يسجل تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية بارتياح انهاء عقود من الطغيان والظلم والتعذييب والمعاملات اللاإنسانية المرتكبة ضد الشعب السوري، بالرغم من توالي عديد النداءات الدولية وبلاغات المقررون الخواص المتعلقة بالتنديد بعمليات التعذيب والقتل خارج نطاق القانون وحالات الاختفاء القسري المنتشرة في المناطق المعارضة لنظام بشار الأسد المستبد.
إن القطع مع أساليب النظام السابق وحماية الأرواح والممتلكات ومؤسسات الدولة، وإطلاق رسائل طمأنينة بين مختلف مكونات الشعب السوري، وفتح الحدود أمام ملايين اللاجئين السوريين للسماح بعودتهم الى بلداتهم وديارهم امنين، من شأنه أن يعزز الشعور بأن التغيير نحو الأفضل ممكن في السياق السوري، وسيساهم بفعالية في انخراط الجميع في مسار انتقال ديمقراطي يستند الى سيادة القانون وحماية الحقوق والحريات ونهج أسلوب حكم رشيد، لتسريع إجراءات الثقة في مفهوم الدولة الحامية لمواطنيها الذين افتقدوها لعقود مضت.
فلجوء النظام السوري السابق للاستخدام المكثف لأسلوب الترهيب والقسوة الشديدة اتجاه معارضيه وطلاب التغيير ومدافعي حقوق الإنسان، وكل من يعتقد النظام أنه لا يساير طريقة حكمه وأساليبه البشعة في ترويع المدنيين عن طريق الضرب والإهانات والإذلال والصدمات الكهربائية والحرق وتعريض الضحايا للطلقات النارية والصفع والضرب المبرح للأفراد في موعد إعدامهم والإجبار على مشاهدة تعذيب الآخرين، جريمة نكراء في حق شعب يستحق العيش بكرامة والتمتع بكافة الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، على غرار باقي الافراد والجماعات في مختلف بقاع العالم.
وإذ نهنئ الشعب السوري على انعتاقه من براثن الطغيان والتجبر وخنق أصوات السوريين، وقتل أية فرصة امامهم لاستنشاق نسائم الحرية، فإننا نحذر من معاودة اللجوء الى العنف واسترخاص دم المواطنين السوريين، وندعو الى فتح صفحة جديدة في التاريخ السوري الحديث، قوامها تحصين الأشخاص والجماعات من بطش السلطة وإشراكهم في بناء مستقبلهم على أساس العدالة والمساواة وجبر الضرر وعدم إفلات الجناة المسؤولين عن مأساة الشعب السوري من العقاب.
ويرى تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية بعين الريبة موقف السلطات الجزائرية إزاء دحر مجموعات المعارضة السورية لعناصر النظام السوري السابق والقطع مع أساليب القمع وتهديد حياة الأشخاص والجماعات، ونعتها الأطراف المعارضة بالإرهابية، وتفضيل صيغة الحل السياسي مع أعضاء النظام السابق باعتباره حلا وحيدا للحفاظ على وحدة سوريا وسيادة وسلامة أراضيها، في الوقت الذي ظلت تنكر حق سلامة الاراضي المغربية من التقسيم والتجزئة في حالة الأراضي الصحراوية المغربية، واستمرت تنافح عن حل يضمن تفتيت تلك المنطقة تحت غطاء إنهاء الاستعمار وتطبيق تقرير المصير، في حين اشتد عداءها ضد كل جهة تطالب بالنظر في حالة منطقة القبايل وما يتعرض له شعبها من انتهاكات جسيمة جراء مطالبات سكانها بتقرير مصيرهم.
ويسجل التحالف استمرار السلطات الجزائرية احتضان تنظيم عسكري متسلط على ما يقارب 80 ألف صحراوي بمخيمات تنعدم فيها شروط الحياة الكريمة، ويغيب فيها تنفيذ القانون الدولي والتشريعات الوطنية الجزائرية، ويسود تدبير تنظيم البوليساريو خارج أي مراقبة أممية أو وطنية جزائرية وفي غياب أي إحصاء يضمن حصول هؤلاء الصحراويين على مركز قانوني لهم ولحقوقهم بموجب اتفاقية وضع اللاجئين للعام 1951 وبرتوكولها الملحق.
ويود تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية إثارة انتباه الحكومة الجزائرية إلى أن استمرار التضييق والقمع على نشطاء الحرك والمدافعين عن حقوق الإنسان بالجزائر ومناصرة الديكتاتوريات البائدة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول التواقة للحرية وسيادة القانون، واستمرار احتجاز الصحراويين بمخيمات تندوف لخمسة عقود، لن ينتج الا مزيدا من العنف والاستنكار في وجه حكام الجزائر ومزيدا من الرفض الدولي والشعبي والعزلة لسياستهم العمياء اتجاه الجزائريين والصحراويين وباقي الشعوب التواقة للحرية.
وتأسيسا على ما سبق، نوصي السلطات الجزائرية بـ:
1– الاعتذار للشعب السوري البطل عن تصريحات ممثل الجزائر بمجلس الأمن، ودعم جهود بناء الدولة السورية على مبادئ العدل والمساوة وسيادة القانون وحقوق الإنسان وعدم الإفلات من العقاب للجناة المتسببين في مأساة الشعب السوري.
2– ترجمة تصريحاتها بشأن دعم الفلسطينيين إلى أفعال وتوجيه قوافل المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية إلى قطاع غزة، والكف عن استعمال معاناة الشعب الفلسطيني ومحنته في سعي الجزائر للإضرار بصورة المملكة المغربية إقليميا ودوليا.
3– حث السلطات الجزائرية على توحيد موقفها بشأن قضايا السلم والأمن في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وجعل الحل السياسي سبيلا وحيدا للحفاظ على وحدة وسيادة وسلامة حدود دول المنطقة، بما في ذلك الموقف من النزاع المفتعل حول السيادة على الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية.
4– يشجع تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية السلطات الجزائرية على تحمل مسؤولياتها الدولية في حماية قاطني مخيمات تندوف، والعمل على إحصائهم، والبدء في إنشاء الية مشتركة مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لتدبير شؤون المخيمات وتهيئ الظروف المناسبة للتمتع بالحقوق المنصوص عليها باتفاقية وضع اللاجئين وبروتوكولها الملحق.
5– النظر والتحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة ضد المواطنين الجزائريين منذ عقود، وكذا ما تعرض له الصحراويون بالمخيمات واللاجئين وطالبي اللجوء وعديمو الجنسية الذين نكلت بهم السلطات الأمنية الجزائرية، بما يشمل عمليات نقلهم تعسفيا وتركهم في الصحراء يواجهون مصيرهم بمفردهم.
6– يوجه التحالف عناية الدولة الجزائرية إلى الانصات الى تطلعات شعب القبايل وبناء قنوات حوار جادة للاستجابة لتلك الرغبات، والإيقاف الفوري للإغلاق الكامل والتضييق والقمع اتجاه نشطاء وشباب المنطقة، وإصدار عفو شامل عن المعارضين الجزائريين وبخاصة المنتسبين الى منطقة القبايل.
7– ضرورة فتح تحقيق شامل ومستقل حول جريمة طرد المغاربة من الأراضي الجزائرية سنة 1975، وكشف حقيقة ما جرى وتحديد المسؤوليات ورد الممتلكات لأصحابها وجبر ضررهم المادي والمعنوي.
8– وجوب الانخراط في إعادة بناء سوريا وخلق جو من الطمأنينة والإمكانيات لمواجهة التحديات الناشئة بسبب الحرب ومظاهر القهر والقمع الطويلة الأمد، لخلق السلام الداخلي واستنبات شروط الكرامة والأمل، وحث جميع الأطراف على احترام حقوق الإنسان.