عبد المجيد النوري
شهدت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان موجة من الانتقادات من طرف الطلبة المقبلين على اجتياز مباريات الماستر، وذلك عقب إصدارها قرارًا يقضي بإلزامية تقديم ملفات ترشيحهم بصفة شخصية، مع ضرورة أخذ موعد مسبق لتسليم هذه الملفات، وذلك على الرغم من أنهم قاموا بالتسجيل الأولي في المنصة الرقمية التي أطلقتها جامعة عبد المالك السعدي.
ونشير في هذا الصدد إلى أنه بعد مرحلة تقديم الملفات الورقية، تأتي مرحلة انتقاء الملفات من قِبل الطاقم البيداغوجي لكل ماستر، ثم مرحلة إعداد لائحة المدعوين لاجتياز الاختبار الكتابي. وهذا يعني أن إمكانية قبول أو رفض المترشح تبقى نسبية يعتمد فيها على معايير الانتقاء التي يحددها الطاقم البيداغوجي لكل ماستر.
وفي إطار تبسيط المساطر الإدارية، كان من الممكن إنشاء منصة رقمية تبرمج فيها معايير الانتقاء لكل ماستر، بحيث تحدد المنصة تلقائيًا لائحة المترشحين الذين استوفوا الشروط المطلوبة، مما يعفي الطلبة من تحمل عناء التنقل لتقديم ملفاتهم بالكلية.
وقد أثار هذا القرار استياءً كبيرًا، خاصة بين طلبة الأقاليم الجنوبية والوسطى للمملكة الذين رأوا في هذا القرار نوعًا من الإقصاء الممنهج، باعتباره يعقد الأمور عليهم ويضعهم في وضعية غير متكافئة مقارنة بطلبة الأقاليم الشمالية الذين لديهم سهولة أكبر في الوصول إلى الكلية. واعتبر الطلبة أن هذا القرار يعوق مسارهم الأكاديمي ويزيد من الأعباء المالية والتنقل.
والجدير بالذكر أن كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان اعتمدت مؤخرًا مسالك ماسترات ذات الصلة بمجال الرقمنة مثل ماستر “قانون الرقمنة والمعاملات الإلكترونية” وماستر “المنازعات والتحولات الرقمية”، مما يعمق التناقض بين التكوين الأكاديمي والإجراءات الإدارية المتخذة. إذ يتطلب تجسيد هذه الرقمنة في جميع جوانب العمل الجامعي، بما في ذلك المساطر الإدارية.
وأعرب العديد من الطلبة عن استغرابهم من هذا التناقض بين توجهات الكلية نحو الرقمنة وبين الإجراءات المتخدة، حيث أن المنصة الرقمية كانت تهدف إلى تبسيط المساطر الإدارية والتخفيف من الأعباء، غير أن إلزامية تقديم الملفات شخصيًا تعيد الأمور إلى نقطة الصفر، متجاهلة بذلك الاستراتيجية الوطنية للمغرب الرقمي 2030 التي تهدف إلى تطوير الخدمات العمومية الرقمية وإلى تحسين أداء الإدارة المغربية في المؤشرات العالمية، منها مؤشر تطوير الحكومة الإلكترونية التابع للأمم المتحدة، إذ يحتل المغرب الرتبة الـ113، والهدف هو الانضمام إلى لائحة الدول الخمسين الأوائل عالميا، والأولى إفريقيا.
وبالرجوع إلى المادة 4 ولا سيما البند الثالث من القانون رقم 19-55 يتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية نجد أنه ينص على : “من أجل إنجاز المساطر والإجراءات المتعلقة بالقرارات الإدارية، تقوم العلاقة بين الإدارة والمرتفق على المبادئ العامة التالية :… – تبسيط المساطر والإجراءات المتعلقة بالقرارات الإدارية، لاسيما بحذف المساطر والإجراءات غير المبررة… والعمل على التخفيض من المصاريف والتكاليف المترتبة عليها بالنسبة إلى المرتفق والإدارة”.
وبالتالي، فإن القرار الذي اتخذته الكلية يشير إلى عدم الامتثال لتطبيق القوانين المعمول بها، وباعتبارها كلية يدرَّس فيها القانون، كان من المفترض أن تكون سباقة في تطبيق القانون.
كما يعكس هذا القرار الذي تتخذه كل سنة على نيتها الواضحة في استبعاد طلبة أقاليم الجنوب والوسط للمملكة من الولوج لسلك الماستر. وتجدر الإشارة إلى أن كلية الحقوق بتطوان ليست الوحيدة التي تعتمد هذا الإجراء، بل أيضًا كلية الشريعة بفاس وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك.
وفي الختام، ندعو الكلية إلى التراجع عن هذا القرار من خلال ضرورة اعتماد منصة رقمية في عملية الانتقاء الأولي، بدلًا من إلزام الطلبة بتقديم ملفاتهم الورقية بصفة شخصية، وذلك لضمان مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع طلبة المملكة، سواء من الشمال أو الجنوب.
* مستشار في التوجيه المدرسي والجامعي