أفريقيامجتمع

تلقيح السحب في المغرب.. ضرورة ملحة لمواجهة الضغوط المائية المتزايدة

بدر شاشا 

أمام التحديات البيئية والمائية التي يواجهها المغرب اليوم، أصبح من الضروري التفكير في حلول جذرية ومستدامة لضمان توفير المياه، أحد أهم الموارد الطبيعية التي يعتمد عليها الإنسان في حياته اليومية.

في ظل تزايد الضغوط المائية نتيجة التغيرات المناخية وارتفاع الطلب على المياه مع النمو السكاني والتوسع الزراعي والصناعي، أصبح من الضروري اللجوء إلى تقنيات جديدة تمكننا من تحسين إدارة المياه وتوفيرها بشكل مستدام. ومن بين هذه التقنيات التي يجب النظر فيها بجدية في المغرب هي تلقيح السحب أو الاستمطار الصناعي.

إن المغرب، على مر العقود، قد عانى من دورات جفاف متكررة، وقد زادت حدتها في السنوات الأخيرة نتيجة التغيرات المناخية. ومع تزايد الفجوة بين الطلب على المياه والعرض المتاح منها، أصبح الوضع يقترب من الخط الأحمر، ما يهدد الأمن المائي في البلاد. لهذا السبب، يصبح من الضروري التفكير في استخدام تقنيات جديدة مثل تلقيح السحب، كجزء من الاستراتيجية الوطنية للمياه.

ما هو تلقيح السحب؟

تلقيح السحب هو عملية تدخل اصطناعية تهدف إلى تعزيز هطول الأمطار من السحب. تعتمد هذه العملية على نثر مواد كيميائية معينة مثل يوديد الفضة أو الأملاح المعدنية الأخرى في السحب لتحفيز تكوين قطرات الماء أو بلورات الثلج داخل السحب، ما يؤدي في النهاية إلى زيادة كمية الأمطار المتساقطة.

يتم تلقيح السحب عادة بواسطة طائرات مخصصة أو عن طريق نشر المواد الكيميائية من على الأرض بواسطة صواريخ خاصة.

لماذا تلقيح السحب الآن؟إ

 إذا نظرنا إلى الوضع المائي في المغرب اليوم، نجد أن ندرة المياه أصبحت من أكبر التحديات التي تواجه البلاد.

وتزداد هذه الندرة تفاقماً مع ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض مستويات هطول الأمطار في العديد من المناطق. هذا الوضع يزيد من الضغوط على الأحواض المائية ويهدد بتقليص الإنتاج الزراعي، مما ينعكس سلباً على الأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي.

وفي ظل هذه الظروف، يتطلب الأمر اللجوء إلى حلول غير تقليدية لتعزيز موارد المياه. هنا يبرز دور تلقيح السحب كأداة يمكن استخدامها لزيادة كميات الأمطار في المناطق الجافة أو التي تعاني من نقص في المياه.

وعلاوة على ذلك، فإن تلقيح السحب يمكن أن يكون حلاً مناسباً على المدى القصير لمواجهة الأزمات المائية الناتجة عن فترات الجفاف الطويلة، بينما يتم العمل على إيجاد حلول دائمة ومستدامة على المدى الطويل.

تلقيح السحب ليس بفكرة جديدة، فقد تم تطبيقه بنجاح في العديد من الدول حول العالم. على سبيل المثال، تعد الإمارات العربية المتحدة من الدول الرائدة في هذا المجال، حيث قامت بتنفيذ برامج تلقيح السحب لزيادة هطول الأمطار في مناطقها الصحراوية. وبفضل هذه البرامج، تمكنت الإمارات من تحسين كمية المياه المتاحة وزيادة منسوب المياه الجوفية، مما ساهم في تعزيز الأمن المائي في البلاد.

ومن ناحية أخرى، نجد أن الصين أيضاً قد استفادت من تقنيات تلقيح السحب لتقليل آثار الجفاف في مناطقها الشمالية وتحسين جودة الهواء في المدن الكبرى من خلال زيادة هطول الأمطار وتنظيف الجو من الملوثات.

رغم الفوائد المحتملة لتلقيح السحب، فإن تطبيق هذه التقنية في المغرب قد يواجه بعض التحديات. أولاً، هناك حاجة إلى استثمارات كبيرة في البنية التحتية اللازمة لتنفيذ عمليات تلقيح السحب، بما في ذلك شراء الطائرات والمعدات والتدريب اللازم للكوادر البشرية.

بالإضافة إلى ذلك، يجب مراعاة التحديات البيئية والأخلاقية المتعلقة باستخدام المواد الكيميائية في الجو، وضرورة التأكد من أنها لا تشكل تهديداً للحياة البرية أو صحة الإنسان.

كما أن نجاح عملية تلقيح السحب يعتمد بشكل كبير على الظروف المناخية المحلية.

https://anbaaexpress.ma/wxgyu

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى