في إطار تفاعل المنظمات غير الحكومية المغربية مع أشغال دورات مجلس حقوق الإنسان التابع للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو الجهاز التنفيذي لسياسات وتوجهات حقوق الإنسان العالمية، بادرت أربع جمعيات مغربية للتنديد بممارسات الاختفاء القسري الممنهج التي تلجأ إليها جبهة البوليساريو لقمع وكتم الأصوات المعارضة لها.
وأبرز المشاركون في هذا النشاط الموازي، ارتكاب انتهاكات جسيمة تتعلق أساسا بالاتجار بالأطفال الصحراويين بذرائع احتيالية قصد التبني، وأوضح المتدخلون أن المجتمع الدولي يجد نفسه في مواجهة المعايير الأخلاقية التي تؤطر عمل الأمم المتحدة وكافة قواعد السلوك والمبادئ التي تتوكأ عليها الاتفاقيات الدولية الأساسية لحقوق الإنسان، كلما انتهكت البوليساريو حقوق الإنسان وارتكبت عمليات اختفاء قسري، وتزداد الحاجة لاستعجالية تدخل المنتظم الدولي لوضع حد لهذه الانتهاكات واستعادة الحقوق الأساسية للمتضررين.
وتبعا لذلك رحب السيد مولاي لحسن ناجي، ممثل شبكة الوحدة من أجل تنمية موريتانيا، بتقرير مفصل للمفوض السامي لحقوق الإنسان، حول الوضع العالمي لحقوق الإنسان خلال مداخلته، مع التركيز على قضية الاختفاء القسري كموضوع رئيسي للدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان.
وفي هذا السياق، أشار السيد ناجي بشكل خاص إلى قضية اختفاء السيد خليل أحمد أبريه قسريا، المدافع والمستشار في مجال حقوق الإنسان، سنة 2009 بالجزائر العاصمة. ورغم مرور عقدين من الزمن، إلا أن عائلة المختفي قسريا لا تزال في حالة من عدم اليقين التام، دون تملك أدنى معلومات عن مصيره أو ظروف اختفائه.
وأكد الأستاذ شيبت مربيه ربو، بإسم اللجنة الدولية لاحترام وتطبيق الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (CIRAC)، أن لاجئي تندوف، لا زالوا محتجزين بمخيمات جنوب غربي الجزائر منذ خمسة عقود، وقد ظلت تلك المخيمات مسرحا لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، ترتكبها الجماعة المسلحة التابعة لجبهة البوليساريو.
وقد كانت موضوعا لتقارير ورصد وتوثيق العديد من المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان والاليات الدولية لحماية حقوق الإنسان، لا سيما لجان المعاهدات والية الاستعراض الدوري الشامل.
وشدد السيد شيبت على أن البوليساريو تلجأ الى استخدام الاختفاء القسري بشكل ممنهج ضد الصحراويين في مخيمات تندوف لترهيبهم، لا سيما الأقليات والمثقفين والأشخاص الذين يحوزون معلومات حساسة متعلقة بالملف الحقوقي والانتهاكات التي ترتكبها قيادة التنظيم.
وعرج المتدخل على حالة اختفاء المستشار السابق لحقوق الإنسان بالبوليساريو، الدكتور الخليل أحمد، الذي كان موضوع بلاغات للفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وأوصى السيد مربيه ربو السلطات الجزائرية بوقف تفويض ولايتها القانونية والقضائية لتنظيم البوليساريو العسكري.
بينما سلط السيدة كاسامباري الضوء أيضا على الوضع المثير للقلق في مخيمات تندوف بالجزائر، حيث تتورط جماعة جبهة البوليساريو المسلحة في تهريب الأطفال الصحراويين تحت ذرائع الولوج للخدمات الاستشفائية ودعم الحق في التعليم.
وأوضحت أن هؤلاء الأطفال يتم بيعهم لأسر في إسبانيا وفرنسا في إطار برامج تبني مؤقت زائفة، في حين أنه في الواقع يتم التلاعب بهم واستخدامهم لأغراض الدعاية السياسية في إطار أجندة البوليساريو الانفصالية، مما يشكل انتهاكا خطيرا لحقوقهم ومساس بسلامتهم وتعسف على مصالحهم الفضلى في انتهاك صارخ لمقتضيات اتفاقية حقوق الطفل.
وتفاعلا مع موضوع الاختفاء القسري ضمن نشاطات دورة المجلس الموازية، قال السيد الفاضل ولد ابريكة، المعتقل السياسي السابق بمخيمات تندوف، باسم منظمة سيناكولو “El Cenacollo”، في نداء إلى السيد المفوض السامي لحقوق الإنسان أن القوات المسلحة الجزائرية ترتكب انتهاكات خطيرة ضد اللاجئين الصحراويين، عن طريق ارتكاب اعدامات خارج نطاق القانون أو بإجراءات موجزة للشباب الذين يحاولون الفرار من مخيمات تندوف من أجل اللجوء لأسباب اقتصادية.
وندد السيد بريكة بإعدام أكثر من 20 شابا صحراويا، منذ بداية العام من قبل الجيش الجزائري، دون أي أساس قانوني، موضحا أن أعمال العنف هذه غالبا ما تتم بتواطؤ مع قادة جبهة البوليساريو الذين يواصلون تنفيذ حملات ترهيب ضد عائلات الضحايا ويهددونهم بالانتقام في حال احتجاجهم على ما تعرض له أبنائهم، ويجبرونهم على الصمت ويمنعون من طلب إجراء تحقيقات في الظروف والسياقات المحيطة بوفاة أحبائهم.
وأورد السيد الفاضل ابريكة بالتدليل على بشاعة تلك الانتهاكات بمثال صادم، يتمثل في الهجوم الذي شنته طائرة جزائرية بدون طيار في 24 مايو الماضي ضد مجموعة من الشبان الصحراويين المدنيين في منطقة أيكيدي، حيث قُتل 14 شابا.
وظلت الجثث متناثرة على الرمال لمدة أربعة أيام، مكشوفة للحيوانات، قبل أن ينتشلها متطوعون صحراويون لدفنها في المخيمات بشكل سري مخافة إجراءات عقابية مشددة من قبل أجهزة الامن والاستخبارات الجزائرية. وعلى الرغم من فظاعة هذا العمل، لم تفتح السلطات الجزائرية أي تحقيق يذكر، بل على العكس من ذلك، تم تهديد أهالي الضحايا لمنعهم من التحدث علنا..
وفي الختام، أبرزت النداءات التي وجهها أعضاء المجتمع المدني المشارك في دورة مجلس حقوق الإنسان الحاجة الجماعية الملحة لوضع حد للانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان المرتكبة بالمخيمات، بما في ذلك حالات الاختفاء القسري.
واتفق جميع المشاركون على ضرورة قيام المجتمع الدولي بممارسة ضغوط حاسمة لتحقيق الهدف النهائي المتمثل في الحصول على إجابات مقنعة حول حالات الاختفاء في المخيمات، وضمان الشفافية وتحقيق العدالة، وفرض تدابير صارمة لحماية الضحايا.