أفريقيامجتمع

بيان.. تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية حول المساهمة في لجنة حقوق الطفل

المساهمة في إعداد التعليق العام رقم 27 لجنة حقوق الطفل

يود تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية إحاطة كافة مكونات المجتمع المدني الوطني والمحلي بمساهمته الكتابية في إطار دعوة لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الطفل كافة خبراء الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الانسان وكذا المنظمات غير الحكومية الأخرى للمشاركة في صياغة التعليق العام رقم 27 بشأن حقوق الأطفال في الوصول إلى العدالة والانتصاف الفعال.

ويرى التحالف أنه بالرغم من إحاطة القانون الدولي بمسألة وصول الأطفال الى العدالة وسبل الانتصاف الفعال، إلا أن الوصول إلى العدالة بوصفها قدرة للفرد على الحصول على علاج عادل وسريع للانتهاكات الواردة على الحقوق، وشرط أساسي لحماية وتعزيز حقوق الإنسان الأخرى، ما زال أمرا صعب المنال بالنسبة لفئة الأطفال، لتداخل الكثير من العوامل المرتبطة بسياقات السلم والحرب، والتمثلات الاجتماعية والتقاليد والعادات والنظم القانونية المختلفة، وكذا تخلف بعض الأنظمة القانونية الوطنية عن ملاءمة تشريعاتها مع مقتضيات اتفاقية حقوق الطفل وبروتوكولاتها الملحقة وغيرها من الاتفاقيات الأساسية لحقوق الإنسان.

واستنادا لمقتضيات المادة الثانية، الفقرة الثالثة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تنص بوجوب ضمان الحق في انتصاف فعال لجميع الأشخاص بمن فيهم الأطفال، وغيره من الصكوك التي تستوجب ضمان وتوفير حماية من الانتهاكات وولوج فعال وامن لخدمات القضاء للأطفال بشكل خاص، نظرا لهشاشة هذه الفئة ولأن وصولهم للعدالة، يمكن من مساءلة المرتكبين، وهو واجب يقع على عاتق الدول الأطراف المتعلق باحترام وحماية وإعمال حقوق الإنسان.

ونظرا لاختلاف الأسباب المؤدية للجوء الأطفال وذويهم وممثليهم الى خدمات العدالة، سواء تعلق الامر بالتورط في إجراءات العدالة الجنائية بسبب التعارض مع القانون أو بسبب أداء شهادة أو وقوعهم ضحايا لجرائم أو في سياقات النزاعات المسلحة، أو بسبب طبيعة الأنظمة القانونية والقضائية والإدارية، مثل حالات الاختفاء القسري والاحتجاز، أو التبني او النزوح أو إشكاليات انعدام الجنسية أو الهجرة، مما قد يعرض الأطفال الى مخاطر جمة، قد يضيع حقهم في الانتصاف والتعويض بسبب التحديات المذكورة سالفا.

غير أن الثابت، يرى مسؤولو التحالف، في حالات تعارض الأطفال مع القانون، تعزيز القناعة بوجوب معاملة الأطفال بطريقة تلاءم الواجب القوي بدعم الطفل وتعزيز شعوره بالكرامة، والعمل على ضمان وصول الأطفال للعدالة ولسبل انتصاف فعالة في جميع الحالات وضمان محاكمة عادلة وسريعة لهم.

وفي هذا الإطار، تقدم تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية بمساهمة كتابية في إطار دعم جهود خبراء لجنة حقوق الطفل والمنظمات غير الحكومية والجامعات وغيرهم من أصحاب المصلحة إلى تقوية الفهم بشأن ضمان وصول الأطفال للعدالة وتعزيز سبل انتصافهم، إذ يعتبر تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية أن وصول الأطفال للعدالة ليس مجرد حق، بل هو السبيل الوحيد الى دعم وإنفاذ جميع الحقوق الأخرى التي ينبغي ضمانها لكل طفل، بما يشمل الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وقد سجل تحالف المنظمات غير الحكومية، وجود الكثير من الأطفال في وضعية انعدام للجنسية، وهو ما يؤثر بشكل قوي على إمكانية تمتع هؤلاء الأطفال بجميع الحقوق الأخرى، بما في ذلك الحق في التعليم والحق في الصحة وغيرها من الحقوق ذات الصلة، حيث رصد التحالف الالاف من الأطفال المولودين بمخيمات اللاجئين الصحراويين بمنطقة تندوف جنوب غربي الجزائر، منذ إنشاء تلك المخيمات في العام 1975، حيث لم يخضعوا بمعية أسرهم لإحصاء أممي، على قاعدة الحوار الفردي، لمعرفة مناطق سكناهم الاصلية وأسباب هجرتهم أو تهجيرهم أو نزوحهم واستقرارهم بتلك المخيمات على أرض الجزائر، وتحديد الاحتياجات الإنسانية لقاطني مخيمات تندوف.

