يخلد تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية الاحتفاء باليوم العالمي للديمقراطية، وسط سياق سياسي معقد في العالم بأسره، تتقاذفه مصالح القوى العظمى والتكتلات الإقليمية، وانتشار الصراعات والنزاعات المسلحة في كل مكان، في تقصير واضح في مجال حماية حقوق الناس وقمع والتضييق على الفئات الأكثر هشاشة كاللاجئين وملتمسي اللجوء والمهاجرين والنازحين وعديمي الجنسية.
وتشعر مكونات التحالف بقلق بالغ حيال وضع المهاجرين القادمين من دول الساحل جنوب الصحراء إلى دولة الجزائر كدولة عبور للمرور إلى القارة الأوروبية، لما يعانونه من قمع شرس وتعذيب وسوء معاملة وطرد في الحدو د الصحراوية بفرص ضئيلة للنجاة من الموت بفعل شساعة الصحراء الجزائرية وقساوة المناخ ودرجات الحرارة المفرطة وتنصل السلطات الجزائرية من التزاماتها الدولية في حماية المهاجرين وضمان حقهم في الحياة والسلامة الجسدية وحفظ كرامتهم.
في انتهاك صارخ لمبدأ عدم الرد، الذي يلزم الدول بعدم طرد أو إعادة أي شخص قسريا لدولة أو إقليم تكون فيه حياته مهددة، أو مناطق تشهد اضطرابات او نزاعات مسلحة، بموجب المقتضيات المنصوص عليها في الاتفاقية الدولية لوضع اللاجئين للعام 1951 والتشريعات الإقليمية والوطنية للاجئين والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، بالإضافة الى صفة الإلزامية المنصوص عليها بموجب القانون العرفي الدولي.
إن النظر الى حالة الديمقراطية بالجمهورية الجزائرية يبعث على القلق الشديد من تردي مظاهر الديمقراطية في البلد، خصوصا ما تعلق بالمشاركة السياسية والحكم الرشيد وحماية الحقوق والحريات وإشراك الأشخاص في بلورة السياسات والمساواة وبناء السلم والأمن المستدامين.
ويأسف تحالف المنظمات غير الحكومية بشأن تراجع مؤشرات الديمقراطية في الجزائر بشكل سريع، نظرا لتغول الأجهزة الأمنية بتضييق الفضاء المدني وتسجيل تراجعات مرتبطة بسحب التراخيص القانونية للمنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان ومحطات الراديو المستقلة وإغلاق الصحف وسجن الصحفيين والسياسيين الذين لا يتقاطعون مع السلطات، وهو ما يقلل منسوب الثقة في مؤسسات الحكم ويرهن تداول السلطة ويشكك في نزاهة الانتخابات المنظمة مؤخرا ويقوي مزاعم التحكم في النخب السياسية والنقابية والمدنية، ويفرغ الديمقراطية الجزائرية من مضمونها فكرا وتأطيرا وممارسة.
إن إحداث تغيير جذري في الجزائر، لن بتحقق في غياب تهيئ أرضية خصبة لاستنبات نقاش عمومي جاد للتصالح مع الماضي الأسود وفسح المجال لمختلف فئات الشعب للمشاركة في الشؤون السياسية وتحرير الفضاء السمعي البصر ي والحيز المدني من قبضة الجهات الأمنية، والاستجابة لتطلعات سكان منطقة القبايل في تدبير شؤونهم بأنفسهم وحماية ثرواتهم وموروثهم الحضاري والثقافي من التلاشي بفعل سياسات حكومية عمياء.
ويرى تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية، أن فرض أي نموذج للديمقراطية لا يتماشى مع رغبات السكان بالجزائر، لن يؤتي أكله في ترقية حماية حقوق الإنسان، وستظل الهوة ماثلة بين الدولة والمواطنين وقد تعصف بجو السلم الاجتماعي الهش، قد تنتج عنها تصدعات لا تحمد عقباها.
إن استمرار السلطات الجزائرية في اللعب بقضية 80 ألف صحراوي بمخيمات تندوف بجنوب غربي الجزائر، ومحاولاتها اليائسة لإقحامها في أي نقاش يخص المملكة المغربية، سواء في مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس حقوق الإنسان، وتقويض جهودها الإقليمية والدولية في بسط السلم والامن الدوليين وتنفيذ نموذج تنمية مستدامة وحكامة وطنيا وقاريا، يعد عائقا كبيرا في تسوية نزاع الصحراء وتنمية وبناء التكتل الإقليمي الأقل تماسكا بفعل تدخلات وعراقيل الحكومات الجزائرية المتعاقبة.
ويدعو تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية المنتظم الدولي الى حشد المزيد من الجهود من أجل النظر بكثير من الاهتمام الى وضعية الصحراويين المتواجدين بمخيمات تندوف، من اجل ضمان إجراء إحصاء شامل لهم تحت إشراف المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، يكفل التمتع بالحقوق الواردة بالاتفاقية الدولية لوضع اللاجئين.
ويطالب تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية السلطات الجزائرية بتفعيل التزاماتها الدولية بشأن حماية الصحراويين القاطنين بمخيمات تندوف، وتحمل مسؤولياتها ذات الصلة، والمضمنة بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمشاركة بحسن النية في مجهودات الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للوصول الى حل يراعي تطلعات الصحراويين في جمع شمل على حل توافقي نهائي تحت السيادة المغربية والقطع مع محاولات استخدام الصحراويين ذرائع للتشويش على الجهود الدولية الرامية الى جعل المنطقة خالية من الانتهاكات وإسكات البنادق وجعل شمال افريقيا منصة اقتصادية لتطوير افريقيا.
ويؤكد التحالف أن أمن الجزائر وسلامة أراضيه في خطر، في ظل تعنت السلطات وتضييق المشاركة السياسية داخل البلد، واعتناق نموذج ديمقراطي صوري للالتفاف على مطالب الشعب الجزائري، وإغلاق مخيمات تندوف بالكامل امام اليات الأمم المتحدة الحمائية والمنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان، ويوصي التحالف الحكومة الجزائرية بجعل احترام القواعد الديمقراطية وشفافية العملية السياسية وسيادة القانون ديدنا للسلطات الجزائرية وداعما لسلمية المجتمع وحفظ وحماية حقوق مواطنيه.
* بيان تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية