أفريقياسياسةعاجل

أصدقاء المغرب بنيويورك: الشرعية والسيادة على الصحراء حق مغربي بدون مواربة

ظلت قاعة إجتماعات اللجنة الرابعة بمقر الأمم المتحدة الرئيسي بنيويورك فضاء لتقديم شهادات ومعلومات وازنة لنخبة من المثقفين وقادة الرأي والسياسة والإعلام من مختلف مناطق، الذين لا يرون من حل لنزاع الصحراء المغربية المفتعل سوى مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به المملكة المغربية سنة 2007، بإرادة سياسية واعية وقادرة على الإسهام الجدي في طي الملف الذي عمر كثيرا، مانحة حق تدبير الشؤون المحلية لساكنة الصحراوية في عملية متناغمة مع المركز في المرتكزات ذات الصلة بالمشروع المقترح.

جاءت تدخلات هاته الجهات الدولية المتعددة المشارب جامعة لما تم إنجازه على أرض الواقع من خطط واستراتيجيات للتنمية ووضعت الأصبع على الاوراش التشريعية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية الرائدة للمملكة المغربية في صحرائها، والتي جعلت من المنطقة موقع جذب قاري ودولي لريادة الأعمال وحلقة وصل قاري، سيرسخ مكانة الأقاليم الجنوبية والمغرب بشكل عام كقوة إقليمية إقتصاديا بالرغم من التحديات المرتبطة بالتنافس الجيوسياسي على ريادة المنطقة، والتي تتخذ في بعض الأوقات طابعا عدائيا من جهات في جوار المملكة.

في هذا المجال، قال السيد روبرتو ليون راميريز، رئيس “Fundacion Globale chute Morocco”، أن نزاع الصحراء يدخل في هذه الأثناء لحظة حاسمة، بعد 49 سنة من التماطل والتسويف من بعض الأطراف، ظل المجتمع الدولي يراقب عن كثب الوضع على الأرض، ويشهد تزايد الأصوات التي يؤكد غير ما مرة إعترافها بالمقترح المغربي، وتبرز كونه حلا قابلا للتطبيق وعادلا، ومفيدا لجميع الأطراف المعنية.

ويضيف السيد راميريز، أن المملكة المغربية أثبتت التزامها بتنمية ورفاهية سكان الصحراء المغربية، حيث يتمتع الصحراويون الذين يقيمون بالمنطقة بمستوى معيشي إنساني واقتصادي لائق، في منطقة تشهد نموا ملحوظا، وهو ما يتناقض بشكل حاد مع ظروف الصحراويين الذين يعيشون في المخيمات، حيث مستوى الفقر ينذر بالخطر، وأصبح العديد منهم يرغبون في الالتحاق بالتراب المغربي بحثا عن حياة أفضل، لكن تنظيم البوليساريو مدعوما بالسلطات الجزائرية للأسف تحول دون تحقيق رغبتهم.

إن تتبع ومراقبة مكونات المجتمع الدولي لما يحدث في المنطقة، جعل العديد من القرارات الاستراتيجية للدول الوازنة تنحو منحى الولايات المتحدة الامريكية والعديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والدول العربية والإفريقية التي عبرت عن دعمها للمقترح المغربي بأريحية وبشكل علني لا مواربة فيه، حيث وصفت تلك الجهات مشروع الحكم الذاتي بكونه مقترحا أكثر جدية ومصداقية وواقعية لإنهاء الصراع المفتعل، وهو الموقف الذي يتم التأكيد عليه كل مرة مع إدراك المزيد من الدول للحاجة إلى حل عملي.

وأشار الأستاذ راميريز أن هذه لحظة مناسبة لإقدام دولة الجزائر بموقف واضح حيال جدية وواقعية المقترح المغربي بكل المخرج الوحيد لهذا النزاع الذي دام ما يقارب الخمسة عقود، مضيفا ان على الجزائر أن تتوجه الى التفاوض المباشر مع المملكة المغربية، إذا كانت رغبتها الانتفاع التواصل مع العالم عبر بوابة مغربية بالمحيط الأطلسي، مؤكدا أن عبر الحوار والتفاهم المتبادل فقط يتسنى لنا تحقيق السلام الدائم الذي لا يعود بالنفع على المغرب فحسب، بل على منطقة المغرب العربي برمتها.

وختم المتحدث إفادته بكون الوقت مناسب لكي تدرك الجهات الفاعلة الدولية والإقليمية أن المقترح المغربي لا يمثل السلام والاستقرار فحسب، بل يمثل أيضا فرصا ثمينة للتنمية الاقتصادية للمنطقة بأكملها، وبتشاركية وتوافق جماعي يمكن تحويل هذا التحدي الذي دام عقودا من الزمن إلى فرصة تاريخية لتحقيق التقدم والرخاء المشترك.

من جانب اخر، قال رئيس مؤسسة ألتاميرانو للثقافة وحماية الأطفال، السيد بيدرو إغناسيو ألتاميرانو، إن هذا النزاع المفتعل لم يبق حبيس النقاش السياسي العقيم الذي رافق الملف منذ 50 سنة، بل أرخى بظلاله على قاطني المخيمات، مسلطا الضوء على إشكالية تجنيد الأطفال في مخيمات تندوف من قبل تنظيم عسكري غير دولتي يدعى البوليساريو، في انتهاك صارخ للقانون الدولي بشكل عام وللاتفاقية الدولية المعنية بحقوق الطفل وبروتوكولاتها الإضافية، لا سيما البروتوكول الاضافي المعني بالأطفال والنزاع المسلح.

وإسترسل الأستاذ ألتاميرانو قائلا أن آلاف الأطفال بمخيمات تندوف يتعرضون لممارسات مرفوضة تنتهك أبسط حقوقهم الأساسية، حيث يتم تجنيدهم، وينحدرون من الأسر الصحراوية القاطنة بتندوف ويتم تدريبهم على الأعمال القتالية وخدمات الجندية، الأمر الذي يحرمهم من طفولتهم، ويعرضهم لحالات العنف الشديد والخطر على حياتهم ونموهم ومصالحهم الفضلى.

وتشكل تلك الممارسات انتهاكا مباشرا للبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن مشاركة الأطفال في النزاعات المسلحة، والذي يحظر تجنيد واستخدام الأطفال دون سن 18 عاما في الأعمال العدائية.

وعلاوة على ذلك، يضيف رئيس مؤسسة ألتاميرانو أن تلك الانتهاكات تتعارض مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1612، المنشأ لآليات الرصد والإبلاغ الموثقة للانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في حالات النزاع المسلح.

ويضيف المتدخل الإسباني بأن تجنيد الأطفال من قبل تنظيم البوليساريو المسلح لا ينتهك القانون الدولي فحسب، بل يفضي إلى إدامة دائرة العنف والمعاناة التي تؤثر على أجيال بأكملها، ويساهم في إنفصال هؤلاء الأطفال عن أسرهم البيولوجية، ويحرمهم من الحق في التعليم، ويعرضهم لصدمات نفسية وجسدية لا يمكن علاجها، فبدلا من نشأتهم في بيئة آمنة ومناسبة، يضطرون إلى حمل السلاح والمشاركة في أعمال عدائية عسكرية تفوق قدرة تحملهم وإدراكهم.

إن اتخاذ تدابير ملموسة وفعالة لوضع حد للانتهاك الخطير لحقوق الإنسان المرتبط بتجنيد الأطفال بمخيمات تندوف، لن يتم يضيف السيد ألتاميرانو في غياب إجراء تحقيقات شاملة ومستقلة في مزاعم تجنيد الأطفال في تندوف وتقديم المسؤولين عن تلك الانتهاكات للعدالة وترتيب الجزائيات، وتظافر جهود المجتمع الدولي والدول الأعضاء في اللجنة الرابعة وآليات ووكالات الأمم المتحدة المختصة.

ويرى أن من الأهمية بمكان أن يتم اعتماد وتنفيذ برامج للتسريح من الخدمة العسكرية وإعادة التأهيل الإدماج للأطفال المتضررين، وتوفير الدعم النفسي والتعليمي اللازم حتى يتمكنوا من إعادة بناء حياتهم واستعادة طفولتهم المفقودة، حيث إن حماية حقوق الأطفال يجب أن تكون ذات أولوية في جدول أعمال المنتظم الدولي برمته، ولا يمكن السماح تلك الانتهاكات دون رد وتفاعل من قبل كافة أصحاب المصلحة.

