احتضنت مدينة الداخلة في أقصى الجنوب المغربي فعاليات ندوة دولية حول قضايا الشباب المغربي بين تحديات الواقع ورهانات المستقبل يوم 02 نونبر 2024، من تنظيم منظمة الشباب الرائد بشراكة مع المعهد العربي لحقوق الإنسان.
وفي إطار جهود هذه الهيئة العربية العريقة في مجال التكوين والتدريب في مجال تعزيز قدرات الشباب والمدافعين عن حقوق الإنسان في المنطقة العربية ككل، في ارتباط بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
حدث مدني تطوعي كسر تمثلاتنا عن إحجام وعزوف الشباب عن الخوض في النقاش العام والمشاركة المجتمعية التطوعية الهادف إلى تكريس مفهوم الانخراط الطوعي في إعلاء مكانة المبادرة الحرة وقوة تأثير الاقتراح وتبادل الرأي وحفظ مكانة متقدمة لقيم التنوع والاختلاف والمساواة وبناء الحجة ومقارعة الأفكار في منطقة كنا نخال لزمن ليس باليسير أن الدولة فقط هي من تستثمر في البنيات والمشاريع المهيكلة لتأهيل المنطقة.
تفاجأ الضيوف بحجم الإقلاع العمراني والاقتصادي الهائل بمدينة الداخلة، وازدادت دهشتهم بفسيفساء من الشابات والشباب من مختلف الخلفيات الثقافية والعرقية يجمعهم حب الوطن الجامع وخدمة المجتمع ببذل وعطاء قل نظيرهما دون انتظار مقابل كما يفعل أصحاب المكان حين تقديم الواجب.
كل شيء كان مهيئ لإنجاز عمل متقن وكأن الكل يحفظ الدور الموكل إليه في مسرحية محكمة السيناريو والإخراج، غير أن الأمر يتعدى ذلك إلى اندهاشنا جميعا أجانب ومغاربة بكيمياء تجمع كل متطوعي تلك المنصة الشبابية الذي لا يجمع بينهم من رباط سوى حب الوطن والأرض وتقاسم قيم العطاء والعمل لمصلحة الاخر أيا كان، والرغبة العارمة في خدمة المجتمع المحلي في صمت ونكران ذات.
خلال جلسات الندوة، يحس المرء أن الألقاب والصفات منعدمة، فلا مسؤولو المعهد العربي لحقوق الانسان بتونس قبلوا بتقديم انفسهم جهة مشرفة، ولا المتدخلين انتشوا بتوصيف أنفسهم خبراء ولا الشباب المشارك ارتكن إلى الصمت وأخذ صور لتخليد اللحظة فقط، دون مشاركة كثيفة ومفيدة في التفاعل مع المحاضرات أو خلال تنشيط الورشات المصاحبة للندوة.
إن الإشادة بهكذ مبادرات خلاقة خادمة للفعل المدني بأقصى نقطة من التراب الوطني المغربي، هو بمثابة إشارات دالة على أن حب العمل والمبادرة كامن في بنيتنا الإنسانية متى أردنا التحرك والمساهمة في التغيير المجتمعي الهادف وبناء الأجيال ومحو الصور النمطية السلبية التي توقف تطورنا وتقدم الأجيال الشابة بوطننا.
ويؤكد تنظيم ندوة دولية من طرف شباب واع من مدينة الداخلة بشراكة دولية مع مؤسسة حقوقية عربية في وقت وجيز ودون وصاية من أحد، أننا تخلفنا كثيرا عن فهم تطلعات هؤلاء الشباب وأن المستقبل لهم، ويلزمنا المواكبة والدعم والتتبع وليس المراقبة وأن السلطات الجهوية أكثر قربا منا لنبض الشارع.
في إشارة إلى دعمها السخي وغير المشروط لهكذا ديناميات ثورية للتغيير الناعم الذي يسخر طاقات الشباب في أخذ زمام المبادرة ولعب دور القوة الاقتراحية التي لا تكتفي فقط بتقديم النصح والمشورة للفاعل السياسي، بل تقتطع فضاءا للفعل الإبداعي الناجع لتذكيرنا جميعا أن التغيير ممكن متى اجتمعت إرادات الخيرين على الانطلاق لتحقيق أهداف ليست في نهاية الأمر سوى استجابة لتطلعات مجتمع تواق للحياة بشروط عيش كريم تحترم إنسانية الأفراد وتجعل الولوج للحقوق أمرا طبيعيا لا يحتاج مطالبة شرسة لتحقيقه، بقدر ما يتطلب تواصلا فعالا ووساطة ومعرفة تشاركية موصلة للغاية دون إثارة انتباه.
فمجيء المعهد العربي لحقوق الإنسان إلى مدينة الداخلة في أقصى الجنوب المغربي، بقدر ما هو مدعاة للفخر، فإنه يشكل خطوة متقدمة في الفعل الحقوقي القائم على الاستجابة العاقلة لمن يبادر ويرسم أهدافا ممكنة التحقق ومضمونة الأثر، وفي هذا الإطار تدخل مبادرات منظمة الشباب الرائد، كخلية نحل لا تتوقف عن التفكير المقرون بالعمل وعن إعداد المشاريع اللصيقة ببيئتها والمنجزة من قبل متطوعيها في قالب شديد المحلية، قوي الدلالة، عميق المغزى، شديد الانتماء.
ويجمع المشاركون في الندوة من المغرب وتونس ولبنان أن قناعاتهم حول الانخراط والاشتغال في الفضاء المدني تعززت بفضل إيمان هذه الخلية العاملة، ولم يكونوا محتاجين لمعرفة أكثر عن المتطوعين أو القائمين على تدبير منصة الشباب الرائد حتى يقيموا الدليل على عزمهم الاشتراك في هذه البرنامج الإبداعي غير المسبوق.
وغير بعيد عن تقييمات الخبراء، رصد موقع أنباء إكسبريس الحماس المتقد لهؤلاء الشباب للتطوع وخدمة مجتمعه ووطنه برحابة صدر وباستعداده للاكتساب وتعزيز المهارات في مختلف مجالات تدخل منظمته، وقابليته للتقاسم والحوار الهادف وكرمه الحاتمي، الذي يلخص تقاليد عريقة في المنطقة أبت أن تمحي امام زحف التمدن والأنماط المعيشة القادمة من الخارج.
ويود موقع أنباء إكسبريس التذكير بأن تلك الديناميات ما كانت لتحدث لولا جهات كرست جهدها وعملها دوليا وعربيا لخدمة قضايا حقوق الإنسان، وانفتاحها على شباب الأقاليم الجنوبية ومنحهم الفرصة لتدشين حلقات مبتكرة من العمل الحقوقي، تتلاقح فيه الأفكار والآراء والمشاعر والقيم الجامعة بين مختلف مكونات الحركة الحقوقية العربية.
وهكذا عود المعهد العربي لحقوق الإنسان المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء بالمغرب وبالصحراء المغربية بشكل خاص، لاستنبات بيئة ملائمة وامنة للاشتغال على القضايا المواضيعية المرتبطة بحقوق الأفراد والحريات، ويؤكد الكثيرون إرادة المعهد العربي لحقوق الإنسان القوية لاحتضان كل المبادرات الخلاقة الهادفة الى تحسين وتعزيز وحماية حقوق الإنسان، لا سيما بالأقاليم الجنوبية.
إن قياس الأثر لما يقوم به المعهد العربي لحقوق الإنسان من جهود جبارة من اجل نشر المعرفة بحقوق الإنسان وإحداث تغيير إيجابي يساعد على البناء ويمحو الصور النمطية السائدة في مجتمعاتنا لا يمكن أن يستقيم إلا بإرادات منخرطة ورغبة عارمة في ترك بصمة في أوساط الشباب وبالدخلة بهذه المناسبة.
وكذلك، تطوع أطر منخرطة ومتطوعة للمعهد العربي، لا ينتظرون سوى علامات الرضى في أوجه الشابات والشباب ليحتفلوا بتحقيق الأهداف، انتصارا لقيم حقوق الإنسان ولمنطلقات ومبادئ التطوع والإشراك في التغيير، على قاعدة التشبث بالكونية وعدم التجزئة والمساوة واحترام الاختلاف.
وجدير بالذكر، أشارت المديرة التنفيذية للمعهد العربي لحقوق الإنسان، خلال فعاليات الندوة الدولية، إصدار اعلان الداخلة، الذي سيتضمن توصيات والذي سيتم إعلانه بعد نهاية الدورات التكوينية.
بالإضافة إلى وضع خطة عمل بين المنظمة والمعهد للسنة المقبلة، وتأسيس تحالف منظمات مجتمع مدني جديد بالمغرب ستكون المنظمة جزءا منه، مع إطلاق حملة وطنية يطلقها المعهد العربي لحقوق الإنسان تهتم بالشباب.