آراءمجتمع
أخر الأخبار

أغلى جواز سفر في العالم

ربما لايصدق القارئ أن جواز السفر السوري كان يصدر يوما أيام الأسد الأب ويختم عليه بالسماح بزيارة كل دول العالم إلا العراق، لشدة البغضاء بين صدام والأسد حتى شنق الأول ونفق الثاني

قبل أيام جددت جواز سفري في كندا لمدة عشر سنوات بكلفة 160 دولار وصل الى بيتي في أقل من أسبوع واستكثرت المبلغ؟  ولكن هل تعلمون من هو أغلى جواز سفر في العالم؟

إنه جواز السفر السوري ذو اللون الزفتي فقد رفعت رسوم إصداره إلى 800 دولار حسبما تناهى لعلمي. فيكسب النظام من لحم السوريين المشردين في أصقاع الأرض، ويقتل ذويهم في حوران والقلمون وهضاب مضايا وبقين.

أذكر هذا لعلمي اليقين بمحنة إصدار جواز السفر السوري.

ربما لايصدق القارئ أن جواز السفر السوري كان يصدر يوما أيام الأسد الأب ويختم عليه بالسماح بزيارة كل دول العالم إلا العراق، لشدة البغضاء بين صدام والأسد، حتى شنق الأول ونفق الثاني.

أنا شخصيا عانيت منه الأمرين، وأذكر يوما أنني أردت تمديد صلاحية الجواز بعد مغادرتي ألمانيا إلى بلد خليجي فرفضت السفارة ذلك. ظننت نفسي في ألمانيا فرفعت التلفون، وطلبت الحديث مع السفير، وقلت له كيف استطيع التنقل بدون وثيقة تقول لي أنني مواطن سوري؟

أجابني السفير بلغة ذكرتني بالبعث السوري: قال طبعا لن نعطيك ماتتحرك به يمينا وشمالا؛ فعرفت أنني وقعت في الفخ، ولم يكن تمديد الجواز بالرحلة السعيدة. كانت رحلة نصب وعذاب حتى تخلصت بالتبرؤ منه، وحملت جواز سفر كندي، يمكنني من السفر براحة، كما كان خلف منحي إقامة خمس سنوات في المغرب بدون كفيل وتأشيرة خروج وعودة محددة بفترة محدودة، بعد إجراءات معقدة لأخلاء طرفي قبل إطلاق سراحي لإجازة ومؤتمر تحتاج إلى 15 توقيع؟

أذكر هذه الظروف المأساوية لأن صديقي أحمد اتصل بي البارحة وهو جراح نطاسي يعمل في بلد عربي،  قال حجزت ورتبت أمور سفري لأفاجأ بمنعي من السفر لقضية لاناقة لي فيها ولا جمل، وعلي ترتيب كفيل غرمي ولو إلى حبل المشنقة.

صديق آخر حدثني عن محنته مع جواز السفر الزفتي السوري؛ فقفز إلى الدومينيكان، حيث رست سفن كولومبوس يوما، وأصبح من رعايا تلك الجزيرة المنكوبة، ولكن بكلفة 25 الف دولار، قلت له وأنا أحدثه انتبه وحاول مراجعة سفارة الدومينيكان ـ إن كان لها سفارة، وحاول إدعاء ضياع جوازات السفر وطلب استخراج جوازات جديدة، للتأكد أنك فعلا من مواطني الجزيرة التعيسة ولست الأتعس السوري المنكوب!

أما صديقي المهندس شكري فقد طار إلى الارجنتين فاستخرج جواز سفر وهو لم يقم في البلد سوى يوما وليلة، ولكن بكلفة محترمة من حزمة دولارات خضراء تسر الناظرين.

وتبقى محنة صديقي الدمشقي محمد الذي عبر البلاد إلى كندا فعاش مع الدببة القطبية في زمهرير كندا ثلاث سنين عددا.

وكان يكرر على مسامعي الجنسية قبل الاختصاص،وصدق فقد تعذب وتشرد، ونال الجنسية الكندية بمشروع استثماري وهمي، حين ادعا أنه يريد تطوير سندويش الهامبورجر إلى (بيتا بورجر)؟ بزيادة طبقات السندويشة.

قالت له القاضية الكندية لم أقتنع ولكن سأوافق لأنك شاب ذكي. أما الزواج بالأجنبيات فقصصها عجيبة، وهو مايسمى زواج الأوراق، فعلها سوريون كثيرون هربا من الجحيم البعثي، ولفترة كان السوريون والعراقيون يهربون من البعث المزدوج، قبل أن يطير صدام إلى حبل المشنقة والأسد إلى مقبرة في قرداحة.

وفي ألمانيا اجتمعت بليبيين أيضا هربوا من جحيم القذافي، قبل أن ينتهي بقذيفة التحالف، ويختم حياته على الخازوق، ويقبر في المجهول ،كما كان شاوسسكو فلا يعثر لهم على رمث ورفات.

ومع كتابتي هذه الأسطر اجتمعت في مونتريال  في كندا بشاب وسيم مثقف صحفي من موريتاني، اعتقل عدة مرات مع اندلاع الربيع العربي، ثم هرب إلى أمريكا وبقي يكافح ست سنين للوصول إلى حالة اللجوء السياسي ففشل، مما دفعه إلى اتخاذ قرار خطير بعبور الحدود الأمريكية إلى كندا مشيا على الأقدام في الثلوج، حدثنا بقصته المثيرة عند عائلة حورانية فرت بدورها من الجحيم البعثي فآوتها امرأة من أهل الكتاب (يهودية) تكفلت بهم. قال الموريتاني عبرت منطقة ليست من المعابر الرسمية؛ فلا يردون أحدا.

قلت له إنها نصيحة إذن لم يريد الحصول على اللجوء السياسي من الهاربين من جحيم العالم العربي أن يتجنب المعابر الرسمية ويلجأ إلى المعابر غير الرسمية وهي على امتداد عشرة آلاف كم بين كندا وأمريكا.  وتبقى آخر قصة في سيمفونية جواز السفر السوري الزفتي هي الفضيحة التي تناقلتها الأخبار أن ألمانيا متطرفا من اليمين، ادعا أنه سوري لاجيء، وحمل الجواز الأسود، وعبر الحدود الألمانية على أنه سوري هارب، ونجحت خطته وكانت المرحلة الثانية في انتظاره، في القيام بعمل إرهابي، ونسبته للسوريين الفارين تشويها لسمعتهم؛ إلا أنه ضبط وكانت فضيحة لليمين الألماني المتعصب.

ويبدو أن الأقدار تدمغ المصائر، وهكذا فالسوري كتب عليه هذه الأيام، أنه من الهاربين أو المقتولين أو الغارقين في عرض البحر، مذكرا بمصير البلاشفة البيض، أو أهل اليمن القديم حين حدثنا القرآن عن قصتهم كيف مزقوا شر ممزق وجعلهم التاريخ أحاديث.

https://anbaaexpress.ma/bbnyl

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى