قدم مدافعون عن حقوق الإنسان منحدرون من الأقاليم الجنوبية مرافعات قوية من داخل مجلس حقوق الإنسان التابع للجمعية العامة للأمم المتحدة، في إطار تفاعلهم مع النقاش العام حول البند التاسع من جدول أعمال المجلس المعني بمكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من أشكال التعصب، ومتابعة وتنفيذ إعلان وبرنامج عمل ديربان.
إن قوة ووجاهة تدخلات مكونات المجتمع المدني الصحراوي تجد أساسها في العمل الدؤوب الذي تقوم على مستوى الرصد والتوثيق داخل مخيمات تندوف لتنقل صورة حقيقية عما يجري في تلك المنطقة حول مستوى تمتع الأشخاص الصحراويين بالحقوق والحريات وتوثيق الانتهاكات المرتكبة ضدهم.
وفي هذا الإطار، تفاعل الأستاذ عبد الوهاب الكاين مع نقاش مجلس حقوق الإنسان المخصص لمكافحة العنصري، حيث تحدث عن وجو د العديد من الانتهاكات الجسيمة المرتبطة بارتكاب ممارسات صارخة تتعلق أساسا بالعنصرية الممنهجة ضد الأشخاص الصحراويين من ذوي البشرة السوداء بمخيمات تندوف.
وأضاف المتحدث أن اشكال العنصرية والميز العنصري بالمخيمات، تأخذ أشكالا عديدة، لعل من أشدها امتهانا للكرامة ممارسة العبودية ضد الصحراويين من ذوي البشرة السوداء ولا سيما ما يطلق عليه فئة الحراطين.
وبحسب الناشط الحقوقي، فإن هاته الفئة المنتهكة حقوقها، يمثلون نسبة معتبرة من سكان المخيمات، حيث يقعون ضحايا للإقصاء الشديد والممنهج من مواقع المسؤولية، سواء في الإدارة أو في الجيش، حيث لا يوجد سوى أشخاص قريبون من قادة البوليساريو والمنتمين لمكونات اجتماعية ذات حظوة في هرم التنظيم في خطوة تفضيلية وتمييزية ضدا على مبادئ المساواة والاستحقاق.
وأوضح أن هاته الفئة المستضعفة لا تقوم سوى بالأعمال الشاقة ويتعرضون للتهميش، حتى في الانتفاع من المساعدات الإنسانية، حيث يجعلهم هذا التمييز المؤسسي في فقر مدقع، ويفاقم استبعادهم الاجتماعي والاقتصادي.
وأشار السيد الكاين إلى لجوء عناصر أمن البوليساريو الى قمع جمعية الحرية والتقدم، التي نظمت مظاهرة سلمية في ديسمبر 2022 في الرابوني للتنديد بالإهانات العنصرية التي وجهها مسؤول كبير في قيادة التنظيم ضد فنان صحراوي من ذوي البشرة السوداء، حيث قمع ذلك الاحتجاج بعنف شديد، مع تعريض المنظمون لذلك الشكل الاحتجاجي منذ ذلك الحين للمضايقات والتهديدات، دون أي توفرهم على أية وسيلة للانتصاف تجنبا للانتقام.
ونوه الناشط الحقوقي الى أن ساكنة المخيمات تقع ضحية لتلك الانتهاكات الجسيمة بسبب غياب الحماية الدولية لهؤلاء اللاجئين، وعدم رغبة الدولة المضيفة للمخيمات في إجراء إحصاء رسمي لساكنة المخيمات، وفقا لمقتضيات القانون الدولي، حيث أن عدم توفر هؤلاء الصحراويون على مركز قانوني يحميهم بموجب اتفاقية وضع اللاجئين للعام 1951، يزيد من معاناتهم ويقوي من إمكانيات تعرضهم لانتهاكات جسيمة دون توفر سبل انتصاف وحق في اللجوء إلى المحاكم الجزائرية بسبب تفويض الجزائر إلى اختصاصاتها ومسؤولياتها القانونية والقضائية إلى تنظم البوليساريو في خرق سافر لمقتضيات القانون الدولي.
وطالب الأستاذ الكاين في كلمته امام مجلس حقوق الإنسان الى إجراء تحقيق دولي مستقل لتوثيق هذه الانتهاكات وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة.
وفي مداخلة موازية، ندد السيد سعيد أشمير، ممثل اللجنة الدولية لاحترام وتطبيق الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (CIRAC)، بالعنصرية والقبلية والعبودية في مخيمات تندوف، وسلط الضوء على تهميش الحراطين والقمع الذي يتعرضون له.
وأورد حالة السيد مولود لبيض، وهو شاب صحراوي من ذوي البشرة السوداء لا يزال يخضع للعبودية على يد عائلة ذات نفوذ، مما يدل على إستمرار الاشكال الحديثة للاستعباد بالمخيمات.
كما أدان السيد أشمير القبلية التي تسمح للنخبة المهيمنة باحتكار الموارد وإبقاء الصحراويين السود في حالة من الهشاشة والشعور بالتحقير المتعمد لا يطاق، ودعا مجلس حقوق الإنسان إلى التحرك بشكل عاجل لوضع حد لحالة الإفلات من العقاب على أساس تلك الممارسات العنصرية والتمييزية وضمان حماية السكان في وضعية هشة في مخيمات تندوف.
2 تعليقات