أوس أبو عطا
فوق بنايةٍ تعاني من شللٍ نصفي..
هبطت شحنة مساعدات
سقطت عمدا من طائرةٍ مُسالمة
حملت الموت في صناديقها..
لمعت كشهاب الدجى
في عيون الأطفال المكبّلة
بسحب الدخان المسبوقة بالانفجارات وسقوط الأبراج
وبرك الدّماء في الشّوارع الكسيرة
وآذانهم المحشوّة بالصراخ والعويل والنواح..
لو قدِّرَ لهم
لجمعوا اسم غزة من الأشعار والمقالات
والأبحاث والتعليقات على وسائل التواصل
والمظاهرات الحاشدة التي انطلقت تأييدا لهم
وبادلوها بمنقوشةِ زعتر.
يا ربنا القاهر في العلياء
نفد العشب البري من السّهول المستقيلة
من مهامها الطبيعية في دورة الحياة..
نفد العشب بعدما التهمته أفواه الغزيين المشرعّة للخواء..
أنبت لهم عشبا آخر
كي يتقاسموه في صمتٍ شاحب
وعلّق لهم المزيد من النجوم في ليلهم المفترس..
كي يعرفوا القتلى من وجوههم الغير مصدومة
ويقرأوا أسماءهم المكتوبة على سيقانهم الرفيعة.
استجب لدعوات نسائهم
تلك النّساء اللواتي لا يتبرّجن ولا يضعن العطر
ورحيقهن الدمعُ الأجاج
يتيممن بالصعيد المشرّب بالدم
ويغسلن وجوههن بالقماش الخشن..
ويقمن أعراسا لأبنائهن بلا زغاريد
حيث وجوه العرائس بلا مكياج..
يقضين يومهن وهن يرتدين الحجاب
والملابس الفضفاضة الحالكة
حتى إذا قطّعت أجسادهن البضة قذيفة ما
يبقين مستورات وغير سافرات
ويلقين وجهك الكريم طاهرات مطهّرات.
استجب لدعوات أطفالهم
وأسقط عليهم مائدة من السّماء
تكون عيدا لأيتامهم ومساكينهم
فهم يحملون بؤس ويأس الكون
كما تحمل الصحراء أشواكها وعطشها
وكما يرث الأبناء أمراض آبائهم
كما ورثت غزّة
حصار بني هاشم منذ سنوات عليلة.
* شاعر وصحافي فلسطيني
تعليق واحد