دشنت روسيا أول ردود فعلها القوية على توغل القوات الأوكرانية في كورسك في السادس من أغسطس/آب الجاري بهجوم واسع النطاق على منشآت الطاقة في حوالي 15 مدينة في أوكرانيا.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنها نفذت ضربات واسعة النطاق بأسلحة عالية الدقة على منشآت البنية التحتية الحيوية للطاقة التي تضمن عمل المجمع الصناعي العسكري الأوكراني، وأكدت أنه تم إصابة جميع الأهداف المحددة.
ووفق وسائل إعلام روسية، بقي جزء من أوكرانيا بدون كهرباء وماء، وانقطع البث من أستوديوهات بعض القنوات المحلية في العاصمة كييف التي انقطعت إمدادات الطاقة والمياه في عدة مناطق فيها إثر تعرضها لنحو 10 هجمات صاروخية.
وفي دنيبروبيتروفسك توقفت عن العمل وسائل النقل التي تعمل على الطاقة الكهربائية، كما انقطع التيار الكهربائي في لفيف التي بدأت تعاني كذلك من مشاكل في إمدادات المياه بينما تتحول المحطات الفرعية إلى الطاقة الاحتياطية.
كما تضررت مرافق البنية التحتية الحيوية في فينيتسا إثر تعرضها لسلسلة غارات جوية، وتضررت منشآت صناعية في بولتافا، فضلا عن انقطاع التيار الكهربائي عن عدد من المناطق فيها، مع ورود تقارير عن انفجارات في مرافق البنية التحتية في جيتومير وأوديسا وخميلنيتسكي وكريفوي روغ وزابوروجيا وخيرسون وخاركيف.
ولم يوضح بيان وزارة الدفاع الروسية نوعية الأسلحة التي تم استخدامها في الهجوم الموسع، لكن موقع “فوينويه أبوزرينيه” المختص بالشؤون العسكرية ذكر أنه تم استخدام أنظمة الدفاع الجوي “إس-300” و”إس-400″، مشيرا إلى أنها كانت الأكثر فعالية في الهجوم، إضافة إلى قاذفات إستراتيجية وسفن تابعة لأسطول البحر الأسود الروسي وأنظمة الصواريخ التكتيكية “إسكندر-إم”.
وبحسب المصادر الأوكرانية، شارك في هجوم اليوم حوالي 40 صاروخ كروز وحوالي 100 طائرة بدون طيار، وهذا يجعلها واحدة من أكبر العمليات الخاصة منذ اندلاع الحرب بين البلدين، في حين ذكرت قنوات تليغرام روسية أنه تم تسجيل ما لا يقل عن 65 انفجارا في الأراضي الأوكرانية خلال الضربات.
هجوم “مؤلم”
ويصف الخبير في الشؤون الإستراتيجية، أركادي سيميبراتوف، الهجوم الروسي بأنه واحد من أسوأ الهجمات منذ عامين ونصف العام بالنسبة إلى أوكرانيا، التي لم تستطع -حسب قوله- تحييد 95% من مجموع الصواريخ الباليستية التي أطلقتها روسيا.
ويتابع في حديث لأنباء إكسبريس أن مقاتلات “إف-16” الحربية لم تحلق للمشاركة في صد الهجوم، وإنما لأن قيادة القوات الجوية الأوكرانية حاولت إبعادها عن الهجوم بهذه الطريقة.
ويعتبر المتحدث أن الضربة كانت مكثفة “فوق المألوف” والهجوم كان مركبا، نظرا لدقة إصابة الأهداف، مرجحا مشاركة قاذفات قنابل بعيدة المدى وحاملات صواريخ إستراتيجية لشن هجمات صاروخية بما في ذلك صاروخ “خ-101” الذي يزن 400 كيلوغرام، ويمكن أن يصل مداه إلى 2800 كيلومتر.
وبخصوص استخدام صواريخ فرط صوتية في الهجوم، أوضح أن أسباب ذلك لضمان تحقيق أهداف العملية، لأنها قادرة على الطيران في الغلاف الجوي بسرعات تفوق سرعة الصوت وقدرتها على المناورة باستخدام القوى الديناميكية الهوائية وكونها تجمع بين مزايا الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز.
أبعاد سياسية
بدوره، قال الكاتب في الشؤون الدولية، سيرغي بيرسانوف، إن العملية تحمل بعدا عسكريا يتعلق بالرد على التوغل داخل كورسك، وسياسيا بعد أن فقد موضوع المفاوضات مع أوكرانيا أهميته وجدواه.
وتابع أنه على ضوء هذه التطورات، وبالنظر إلى تسارع الأحداث في منطقة الشرق الأوسط واحتمال دخول روسيا على خط المواجهة العسكرية هناك في حال اندلعت، فقد بات عامل الوقت ملحا في تحقيق إنجاز عسكري وازن يدفع أوكرانيا للخضوع للشروط الروسية للتسوية ويحيد دور الأسلحة الغربية في الصراع معها، لا سيما أن كييف نفسها فسرت غزوها لكورسك بأنه لتحسين المواقف التفاوضية المستقبلية.
وبشأن التصريحات الأوكرانية بأن جماعة “فاغنر” شاركت في العملية، أوضح بأنها محاولة لإقحام بيلاروسيا في التطورات الأخيرة في الحرب وتبرير الحشود العسكرية على الحدود معها، مشيرا إلى أن فاغنر لا تعمل على الأراضي الأوكرانية حاليا ولكن فقط في بيلاروسيا وأفريقيا.
وكانت صحيفة واشنطن بوست قد ذكرت في وقت سابق أن وفدين -روسيا وأوكرانيا- يعتزمان الاجتماع في قطر للتوصل إلى تفاهم متبادل حول اتفاق شامل لإنهاء الصراع، والاتفاق أيضا على عدم مهاجمة منشآت الطاقة الخاصة بكل منهما لمدة شهرين، لكن عملية التحضير للاجتماع تعطلت بسبب التوغل البري الذي قامت به القوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك.
لكن الخارجية الروسية صرحت بأنه لم ولا تجري مفاوضات بهذا الخصوص في الوقت الراهن.
تعليق واحد