تمادى النظام الجزائري، بشكل سافر في إسكات الأصوات الحرة، بسب انزعاجه من الانتقادات المتصاعدة لسياساته العدائية للمملكة المغربية، ودعمه اللا محدود للمرتزقة والانفصاليين خصوصا ميليشيات البوليساريو.
في حقيقة الأمر نشهد حاليا تحولا جدريا ومنعرجا جديدا في مطالب الشعب الجزائري لطي صفحة التوتر مع المغرب التي يؤدي بشكل مباشرة الشعب ثمنها من خلال مواقف النظام العسكري الجزائري المتشنجة، خصوصا اتجاه الشركاء الاقتصاديين الخارجيين حين يبدون مواقف مساندة للمغرب بخصوص قضية الصحراء المغربية.
مؤخرا أقدم النظام العسكري الجزائري، على إيقاف الكاتب الروائي الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال، البالغ من العمر 75 عاما، فور وصوله إلى مطار الجزائر العاصمة قادما من باريس، بدون تقديم أي توضيح رسمي حول أسباب الاعتقال التعسفي.
اعتقلت السلطات الجزائرية الروائي بوعلام صنصال في مطار الجزائر، بعد أسابيع قليلة على تصريحاته التي انتقد فيها بشكل صريح وواضح تأسيس الجزائر لجبهة البوليساريو، ودورها الخطير في زعزعة استقرار المنطقة المغاربية.
فقضية بوعلام صنصال أصبحت الآن ذات رمزية كبيرة نظرا لكونه مثقف مرموق عالميا على غرار كمال داود الفائز بجائزة غونكور وعدد آخر من المثقفين الجزائريين الذين أخذوا على أنفسهم وقرروا رغما عنهم الهروب إلى الخارج للهروب من سياسة الإضطهاد والتنكيل التي يمارسها النظام الجزائري ضد الأصوات الحرة يومياً.
وفي الحقيقة، أصبح النظام الجزائري على المحك وقد يلفظ أنفاسه الأخيرة إن لم يتدارك الأمر على وجه السرعة، لهذا لقد أعذر من أنذر.
وتاريخه شاهد على ذلك، فعلى سبيل المثال، لا يعقل أن يكون أحد كبار المفكرين العرب من الجزائر وهو “محمد أركون” فشل النظام العسكري الجزائري في احتواءه، بسبب مواقفه الصريحة تجاه النظام الجزائري المعادي للمغرب.
الجزائر تلاحق المفكرين والاعلاميين والفنانين، وكان محمد اركون محروما من دخول بلاده، وجعل من المغرب وطنا بديلا حيث تزوج من المغرب ودفن في مقبرة الشهداء بالدار البيضاء، وللإشارة يرمز الدفن خارج التراب الوطني إلى حجم القطيعة.
وهذا ليس غريبا أن تشهد الجزائر الآن موجة من النقد من قبل مثقفين جزائريين ضاق عليهم الخناق بسبب السياسة القمعية للنظام العسكري وفشله في التنمية وبناء علاقات دولية معتدلة.
حيث يقوم النظام العسكري الجزائري بارشاء المؤسسات الدولية، بشكل مستمر من أموال دافعي الضرائب ومن مداخيل أموال الغاز، وفي المقابل يتم تهميش التنمية في البلاد.
كما يقوم بخلق عدو وهمي هو المغرب لاشغال الشعب الجزائري عن المطالبة باصلاحات حقيقية ووقف نهب المال العام.
بالإضافة تقوم السلطات الجزائرية، بقمع و تضييق حرية التعبير في البلاد، وانتهاك حقوق الإنسان، وإسكات الأصوات المعارضة للنظام الجزائري عن طريق الاعتقال التعسفي.
السلطات الجزائرية تتعامل مع المثقفين والمفكرين على اختلاف توجهاتهم السياسية والفكرية والفلسفية.. بمنطق التدجين أو التكميم أو النفي أو التهميش، أو الاعتقال.
الجزائر الآن تعيش منعرج جديد، صحوة المفكرين وغضب في أوساط الشعب الجزائري المثقف، بسبب السياسية العادئية للمغرب ولكل من يساند المملكة في مواقفها العادلة، وهناك العديد من المواطنين الجزائريين يشعرون بالخديعة لما يروج له النظام العسكري الجزائري من أكاذيب.
وكانت عدة منظمات حقوقية دعت الجزائر في عدة مناسبات إلى وضع حد لاستخدام تهم الإرهاب الباطلة لمقاضاة النشطاء والصحفيين السلميين.
ليس هذا فقط بل تواصل الجزائر تصعيد التوترات مع المغرب من خلال انتهاكها لمعاهدة مراكش الموقعة في 1989، التي تنص على احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية.
وعلى الرغم من التزاماتها الدولية، استضافت الجزائر مؤخرا ندوة صحفية لحركة انفصالية وهمية من الريف، وهو ما يتناقض مع تعهداتها بعدم السماح بأي نشاط يهدد استقرار الدول المجاورة.
2 تعليقات