وفي نفس السياق، يرى الأستاذ أنور محمود رمضان، ناشط في مجال حقوق الإنسان ومسؤول العلاقات العامة للمنظمات غير الحكومية الدولية بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، أن معضلة الانفصال لا تزال تقوض السلام والاستقرار والتنمية في افريقيا والعالم العربي، وتهدد سيادة الدول وسلامة أراضيه، فضلا عن تعطيل نسيجها الاجتماعي والتسبب في معاناة وماسي لملايين الأشخاص.

ويستدل الناشط السويسري، من أصل باكستاني على ذلك باستنبات تنظيم البوليساريو على إقليم الصحراء المغربية، وهي جماعة مسلحة انفصالية، مدعومة من السلطات الجزائرية، والتي استمرت تناصب العداء للمملكة المغربية منذ خمسة عقود، مما تسبب في بؤس وتشريد لا يوصف للصحراويين في ضفتي الجدار الأمني.

وتستغل الحركات الانفصالية، مثل جبهة البوليساريو، المظالم المحلية والفوارق الاجتماعية والاقتصادية لتغذية أجنداتها، وكثيرا ما تلجأ إلى الصراع المسلح والإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان، مما يخلق بيئة من الخوف وانعدام الأمن، وتعيق هذه الإجراءات التنمية، وتعطل التعليم، وتشريد المجتمعات، مما يؤدي إلى دوامة من الفقر واليأس التي قد تستغرق أجيالا للتغلب على آثارها.

ويبسط السيد محمد أنور معلومات بشأن معاناة العالم العربي من النزعات الانفصالية، والتي أدت إلى تفاقم الصراعات في بعض البلدان حيث استغلت الجماعات الانفصالية الانقسامات الطائفية وعدم الاستقرار السياسي لتعزيز أهدافها، وغالبا ما كانت العواقب مدمرة للمدنيين.

ويرى المتحدث أن من الأهمية بما كان أن يتبنى المجتمع الدولي موقفا موحدا ضد المد الانفصالي المتصاعد في القارة الافريقية، ويتعين دعم الحكومات الشرعية في جهودها للحفاظ على سلامة الأراضي وتعزيز التنمية الشاملة التي تعالج الأسباب الجذرية لحالة الرفض المنتشرة في الشعوب جراء التضييق والقمع وقلة الموارد، ويشمل هذا الأمر الاستثمار في التعليم والرعاية الصحية والفرص الاقتصادية التي يمكن أن تحسن وضع المجتمعات المهمشة وتسد الفجوة.

ويخلص المتحدث إلى أن تلك الجهود لن تعطي أكلا، دون تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لمكافحة التأثيرات الخارجية التي تغذي الحركات الانفصالية، وتنمية تبادل المعلومات ودعم مبادرات حل النزاعات بطرق سلمية كما هو الشأن بالنسبة لمشروع الحكم الذاتي المغربي، وتوفير المساعدات الإنسانية للسكان المتضررين، للتخفيف من تأثير الانفصال على الناس وتعزيز السلام الدائم، ويدعو السيد محمد أنور تزايد الاهتمام الدولي للتصدي لآفة الانفصال في أفريقيا والعالم العربي، من خلال معالجة الأسباب الجذرية، وتعزيز الحوار ودعم الحكومات الشرعية، لمواهة مواجهة هذا التهديد وتمهيد الطريق لمستقبل أكثر استقرارا وازدهارا وتوحيدا للجميع.

وفي خطوة غير متوقعة، أطل الصوت الفلسطيني بقوة على جلسات اللجنة المعنية بالمسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار، للرد بقوة على الادعاءات التي يروج لها الموقف الرسمي الجزائري وإمتداداته حول تشابه القضية الفلسطينية والصحراوية، وضرورة ربطهما لخلق نوع من التشويق داخل أروقة الأمم المتحدة والمنتديات الدولية الأخرى، ومحاولة تثبيت نوع من الالتباس والحيرة لدى المتلقي بشأن التمثلات حول أحقية وشرعية الشعب الفلسطيني في المقاومة وتقرير المصير والتشبث بالأرض المقدسة، ومطالب البوليساريو بانفصال الصحراء عن المغرب في رفض تام للصحراويين وإنكار للتاريخ والجغرافيا والروابط المتينة بين السكان والعرش العلوي منذ الأزل.

وتفاعلا مع جلسات استماع اللجنة الأممية، أفاد الأستاذ محمد زياد الجعبري، رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية المغربية بأن استمرار النزاع حول الصحراء المغربية المصطنع لما يربو عن نصف قرن، وما يرافق ذلك من ماسي إنسانية وتشرذم للأفراد والأسر وانتهاكات لحقوق الإنسان، لا يمكنه أن يستمر مع صحوة الضمير العالمي وتعاظم التغيير الإيجابي في المواقف الدولية إتجاه دعم المشروع المغربي القاضي بمنح تدبير شؤون الإقليم للساكنة الصحراوية.

وأضاف الأستاذ الجعبري أن توالي النجاحات السياسية والديبلوماسية وتنامي القناعات برجاحة الطرح المغربي، نتج عنه تحقيق المزيد من الاعترافات الصريحة بأحقية المملكة المغربية بالسيادة على كامل ترابها الوطني بما يشمل إقليم الصحراء، في وقت بدأ الموقف الانفصالي يخفت شيئا فشيئا لصالح الوحدة والتعايش السلمي والتنمية وبفضل المتغيرات الإقليمية والدولية التي بدأت مواقف معظم دول العالم بالواقعية السياسية وبالجرأة الديبلوماسية للخروج بموقف واضح اتجاه هذا النزاع المفتعل.

وفي معرض حديثه عن خطة الحكم الذاتي، أوضح الأستاذ الجعبري أن المقترح شكل أرضية صلبة للتفاوض للتوافق على حل سياسي نهائي للمشكل بإجماع المنتظم الدولي، وأشار في السياق ذاته أن دعوة الأمم المتحدة الى العودة الفورية لموائد التفاوض، أثار حفيظة التنظيم الانفصالي ودفعته إلى محاولات التهديد الميداني لمعبر الكركارات الحدودي والانتهاك الصريح لقرارات مجلس الأمن لا سيما القرارين 2414 و2440، في محاولة يائسة لاستنبات تربة خصبة للنشاطات الإرهابية على الحدود المغربية الموريتانية لخلق مزيد من الإلهاء لسلطات البلدين، وهو ما يعد تهديدا حقيقا للسلم والأمن الدوليين في الإقليم.

وأعلن رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية المغربية بشكل صريح استنكاره للإسقاط المختل للواقع والسياق الفلسطيني على نزاع الصحراء المغربية، حيث أكد رفض منظمته والشعب الفلسطيني قاطبة تشبه القضية الفلسطينية وقضية الصحراء المغربية، لأن الحالة الأولى تتعلق بمقاومة إستعمار إستيطاني إسرائيلي يريد اقتلاع جذور الفلسطينيين من أرضهم ومحو كل ما يمت بالتاريخ والجغرافيا الفلسطينية، بينما تتعلق الحالة الثانية باستكمال وحدة ترابية، تكالبت عليها القوى الاستعمارية في السابق، وتعاظمت مطامع الجار الشرقي في قضم جزء من أرض الصحراء بمحاذاة المحيط الأطلسي لضمان تسويق أمن لمنتجاته.

وختم الأستاذ الجعبري كلمته مشيرا الى أن السرقة السياسية والرمزية لم تقتصر على التشبيه المعاق للقضية الفلسطينية بالنزاع المفتعل حول الصحراء، بل تعداه لسرقة رمزية التمثيل السياسي والتفاوضي الفلسطيني، حيث بدأ ممثلو البوليساريو يعقدون المقارنات بين حركة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني وتنظيم البوليساريو بمحاولة تثبيته عبثا كممثل شرعي ووحيد للصحراويين، وأضاف ان السرقة تجاوزت الى استنساخ العلم الفلسطيني المعبر عن ضمير الأمة العربية في كفاح المستعمر وإضافة نجمة وهلال للتمويه.

وإسترشادا بما سبق ذكره، ذكر الأستاذ الجعبري بالمواقف الثابتة للمملكة المغربية ومبادرات جلالة الملك محمد السادس لدعم فلسطين والفلسطينيين وإعتبار القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية وأن ترسيخ مغربية هذه الأخيرة، لن يكون أبدا على حساب عدالة وشرعية القضية الفلسطينية ونضالات الشعب الفلسطيني من أجل كسب حقوقه المشروعة، ودعا السلطات الجزائرية إلى تغليب صوت الحكمة والانخراط بشكل جدي في مسلسل الموائد المستديرة من أجل التوصل الى حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي.

https://anbaaexpress.ma/eg6of

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى