حكايتي قد تبدو غريبة الأطوار، و لكنها الحقيقة المرة التي مررت بها و عشت مرارتها و مآسيها، حتى لا أطيل عليكم ها أنا ذا أشارككم و أشارككن بعضا من تفاصيلها:
لما كنت شابة تعرف علي خطيبي الذي سيصبح بعد شهور زوجي، كانت حياتنا مثالية بشهادة كل من كان يخالطنا من أقارب و أصدقاء و جيران، كان زوجي يعاملني معاملة راقية، ألفاظ منتقاة: غاليتي، عزيزتي، قرة عيني، ملاكي، أغلى حب.. يقبلني عندما يخرج من البيت صباحا و عند عودته بعد العمل، دائم الاتصال بي أينما حل و أرتحل.
و كنت أبادله نفس الشعور و الإحساس و المعاملة، دام الوضع لسنتين، و بعد أن إتفقنا على أن تصبح لنا ذرية، وخلال فترة حملي كانت الفرحة لا تسعه و لا تسعني، يساعدني في أعمال البيت، و يشتري لي كل ما طاب مما كنت أشتهي من مأكولات، يصطحبني للمطاعم و المنتزهات نهارا و ليلا، و لكن كانت المفاجأة عندما وضعت حملي أنثى، تغيرت أحواله معي، لم يعد يهتم بي و لا ببنتنا بل لم يكلف نفسه اختيار إسم لها.
من هنا بدأت مأساتي معه، فعاودنا الإنجاب و رزقنا بثلاث بنات و إزداد إهماله و تجاهله لنا، وأصبحت علاقتنا جد “باردة” وقرر أن نعاود التجربة من جديد، و إشترط أن نتعرف على جنس المولود في بداية الحمل، فوافقت على مضض، و بعدما تعرف على جنس المولود و بأنه ذكر تغير حاله و أصبح كما كنا في بداية زواجنا، زوج مرح و طيب و مهتم.
و تمضي الأيام و الشهور و السنين، وأصبح طفلنا الذي إختار له إسم سعيد محط اهتمامه دون بقية أخواته، يغدق عليه من الهدايا الكثير، يصطحبه معه في خرجاته، يلاعبه عندما يكون في البيت، و حاولت تنبيهه، و لم يفعل و خاصة و أن بناتنا الثلاث شعرن بهذا الإهمال وأثار حفيظتهن و غيرتهن، و لكنه لم يكن يبالي حتى صنع من إبننا وحشا تمرد على الجميع.
في البداية كان يؤذي أخواته يستولي على نقودهن و لعبهن و على أكلهن، و بعد ذلك أصبح يتمرد على أوامري و عند وصول والده كان يحكي له الحكايا و يصدقه و يكذب غيره، حتى وصل درجة الإدمان و مرافقة الأشرار، و بدأ يتمرد على والده بالكلام النابي و السرقة و الحضور للبيت في حالة تخدير و سكر، و عندما يخاطبه والده ناصحا، أو ممتنعا عن منحه ما يطلب من نقود، كانت ردوده جارحة بل حارقة.
من مثل قوله: “لم ولدتني و أنت غير قادر على تلبية رغباتي و طلباتي، كيف أشتغل و أنت لديك من المال ما يغنيني عن العمل، ماذا لو قمت بإرسالي للخارج حيث هناك أجد عملا يليق بكفاءتي و يجلب لي مالا كثيرا و أنت البخيل، و لم لم تنجز لي مشروعا يغنيني عن الاشتغال مع الغير..”
فأصبح زوجي يعيش في عزلة لا يبرح باب بيتنا من شدة ما سببه له إبننا من حرج مع الجيران، و من كثرة صياحه و مشاجراته معي و مع أخواته و مع والده، ندم زوجي على ما كان عليه من تفضيل إبننا على أخواته و أنه لم يكن يسمع لنصائحي و نصائح الأقارب و الأصدقاء، بل مما كان يزيد في غضبه مقولة كان يرددها إبننا: “أنا أحلم و أحلامي كثيرة و غير متناهية، فإذن أنا موجود”.