آراءسياسة
أخر الأخبار

أبعاد لقاء.. رئيس مجلس المستشارين محمد ولد الرشيد بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

أحمد متراق

إن عملية التحول في السياسة الخارجية للمغرب تجاه قضية الصحراء من مرحلة الترويج والتسويق الخارجي لمشروع الحكم الذاتي، إلى مرحلة التأسيس للفعل وتنزيل الورش ترتكز على عنصرين أساسيين:

العنصر المادي المرتبط أساسا بالأوراش التنموية الكبرى والبنيات التحتية المتطورة وتوفير فرص الشغل وتشييد وتأهيل البنية الصحية والتعليمية وغيرها، مما يتيح للمواطنين بالأقاليم الجنوبية الاستفادة على قدم المساواة من كل الخدمات العمومية دون الحاجة للتنقل بعيدا..

والعنصر الثاني الذي لايقل أهمية يرتبط أساسا بالعامل البشري عبر تحضير وتأهيل نخب سياسية شابة متمرسة من أبناء المنطقة، قادرة على تدبير الشأن العام مع مراعاة كل الخصوصيات التي ترتبط بالبنية الاجتماعية والهوية الثقافية والتجسيد التاريخي للإنسان الصحراوي..

هذه التوليفة هي الخلطة السحرية للدولة والتي عملت خلال العقدين الأخيرين على تفعيلها وتنزيلها على أرض الواقع.

ما رأيناه اليوم من صور تاريخية لأول ظهور رسمي لرئيس الغرفة الثانية بالبرلمان (محمد ولد الرشيد) من أصول صحراوية وأحد أهم الفاعلين السياسيين بالمنطقة، في لقاء رسمي كرئيس مؤسسة دستورية تشريعية، إلى جانب رئيس دولة عظمى وأحد الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن، والكلمة الترحيبية التي ألقاها أمام برلمانيي الأمة والرئيس الفرنسي.

رسالة واضحة بأن الدولة المغربية مستعدة لتنزيل مشروع الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية، دولة تثق في أبناءها بهذه الربوع العزيزة كما قال جلالة الملك وتثق في كفاءاتهم لتولي أرقى المناصب السامية، ولم يعد دورهم يقتصر فقط على التمثيل المحلي أو الوطني بقدر ما أصبحوا اليوم قادرين على تمثيل المغرب دوليا أيضا.

فلا يمكن أن ننكر اليوم العمل الكبير للفاعلين السياسيين في الصحراء، ولا أن نجحد ما قاموا به من أدوار طلائعية ومهمة إلى جانب الدولة خلال العقدين الأخيرين..

فمن جهة كانوا ولا زالوا يحظون بثقة الساكنة وهو ما يتم تجسيده بلغة الأرقام خلال كل مناسبة إنتخابية من خلال نسب المشاركة المرتفعة والأعلى وطنيا، ما جعلها الحصن المنيع أمام كل الادعاءات الانفصالية وكل المحاولات البئيسة للتشويش على العملية السياسية الديمقراطية بالصحراء.

ومن جهة أخرى عملت هذه النخب على تنزيل الأوراش التنموية الكبرى وساهمت في بسط الرؤية الملكية السامية لرعاياه في الصحراء، ناهيك عن ما تقوم به من أدوار اجتماعية وثقافية مرتبطة بخصوصية الصحراويين التقليدية وعادات المنطقة.

أما وطنيا فلم يعد يقتصر دور النخب السياسية بالصحراء على الممارسة السياسية المحلية والأدوار الانتخابية فقط، فقد أضحت اليوم فاعلا أساسيا في العملية السياسية الوطنية، واستطاعت إثبات ذاتها داخل أعتى الأحزاب السياسية الوطنية، وفرضت نفسها من خلال العمل المستمر داخل الإطارات التنظيمية وصناعة القرار السياسي للأحزاب التي تنتمي لها..

المغرب اليوم مقبل على مستقبل مشرق بعد الحديث الكبير عن قرب حسمه لملف الصحراء بصفة نهائية وطي هذا النزاع الذي عمر طويلا.

ولعل المرحلة المقبلة ستكون الأهم وتوالي الاعترافات والانتصارات الديبلوماسية يجب أن توازيها عملية سياسية وتحضير لعملية الانتقال السلس بالمنطقة.

* كاتب وباحث مهتم بالشأن السياسي

https://anbaaexpress.ma/ylbi3

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى