آراءثقافة

ندبة على خدِّ بيروت

طلعت قديح

منزلقًا بين جنائن فَوحها ولذَّة وطئ ترابٍ يَصمت جنوبًا يَقترح النَّيل من إرثِ الحكاية لجبال تُرتِّل مرثيةَ الماء الأزرق تعبُّ مِن نَحرها اشتعال الحَلق مهفهفةً تلك الخصلات لهسيسٍ يتأوَّه كلما اشتدَّ نشيد الاندهاشِ وعلت أسرار الصَّوت أيكون موَّالاً يعلو كلما زقزق فخذان أم تراه حفيفًا تمايل السُّكر كنسيم ربابةٍ رقصتْ على صَحو مَقام أندلسي تهاوى أمام نبيذِ ما بين الكتفين أرخى رحى الزَّمن الوارفِ بين عينيَّ المنشطرتين لابتسامة الخُلد الماثلة وعناق تلوَّى بسِفر اللِّقاء وكان احتضان العطش يبدد رويدًا رويدا أسطورة الغيابِ ومزامير المسافةِ وتسريحة مملَّةً لاستحالة شقِّ البحر بعصا الاشتعال وعلت زغاريد المسرَّة في الأعالي وجغرافية الحُسن واندلاق مواعيد الضوء للحبل السري الممتد لغناء الإجابة وانزلاقِ السؤال لهامش الاحتضار.

مسكونًا بأحجيات الوحي مؤجلاً حروف الرَّتابةِ في مكانها السَّاذج أدورُ في أمواج عشقها لصُور الحكايةِ ومتاع إحياء أنفاسِ اقتراب البحر تحرق متاهات الفهم وخِرق آفة التِّيه وما بين صُور الشواطئ وتلوُّن الضوء الخالص تُحكم الكلمات صمتها لتذوِّب الحروفَ في شفاهِ رؤيا ما كانت إلا لأجراسِ السبع المثاني الحائرات منذ أول النون بلغةِ الهواء وانغماسِ النَّقش لإنشاد تلويحةِ مفاتيح الغيبِ يا جمرةَ اللَّمس إن نبذتْ وشْمها المُحمَر بمددٍ ذاقَ عاجَ الممراتِ وسُحب النُّدرة.

والصٌُبح
أنفاس القهوة
شتاء اللَّبنة
وزيتونة تشهق لمولودها
طلاء الشِّفاه
وعبور لسماء اللَّحظات المهلهلة
للواحد!

الحجارةُ أزاهيرُ المكان ذاكرة ولائم الزمن لاستلام شهادات الجودة كلما أمسكت يديَّ خطَّ في العِرق وريدُ الحنينِ وتقافزَ اندلاقٌ لاحتمال غفلةِ الوقتِ قبل هجيرِ الموتِ بعام لا امتداد لاختناق الحبِّ حين تلوِّح الحياة بنداءات: حبًّا أيتها الطيور حبًّا يا أثداء الأمهات ارتفاعا يا نُهود العاشقات كيف تسقطُ مدينةٌ تحت قيامةِ شفتين تحتضنان..

وبكاء لقيمات التُّراب تبتسمُ لمواليد برج الحياةِ وأطفالٌ يُراقصون لهبَ النَّهب لجوعِ الهَدم وعباءةِ النِّسيان لطلوعِ الفجر يدثرون ترابهم بأقدامهم الحافية يدلقون على يباسِ العيون نوافيرَ الدعاء أن يا ربَّ النَّدب والذَّبح والقهر والأذى استنفر لنا رحمة السَّاحة وطيّر بدايات خطوط الطول والعرض وقالب المسافات والمساحات وهبْ لنا متاريس الهواء ألا تتسلل لنا قذيفةٌ تقمع ميقاتَ الفرج ومكان الرهق سئم الكون منْ إيقاظ آلة الكتابة لأسماء الرَّاحلين ومدارك القادمين والعائدين ونهش مدافنِ الرُّوح تُسقط مساكنَ التَّمني واستراحاتِ الأمنيات الثِّقالِ على روزناماتِ المعاريج بين موازينٍ حُمر وفتات رمقٍ وغائر زرقة يريد تلويث الدَّم بتخثُّر منحدرٍ لمعابر الانفلاتِ نحو ضوءٍ لا يشبه أضواء المشاغبينَ بحنين الغيم للماء لفضِّ سرِّ أهل الكهف.

عناقاً يابيروت … إيقاعكَ لا يشبهه إيقاع سبت
عناقاً يا غزة … تناورين الموت باصبع الشَّهادة
عمتِ صباحا يا بيروت..
عمتِ صباحا يا غزَّة … أو شبيهة غزَّة.

* كاتب من غزة 

https://anbaaexpress.ma/11z8c

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى