أفريقياعاجلمجتمع

البوليساريو بمهرجان أوجفت الموريتانية.. هل هو اجتياح جديد أم رغبة يائسة للتموقع في منطقة الجوار؟

بحسب المعطيات المتوفرة عن ظروف استقبال ضيوف المهرجان والزوار، أثار انتباه أنباء إكسبريس، أن قدوم وفد من البوليساريو، يثير الكثير من الريبة والشك، في استنهاض مشاعر جبهة البوليساريو والحنين لهجومات نواكشوط عام 1979، لأن جلب قافلة من السيارات الرباعية الدفع تعود ملكيتها للتنظيم ورفع الاعلام وترديد شعارات معادية للمغرب، تعود إلى رومانسيات اليسار أوائل السبعينات

نظم الاتحاد العالمي لأدباء الحسانية، يوم أمس السبت بمدينة أوجفت التاريخية بولاية آدرار الموريتانية فعاليات مهرجان ثقافي، تحت شعار اوجفت عاصمة للثقافة الحسانية، ضمن فعاليات تخليد انواكشوط عاصمة للثقافة الحسانية.

وللإشارة، يتعزز المشهد الثقافي الموريتاني والحساني عموما بتنظيم مهرجان أوجفت للتراث والتنمية، كرافعة للثقافة والأدب الحسانيين في المنطقة المغاربية، لضعف الاهتمام بهذه الثقافة المتجذرة بتلك المنطقة الشاسعة، باستثناء مجهودات مغربية بتكريس الحسانية كتعبير شفاهي دستوريا، يعكس التنوع العرقي والثقافي المغربي في فضائه المغربي والقاري.

ويرى المتتبعون أن النسخة الثانية من مهرجان أوجفت للتراث والتنمية، لن تستطيع رسم معالم الثقافة الحسانية والتراث البيضاني كما هو مخطط له، لعسر الوصول إلى توافقات بشأن تنظيم هذا الملتقى الهام، بعد 11 عشر سنة من تنظيم النسخة الأولى بمدينة أوجفت التاريخية، التي تختزن جزاء، هاما من تاريخنا والعلامات الدالة على إسهامنا في الحضارة والتاريخ بالمنطقة لما تكتنزه من مباني وقصور تاريخية ومكتبات قديمة، كان الأولى أن ينصب لها الجهد الكبير للتعريف بكنوزها.

للأسف، تتقاسم مهرجان أوجفت أهواء السياسة السلبية، بحيث يتدافع أطراف على حيازة الإشراف على تنظيم هذا المهرجان الثقافي بامتياز، ويحضر المال بالقوة لترجيح كفة الإشراف لجهات دون أخرى، وفرض مشاركة آخرين من خارج الفضاء الموريتاني، ليس لإضافة أدبية وثقافية، وإنما استجابة لجبهة البوليساريو لإخراجها من عنق الزجاجة، عقب تراكم الفشل السياسي والديبلوماسي في كل المنتديات الدولية.

مهرجان أوجفت حضور عناصر جبهة البوليساريو
مهرجان أوجفت حضور عناصر جبهة البوليساريو

وفي هذا الإطار، توصلت أنباء إكسبريس بمعلومات دقيقة من نقاط ارتكازها بموريتانيا، أن الصراع في إدارة المهرجان يرجع إلى اختلاف بين العمدة الجديد للمدينة، الاديب والإعلامي السني عبداوة، والذي انسحب من لجنة الاشراف على تنظيم مهرجان أوجفت للتراث والتنمية وشيخ المقاطعة، في مواجهة العمدة السابق محمد المختار واحمين اعمر، والأديب أدوه ول بنيوك، بصفته رئيسا للاتحاد العالمي للأدباء الحسانيين، وهي منظمة موريتانية تسعى إلى تطوير الثقافة والأدب الحسانين في القطر الموريتاني الشقيق.

ويرى مراقبون من داخل المجال الثقافي الحساني، أن تكليف الاديب ادوه ول بنيوك بالإشراف على مهرجان أوجفت للتراث والتنمية، هو سقطة من سقطات القائمين على الشأن الثقافي الموريتاني، ليس لعيب يعتري مسيرته وعطاءه الأدبي الشعبي، ولكن لانحيازه وانخراطه في مهاجمة المملكة المغربية ومواطنيها الصحراويين بالأقاليم الجنوبية، في لقاءات وجلسات بمخيمات تندوف في العام الماضي، بعد زيارة التقى فيها بأمين عام مليشيا البوليساريو إبراهيم غالي وغيره من القيادات التي لا تولي اهتماما كثيرا بهموم صحراويي المخيمات، فما بالك بالشأن الثقافي.

ويتوجس البعض من تسخير الأديب الكبير ادوه ول بنيوك في الترويج إلى خطابات البوليساريو الداعية للعنف وتمجيد الحرب وبث مشاعر الكراهية والحقد بين الشعوب، في الوقت الذي يمكنه إدارة الشأن الثقافي الحساني في الفضاء البيضاني ككل دون اللجوء إلى دعم قيادة الرابوني العاجزة عن أداء واجبها اتجاه المحتجزين لخمسين سنة خلت، فما بالك بالشأن الثقافي الحساني، الذي يعد مشتركا حضاريا وثقافيا بين موريتانيا والمغرب والجزائر ومالي، وأي خطوة لجمع هذا الشتات الثقافي، تستلزم اتفاق إرادات الأطراف الأساسية في هذه التوليفة الهوياتية.

مهرجان أوجفت حضور عناصر جبهة البوليساريو

وبحسب المعطيات المتوفرة عن ظروف إستقبال ضيوف المهرجان والزوار، أثار انتباه أنباء إكسبريس، أن قدوم وفد من البوليساريو، يثير الكثير من الريبة والشك، في استنهاض مشاعر جبهة البوليساريو والحنين لهجومات نواكشوط عام 1979، لأن جلب قافلة من السيارات الرباعية الدفع تعود ملكيتها للتنظيم ورفع الاعلام وترديد شعارات معادية للمغرب، تعود إلى رومانسيات اليسار أوائل السبعينات.

يؤكد أمرين لا ثالث لهما، إما أن البوليساريو دخل لمدينة أوجفت على طريقة الاجتياحات البرية، في إحياء لذكرى هجوم انواكشوط، وها يستوجب توخي الكثير من الحيطة والحذر من الجانب الموريتاني، على قاعدة المثل القائل “احذر صديقك ألف مرة، لأنه يعرف مكامن الضعف فيك”، أو تعتبر تكتيكا لإثارة الانتباه لتنظيم البوليساريو بعد مراكمة الفشل، وانحسار مشروعها السياسي في منطقة تندوف.

إن التفكير في تأطير الشأن الثقافي الحساني، لا يجب أن ينسينا امتداد وجوده وتأثيره في أربع دول إفريقية، قد يمكننا التواصل مع قاماتها الأدبية ومسؤولي الشأن الثقافي فيها، من اتخاذ تدابير واستراتيجيات شاملة لحفظ تراث فضائنا الثقافي من الاندثار بفعل هذه الانتقائية والمناطقية القاتلة، ويضعف من الدعم الموجه لتلك الغاية.

أو إقحام ديناميات من شأن تنظيمها خدمة حفظ الذاكرة والتاريخ لمنطقة تاريخية عريقة كمدينة أوجفت الموريتانية في متاهات السياسة العقيمة، والترويج لأطروحات لتنظيم سياسي، فاشل، لا شرعية له يتخذ من حمادة تندوف منطلقا للتهجم على الصحراويين والثقافة والعنصر البيضاني منذ تكوينه سنوات السبعينات.

https://anbaaexpress.ma/ukb1d

عثمان بنطالب

ناشط حقوقي دولي وإعلامي، خبير في الشأن المغاربي، مدير عام مؤسسة أنباء إكسبريس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى