آراءمنوعات

أفكار لزمن الحروب.. لماذا يتقاتل الناس؟

في المراسلات التي تمت بين آينشتاين وفرويد في ظروف الحرب العالمية، فإن وجهة نظر (علم النفس) التي شرحها فرويد في الرسالة التي وجهها إلى آينشتاين، أن الإنسان على ما يبدو تتنازعه غريزة (الليبيدوLibido ) و(التانتوسTantus ) أي الميل لإعمار الحياة والميل للموت والانتحار.

ومن يخوض الحرب لا يخرج كما دخل بل يتحول إلى مجرم، لأنه المكان الوحيد الذي يقتل فيه الإنسان بدون أن يحاسب، بل عليها يشجع ويكافئ، ومن خسر كان نصيبه حبل المشنقة، كما كان مصير مصطفى قره الذي قاد حملة حصار فيينا في 12 سبتمبر من عام 1683 ففشل فعلقه السلطان على حبل المشنقة في بلغراد عقوبة على فشله، والنازيون كانوا يفضلون أن يقدموا مسدسا للفاشل كي ينتحر، ويلجأ مقاتلة الساموراي إلى بقر بطونهم بالخنجر، فتندلق أقتاب أحدهم مثل الخروف في المسلخ البلدي.

والحرب كما يصفها (هرقليطس) الفيلسوف اليوناني أنها أم كل شيء. فهي من تدفع شعوبا للعبودية وترفع أمما أخرى لصدارة العالم كما كان الحال مع تيمورلنك وجنكيزخان.

وهي أفظع مرض ابتليت به الإنسانية حسب (توينبي) بعد الرق. بل هذا يتولد من ذاك ولذا فطالما أزيل الرق وجب أن تتوقف الحرب، فلم يعد منها فائدة وربح، وهي مؤسسة تموت في حشرجاتها الأخيرة. ولعل حرب غزة الحالية ستكون آخر حروب العرب والصهاينة أو هكذا نتفاءل؟.

فلبنان أصبحت محرقا، وستكون غزة مغرقا، ويفهم الجميع أن الحرب ليس فيها رابح بل الكل مهزوم. على رغم أنف بني صهيون وحماقة النتن. الذين لم يستفيدوا من دروس التاريخ ولا من محارق النازيين في آوسشفيتس (Ausschwitz). وهي من وجهة نظر (قانونية) تعطيل لكل القوانين التي تعب الجنس البشري في تحصيلها.

ومنه اعتبر الفيلسوف الألماني (إيمانويل كانط) من وجهة نظر (فلسفية) أنه لا يجب خوض الحرب تحت أي مسمى وذريعة بما فيها الحرب العادلة فطالما خاض الإنسان الحرب لا يبقى عدل. وهذا يصب في الخانة التي أعلنها إبراهيم عليه السلام حينما حرم التضحية بالإنسان، واستبدلها بالقربان الحيواني؛ فكل الحروب هي تقديم قرابين بشرية.

وفي كثير من المناسبات يتم الضحك على الأمهات أنهن قدمن أولادهن للحرب بلف التابوت بعلم، وإطلاق الفشك من التفنكات(القرطاس من البندقية)!!

ودعوة إبراهيم هي إعلان للتوقف عن التضحية بالإنسان وأن تضع الحرب أوزارها، ولكن المسلمين يحجون بدون معرفة معنى كل هذه الرموز، وبدلا من الدعاء للناس بالهداية يشعل الخطباء الحروب في الأرض باللعنة على معظم الجنس البشري أن يخرب ديارهم، وهو ما لم يدعو له إبراهيم. ومنه فإن أعظم شيء فعلته محكمة (نورمبرغ) عام 1946 م أنها اعتبرت الحرب أي حرب جريمة من الناحية (القانونية).

وتم إدانة النازية ونجا ستالين وأبو القنبلة الذرية ترومان، ولكن بنو صهيون وأمريكا يخوضون الحروب، بما يعجز عنه أعتى المجانين في مصحات الأمراض العقلية، بما يعكس عسرة تطور العقل الإنساني. والحرب من الناحية البيولوجية ضد قانون الحياة فبدلاً من أن يدفن الأبناء آباءهم يحصل العكس. والحرب مرض ينبت من تربة الكراهية كما يقول (سكينر) من مدرسة علم النفس السلوكي وأنها تنبت في الرؤوس قبل أن تمارس بالفؤوس.

وهي استسلام للدماغ السفلي حيث تعصف الانفعالات ويتعطل المخ العلوي عن ضبط مسار الأحداث. ولعل أهم ميزة لكنيدي في تجنب الحرب النووية عام 1962م أنه وضع أمامه ليس ما ذا نتصرف بل كيف نحل المشكلة؟ ويصف وزير دفاعه مكنمارا (Mc.Namara) تلك اللحظات أنهم كانوا على قيد انملة من إشعال الحرب النووية فيقتل عشرات الملايين؟ والحرب هي ذروة العنف لأن فيها القضاء على الإنسان كليةً وتصفيته جسديا.

والحرب لا تحل مشاكل بل تخلق مشاكل لأن العنف يستجر العنف. والدم يفجر الدم.

وكما يرى غاندي في اللاعنف أنه يمتاز بالمحافظة على الطرفين من خلال تفاعل الإرادتين ولكن الحرب هي هرس وسحق وإلغاء طرف مقابل نهوض طرف. ومع ذلك فالبشر خلال التاريخ المعروف كانوا يشعلون الحروب بمعدل 13 سنة مقابل سنة واحدة للسلام.

وحسب إحصائيات معهد (غاستون بوتول) فإنه خلال مائتي سنة حصل أكثر من 360 نزاع مسلح مات فيه أكثر من ثمانين مليون إنسان، وفي حرب برلين لوحدها في الحرب العالمية الثانية مات ثلاثة ملايين إنسان وفي الجبهة الروسية في الحرب نفسها مات أكثر من عشرين مليون إنسان. فهذا الإنسان القاتل الناطق أمره عجيب.

كما توقعته الملائكة بقولها (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء؟) والحاصل فحيثما نظر الإنسان للمسألة يتعجب من اندلاع الحرب فهل هناك مفتاح لها يوحي بالأمل في الإنسان؟

في الواقع الحرب هي جنون وجريمة إفلاس أخلاقي مهما كان مبررها. وحينما اعترضت الملائكة على خلق الإنسان لم تسأل أتجعل فيها من يكفر فيها؟ بل سألت أتجعل فيها من يسفك الدماء؟ والبشر لم يتعلموا قط من المواعظ بل بالألم والمعاناة والسير على جسر من العذاب فوق نهر من الدموع.

كما جاء في الآية: ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون. فتزاد جرعة العذاب لللصد والرجوع والتذكير حتى تصل الحافة الحدية فالهلاك فالفناء. وكذلك نقص عليك من أنباء ماقد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا؟

https://anbaaexpress.ma/hyycd

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى