في لحظة ثقافية تستدعي إعادة تأمل العلاقة بين الكتابة والقراءة، وفي سياق كوني يتطلب تجديد أدوات التأويل وتوسيع آفاق الترجمة، يُطل بيت الرواية بالمغرب في دورته التاسعة من المهرجان الأدبي الدولي، محتفياً بالسرد في تجلياته المتعددة، ومتسائلاً عن مآلات النص في زمن التحولات العميقة.
تحت شعار: “الرواية: القراءة، التأويل والترجمة”، تنعقد فعاليات هذا الملتقى الأدبي في الفترة الممتدة من 21 إلى 23 نونبر 2024، متخذةً من قاعة إبراهيم الراضي ببلدية أكادير وكلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية بأيت ملول فضاءين رئيسيين لجلساته وأنشطته المتنوعة، في تأكيد على انفتاح المهرجان على الفضاءات المؤسساتية والأكاديمية.
ومشكّلاً فضاءً للتقاطع بين الرؤى والتجارب، وملتقى للذوات المبدعة التي تسائل الراهن عبر الكتابة، تستشرف المستقبل من خلال النص.
يجمع المهرجان نخبة من أبرز الأصوات الروائية والنقدية في المشهد الثقافي العربي والمتوسطي. فمن المغرب، يحضر المفكر والأكاديمي سعيد بنسعيد العلوي، والروائي والناقد عبد القادر الشاوي، والروائي إسماعيل غزالي، والروائي يونس أوعلي، والروائي محمد حسيم، والروائي رشيد خويا، والروائي عماد الصالحي، في تمثيل متنوع لأجيال الكتابة المغربية وتياراتها.
ومن إيطاليا، تشارك المترجمة والأديبة فرانشِسكاڤالينتِه، إلى جانب المترجمتين الباحثتين كريستينا دوزيو وغراتسيا ديللورو، في تجسيد حي للحوار الثقافي المتوسطي.
كما يثري المهرجان حضور أصوات روائية عربية بارزة: من سوريا: الروائية مها حسن. وتونس الروائية فائقة قنفالي، ومن السعودية الروائي عبده خال، ومن فلسطين الكاتب والناشر خالد سليمان الناصري، ومن اليمن الروائي حبيب عبد الرب سروري، ومن مصر الروائية نجلاء والي،
هذا التنوع في الحضور يعكس رؤية المهرجان في خلق فضاء للتلاقح الثقافي والتبادل المعرفي، حيث تلتقي التجارب السردية المختلفة لتنسج حواراً خصباً حول الكتابة والقراءة والترجمة.
وفي لفتة تكريمية تستحضر العمق الفكري والإبداعي، يحتفي المهرجان بأربع قامات بارزة: المفكر والأكاديمي المغربي سعيد بنسعيد العلوي، صاحب المشروع الفكري المتميز في قراءة التراث وتحليل الظواهر الثقافية المعاصرة؛ والمترجمة والأديبة الإيطالية فرانشِسكاڤالينتِه، التي جسرت بين الثقافتين العربية والإيطالية عبر ترجمات عميقة ورؤية ثاقبة؛ والروائي اليمني حبيب عبد الرب سروري، الذي أثرى المشهد السردي العربي بنصوص تجريبية جريئة، والروائي السعودي عبده خال، ذو الإسهام النوعي والمتميز في المنجز الروائي العربي.
يتميز برنامج هذه الدورة بانفتاحه على فضاءات متعددة في جهة سوس ماسة، متجاوزاً الفضاءات التقليدية نحو المؤسسات التعليمية والمقاهي الثقافية والساحات العمومية.
هذا الانتشار المكاني يترجم رؤية المهرجان في دمقرطة الثقافة، والعدالة الأدبية المجالية، وجعل الفعل الإبداعي ممارسة يومية حية، تتجاوز النخبوية نحو تشكيل وعي جمالي جماعي.
تتنوع فقرات البرنامج بين:
– لقاءات مفتوحة مع الكتاب تسائل تجاربهم الإبداعية وتكشف عن مختبراتهم السردية
– جلسات نقدية تتناول إشكاليات القراءة والتأويل في ضوء التحولات المعرفية والرقمية المعاصرة
– ورشات تكوينية تستهدف صقل المواهب الشابة وتطوير أدواتها التعبيرية
– معارض للكتب تحتفي بالمنجز الإبداعي وتتيح التواصل المباشر بين المبدعين والقراء
– دردشات أدبية في فضاءات غير تقليدية تكسر الحواجز بين النص ومتلقيه
– إن المهرجان الأدبي في دورته التاسعة، بهذا الحضور النوعي للمبدعين والمفكرين، يؤكد دوره كمنصة حيوية لإنتاج المعنى وتجديد أدوات القراءة والتأويل.
فهو ليس مجرد تظاهرة ثقافية عابرة، بل هو فعل تأسيسي يسهم في بلورة وعي نقدي وجمالي جديد، قادر على مواكبة تحولات العصر وطرح الأسئلة الجوهرية حول مصير الكتابة والقراءة في زمن العابر والتحولات الجيو-ثقافية.