وأضاف التحالف تأثير عدم إحصاء صحراويي مخيمات تندوف بشكل كبير على المركز القانوني للأطفال الصحراويين، والدفع بهم الى حالات انعدام الجنسية، لعدم توفرهم على وضع قانوني ناتج عن إدراجهم في إحصاء شامل لساكنة المخيمات، يخول الأطفال بمقتضاه التمتع بالحقوق الواردة في الاتفاقية الدولية لوضع اللاجئين للعام 1951 وبروتوكولها الملحق للعام 1967.

ويؤكد التحالف، أن عدم السماح بإحصاء الأطفال الصحراويين من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، لا يدع فرصة أمام هؤلاء الأطفال للوصول للعدالة، او تمتعهم بسبل انتصاف عادلة امام المحاكم الوطنية الجزائرية، أو منحهم إمكانية الولوج الى سبل التقاضي الدولي، أو إيصال بلاغاتهم الفردية الى لجنة حقوق الطفل، بالرغم من تواجدهم على التراب الجزائري، غير ان تفويض سلطات الدولة المضيفة للمخيمات لجبهة البوليساريو صلاحياتها في الاشراف على تنظيم المخيمات ومباشرة الاختصاصات الأمنية والقضائية، قلص من فرص حماية حقوق الأطفال في الوصول الى العدالة الوطنية او الدولية، وأصبح معه مستحيلا التوجه الى اللجنة بخصوص انتهاكات واردة بالمخيمات ضد الأطفال، لأن الدولة الطرف دائما تعلل رفضها للتعامل مع هذا النوع من البلاغات، بكونها خارج اختصاصاتها وبأنها تؤول الى حركة البوليساريو، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.

وقد أوصى تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية بتشجيع لجنة حقوق الطفل على تسليط الضوء على تفشي حالة انعدام الجنسية في مخيمات اللاجئين الصحراويين بمنطقة تندوف جنوب غربي الجزائر، لما لها من أثر مدمر على التمتع بالحقوق والحريات وحماية الأشخاص والجماعات، وإنكار أي حق في الوصول الى العدالة وسبل انتصاف عادلة لا سيما بالنسبة للأطفال.

وأثار التحالف انتباه خبراء اللجنة الى أن التوصية بتصحيح المركز القانوني للصحراويين بمخيمات تندوف، وتنفيذ ملاحظات لجان المعاهدات الختامية القاضية بإلغاء تفويض السلطات الجزائرية لاختصاصاتها لتنظيم البوليساريو، من شانه ان يعزز فرص وصول الأطفال الصحراويين الى العدالة، ويضمن لهم سبل انتصاف عادلة سواء في المحاكم الوطنية الجزائرية او على المستوى الدولي، لأن إتاحة الوصول إلى العدالة للأطفال الصحراويين، سيعود بالنفع على الصحراويين القاطنين بالمخيمات وعلى أطفالهم، ومن شانه ان يعزز حقوق الإنسان وسيادة القانون على المستوى الوطني، في علاقة بتطوير الممارسات الفضلى في مجال التقاضي الاستراتيجي لتوفير اكبر حماية لحقوق الاطفال.

وعلى هذا الأساس فإن تحقيق العدالة للأطفال الصحراويين بمخيمات تندوف، تهدف بالأساس إلى تصحيح أوضاع غير قانونية للأطفال والأشخاص البالغين منذ إنشاء المخيمات، علاوة على ضمان حصولهم على خدمات نظام العدالة بما يخدم مصالحهم الفضلى وفقا للمعايير والقواعد الدولية.

وأرجع التحديات التي تعترض الوصول الى العدالة إلى تعقيد أنظمة العدالة، وجهل الأطفال بحقوقهم وغياب وجود خدمات قضائية تعني حالاتهم، وافتقارهم الى المعلومات الضرورية حول الأماكن الواجب التوجه إليها والإجراءات الواجب اتباعها للحصول على سبل انتصاف عادل، بالرغم من توفر أطر قانونية شاملة وضامنة لحقوق الأطفال.

وأثار التحالف مسألة خوف الأطفال بسبب صغر سنهم من نظام العدالة عموما، والخشية من تداعيات الولوج الى خدمات القضاء، خصوصا المضايقات أو الوصم أو الهجران أو الانتقام منهم ومن أسرهم، ومن جهة أخرى عدم تأكدهم من ان شكاياتهم ستأخذ على محمل الجد وسيتم النظر إليها بشكل عادل بغض النظر عن صغر سنهم، أو جنسهم أو خلفيتهم العرقية او الثقافية.

