طلعت قديح
بالأمس وعلى صوت القصف المدفعي، بدأت بقراءة نوفيلا “لم يمسسني بشر” للكاتبة وزيرة الطراونة، عبر موقع أبجد، ومن الاسم الأخير عرفت أنها من الأردن ومن عائلة مشهورة، كلما قرأت اسم الطراونة تذكرت رئيس الوزراء الأردني فايز الطراونة أواخر التسعينات وأوائل الألفية.
النوفيلا بدأت بالخاتمة لكنني لم أعلم أنها النتيجة “انتحار”، ما أحزنني هي كمية القهر التي في داخل الجميلة “سارة” وكمية الوساخة في شخصية الأم “ابتسام” وكمية السلبية في شخصية خال سارة وباقي العائلة.
أعلم أن النوفيلا تحتاج إلى توسعات درامية أكثر، وتجاذبات وعدم تكرار في مشاهد الضرب والإهانة، لكن ذلك لا يخفي الألم المتراكم من تشققات داخلية للجميلة سارة، سارة كشفت في قصتها بشاعة الإنسان وجريه وراء المال بجشع غير مسبوق، حتى يصل الأمر لبيع فتاة لكهل شاب شعره، ولم يلتفت في شراهته إلا لقضيبه وإشباع رغبته.
حملت النوفيلا ثلاثة توصيفات للحالة الاجتماعية:
1- الخلل الاجتماعي
2- الخل الاقتصادي
3- الخلل الأخلاقي.
الخلل الاجتماعي في معاملة ابتسام لابنتها الجميلة سارة، ومعاملاتها الغريبة! وهناك خلل آخر أصاب موقف كلا من الجد والأب والخال، مع علمهم بمعاملة ابتسام السيئة لسارة!
الخلل الاقتصادي متمثلا في مساهمة العمة في بيع سارة لجمال الشاب الثري العصري، الذي يقطن في بلد خليجي، ومحاولة إبرام الصفقة بأي ثمن.
الخلل الأخلاقي تمثل في بائع الدجاج المتحرش، ونظرات أهل الحي لسارة وجمالها، وهذا ما سوّد حياتها من معاملة أمها ابتسام.
الناتج المتحصل جاء بعد قرابة الـ18عاما من القهر، مما أفرز ردا شديدا بقرار الانتحار بعد استنفاد كل محاولات الرفض لعملية البيع المسماة “زواج”.

لم يكن قرار إنهاء الحياة سهلا، لكنه أفضل من حياة جواري المتعة واستمتاع الفراش فقط.
لو أردنا الحكم على السياق الروائي نجد أن العقدة ظاهرة للقارئ، الأحداث متشابهة ما بين المد والجزر، العقدة غيرة الأم، وجمال سارة وسلبية الأهل! والسياق الدرامي لا يرتقي إلى الأسلوب الروائي المتقن.
من حسنات القراءة أنها قرأت بجلسة واحدة، ومن سيئاتها أنني سبب ابتسام وزوجها والجد والخال.
كيف تتحكم امرأة بأسرة كاملة ازاء معاملة وحشية لابنتها سارة خلاف ابنتها إيمان وابنها سعيد!
النوفيلا جميلة وخفيفة وبنت حلال، رغم كثرة ألفاظ عاهرة وعا…. وحملات تخوين سارة في شرفها.
أعجبتني مناجاة سارة لسارة وخطابها للخال، ربما كان من الأفضل التمدد في كتابة الخواطر لسارة.
كان يمكن تطوير النوفيلا لمساحات شاسعة لا تنتهي عند الانتحار، بل يمكن مده لإنجاز صراعات أخرى كلما كبرت سارة، خاصة وأن إغفال الزمكان يفتح لاحتمالات الحدوث وتغير الأحداث على طول وعرض البلاد العربية، لأنها لم تكن بحالة نبش كامل للحالة، وإلا لرأينا كثيرا من الأحداث والأوجاع من زوايا مختلفة.
* كاتب من غزة




