مع بدء الحرب على غزة، شهد العالم حملات مقاطعة للشركات المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بإسرائيل، واتخذ أسلوب التخلي عن منتجات هذه الشركات سمة التحدي والرغبة باتخاذ موقف يعبر عن رفض ما يتعرض له سكان غزة من مجازر وإبادة جماعية.
ففي طاجيكستان، الجمهورية السوفياتية السابقة ذات الأغلبية المسلمة والواقعة في وسط آسيا، لم تكن حملة مقاطعة منتجات الشركات التي تصنف بأنها داعمة لإسرائيل تعبيرا عن فورة غضب ظرفية أو تأثرا بحملات دعائية محدودة التأثير والنطاق قد تتراجع مع الوقت، بل تحولت تجربة سكان هذا البلد في المقاطعة إلى نمط حياة استهلاكي جديد لم يكن مألوفا من قبل.
فالحديث الإعلامي عن سير عملية مقاطعة هذه الشركات عاد لينتعش من جديد، بعد أن نشرت مواقع إخبارية محلية تقارير وصورا من متاجر في العاصمة دوشنبه تظهر تكدس منتجات شركتي “كوكا كولا” و”بيبسي” بسبب امتناع الناس عن شرائها ولو بنصف القيمة.
مرفوضة حتى بالمجان
ومع بقاء أكوام منتجات شركة المشروبات الغازية الأشهر في العالم مكدسة في المتاجر الطاجيكستانية برزت الحاجة إلى طريقة للتخلص منها.
وفي محاولة لحل هذه المشكلة تم اللجوء إلى “آخر الخيارات” وهو عرض هذه المنتجات بالمجان، لكن المفاجأة كانت في أن أحدا من الزبائن لم يفكر في استغلال الفرصة ويأخذ ولو عبوة واحدة، وفق مواقع طاجيكية.
مقاطعة المواطنين الطاجيك لمنتجات الشركات المصنفة بأنها داعمة لإسرائيل تعد واحدة من الأنشط بين بلدان آسيا الوسطى. وكما يقول صناع محتوى هناك، فإنها تعبر عن أن المشاعر السلبية ضد سياسات إسرائيل والولايات المتحدة قد وصلت إلى ذروتها بين السكان، وفي الوقت نفسه تعكس مشاعر التضامن والدعم تجاه الشعب الفلسطيني.
ومنذ الأيام الأولى للحرب على غزة، نشطت أحزاب سياسية ومنظمات مدنية في الجمهورية الآسيوية في الدعوة إلى المظاهرات والمسيرات لمساندة الشعب الفلسطيني، ترافقت مع حملات واسعة للحث على مقاطعة بضائع الشركات المؤيدة لإسرائيل.
وانضم رجال الدين وأئمة المساجد إلى الحملة، وتحولت خطب الجمعة إلى مناسبة لتشجيع الناس على المقاطعة وجمع التبرعات لسكان غزة واعتبار ذلك واجبا شرعيا.
فضلا عن ذلك، يعدّ صناع المحتوى الطاجيك من الأكثر نشاطا في الترويج لمقاطع الفيديو والصور التي تظهر معاناة الشعب الفلسطيني في غزة وحملات التضامن معه، ومن ذلك ترجمة هذه المحتويات إلى اللغتين الطاجيكية والروسية.
“نحن معا”
ومع بداية الحرب، أطلقت مبادرة تحت اسم “نحن معا” من قبل ممثلي المجتمع المدني وبدعم من وزارة الخارجية الطاجيكية لتقديم المساعدة للمتضررين من أبناء قطاع غزة.
وتعمل المبادرة على جمع التبرعات من خلال حساب خاص عبر تطبيق يمكن تحميله على جهاز الهاتف ويملك خاصية إعادة الإرسال لإشراك أكبر عدد من الناس في الحملة.
وأقامت طاجيكستان علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في أبريل/نيسان 1992، وذلك بعد أن أعلنت استقلالها إثر انهيار الاتحاد السوفياتي. ويمثل تل أبيب في دوشنبه سفير غير مقيم يعمل من سفارتها في أوزبكستان.
وأثار قرار إقامة علاقات دبلوماسية مع الدولة العبرية لدى إعلانه احتجاجات شعبية بين السكان المعروفين بتأييدهم للفلسطينيين، وكذلك بسبب ارتباط البلاد بعلاقات اقتصادية واجتماعية وثقافية وتاريخية وثيقة مع إيران.
علاقات فاترة
ومن بين نحو 15 ألف يهودي كانوا يعيشون في طاجيكستان عام 1989، لم يبق أي منهم تقريبا في البلاد حاليا، إذ هاجر جميع اليهود تقريبا (معظمهم من يهود بخارى) إلى الولايات المتحدة وإسرائيل.
ودمرت الحكومة الطاجيكية في عام 2006 المعبد اليهودي الوحيد المتبقي في البلاد “ميكفاه”، ومسلخ الكوشير، والمدرسة اليهودية.
وتدعم دوشنبه البرنامج النووي الإيراني وتعارض العقوبات الدولية المفروضة على إيران، وتنحاز دائما إلى الفلسطينيين في معركتهم ضد إسرائيل في الأمم المتحدة، ولذلك توصف علاقاتها بتل أبيب بالفاترة.