وفي سياقات مختلفة، ازدياد تخوف الأطفال من التعرض للانتقام، بما في ذلك العنف، والترهيب، والاستبعاد، والنبذ، خصوصا في حالات غياب القانون وسلطة مركزية تنظم أحوال الناس، حيث أنه بالرجوع الى حالة الأطفال في مخيمات اللاجئين الصحراويين، فإن الجهة المشرفة على خدمات العدالة ليست وطنية تتمثل في سلطات الدولة الجزائرية، وإنما تنظيم عسكري، يحظر على مجموع القاطنين بالمخيمات الصدح بما يتعرضوا له من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وذلك راجع لاعتياد السكان على حقيقة كون الانتهاكات أمرا ممنهجا وعاديا بالمخيمات، وليست انتهاكات تستوجب تقديم معلومات بشأنها للمحاكم، قصد دفع الضرر والمطالبة بالتعويض.

وأوضح التحالف بشأن الحواجز القائمة أمام تحقيق سبل انتصاف فعال، وجوب تقديم معلومات بشأن عدم نجاة الأطفال والطفلات القاطنين بمخيمات تندوف من الاختطاف، حيث تعرضت كل من الطفلة تتاها منت محمد عبد الله ولد شبيه وفاطمة علي بوحبين وصفية منت الحسان ولد احميدا، والكورية محمود وفاطمة محمود والغالية البشير للاختطاف، وما يترتب عنه من احتجاز وأضرار بدنية ونفسية بليغة، واستحالة إمكانية الوصول للعدالة بسبب تهرب السلطات الجزائرية من تحمل مسوؤلياتها الدولية ذات الصلة بحماية الأطفال المتواجدين بالمخيمات.

ويشير تقرير التحالف إلى أن دولة الجزائر لا تعمل على متابعة التوصيات الصادرة من لجان المعاهدات، وإن عملت على معالجة جزئية لبعضها، فإنها تستثني منطقة تندوف، مع العلم بأنها تقع ضمن مسؤوليتها القانونية وأنها ملزمة بمعالجة كل الانتهاكات التي تقع في حدود أراضيها دون استثناء، وهو ما يخالف التوصية التي قدمتها اللجنة المعنية بحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم بمناسبة استعراضها لتقرير الجزائر حيث أكدت على التزام الجزائر بضمان تمتع المهاجرين بمن فيهم المهاجرون في وضعٍ غير قانوني بنفس الحقوق التي يتمتع بها المواطنون قانونا وممارسة، كالحق في تقديم الشكاوى بشأن انتهاك حقوق الإنسان المكفولة لهم والحق في الوصول إلى آليات الانتصاف.

وفي نفس السياق، أوضح التحالف أن لجنة الخبراء التابعة لمنظمة العمل الدولية طلبت من الجزائر ضمان التحقيق في جميع حالات الاتجار بالأطفال واستغلالهم جنسيا، كما قدمت للدولة الجزائرية العديد من التوصيات بمناسبة استعراض تقريرها أمام آلية الاستعراض الدوري الشامل خلال سنة 2012.

وسلط التحالف الضوء على الانتهاكات الجسيمة المرتبطة بالتجنيد العسكري لأطفال المخيمات، والصعوبات البالغة فالمرتبطة بالوصول لخدمات العدالة، لاستحالة إمكانية التوجه بشكاويهم للمحاكم الوطنية الجزائرية، بسبب التفويض الكامل لولايتها القانونية والقضائية لتنظيم البوليساريو، وفي غياب اهتمام المجتمع الدولي بضرورة تسوية المركز القانوني للصحراويين بالمخيمات، حيث ستظل تظلمات الأطفال الصحراويين المتعلقة بتجنيدهم الاجباري او بانتهاكات أخرى طي الكتمان، في غياب ضمانات دولية وأممية بحماية هؤلاء الضحايا في حال توجههم لخدمات القضاء.

وقد أوصى تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية بضرورة تنفيذ المعايير الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان لأنها توفر إطارا شاملا لضمان وصول الأطفال إلى العدالة، باعتبارها شرطا أساسيا لحماية وتعزيز جميع حقوق الإنسان الأخرى للأطفال، وعلى هذا الأساس يجب لفت انتباه الدول الى ضرورة تنقيح تشريعاتها الوطنية وسياساتها وخططها وإجراءاتها لضمان الامتثال بشكل أفضل للمعايير الدولية، وخاصة اتفاقية حقوق الطفل وبروتوكولاتها الاختيارية.

https://anbaaexpress.ma/8j662

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى