حصل في مصر من قفز الصوص وحفرة حفتر والإيراني الحوثي والقوس بدون نبل في تونس وصالح بدون صلاح اليمني وزين العابدين المجرد من كل زينة، والمعمر الذي هدم كل عمار وإعمار، كلها تروي قصة الردة والارتداد عن الثورة إلى الحفرة الديكتاتورية من جديد.
9 ـ إياك والانتفاخ والاستكبار لنتذكر فتح مكة وكيف دخلها رسول الرحمة (إن كاد عثنونه = شعر أسفل الشفة السفلية لتلامس ظهر الدابة). إن أخطر اللحظات هل لحظة الانتصار فلا تدير خمرها رأسك فتسكر فتهوى؟ ويجب تحطيم الصنمية فلا نسمح بتعليق صورة أي شخص وإقامة تمثال ونصب عليها يوفضون.
10 ـ أخيرا الثورة هل ثلاث كلمات: ملحمة ومرحمة ومحكمة. هي انتصار على النفس قبل كل شيء، وهي رحمة للمعذبين والمضطهدين والمطاردين والمنفيين القسريين أو الفارين والمهجرين والمساجين. وهي بنفس الوقت يوم الدينونة للمجرمين.
وهكذا يجب إنشاء محاكم مثل (نورمبيرغ للنازيين) لرؤوس الإجرام فلا يفلتوا من العدالة. القصاص والتعويض قانونيا. ا
لأمن هي الفريضة الأولى. إطلاق الحريات والصحافة وبناء الديموقراطية. الاستفادة من تجارب المنطقة. عيون يقظة حادة بأشد من مقلة نسر وآذان الخفافيش وحاسة شم بأشد من الكلاب والذئاب وسمك السلمون (200 ـ 300 ـ 10000 أقوى بكذا مرة) ويد على الزناد وتفقد الارض بأشد من حذر السنجاب الكندي وأرانب أوستراليا.