آراءتمازيغت

التراث الأمازيغي.. عصي على العملاء

أطراف فلسطينية وبكل وقاحة لا تتوانى في الإعراب عن خبثها الدفين تجاه قضيتنا الوطنية وذلك من خلال تبنيها للأطروحة الجزائرية...

في الوقت الدي تتعرض فيه قضيتنا الوطنية لحملة مناوئة من بعض الأطراف الفلسطينية بتدبير من النظام الجزائري، بدأنا نعاين خرجات مريبة لدى بعض المجموعات أو العناصر من داخل الوطن بعد أن بدا لنا أنها لم تعد تكتفي بمناصرة ما يسمى عندهم بالقضية الفلسطينية كقضية وطنية بل عمدت هذه المرة إلى إقحام التراث الأمازيغي بالقفز على كل تجلياته الفلكلورية والشعبية لتجعل منه مطية في خدمة قضايا محسوبة على صراعات شرق أوسطية.

فما معنى أن يزج بفرقة أمازيغية أصل زينتها لباس مغربي ضارب في القدم من عمامة وضاءة تحاكي الشهب وخلخال ما بين صدر وكتف النساء يشع بحب وسلام ووئام بين الديانات السماوية الثلاث.

كل هذه الرسائل النبيلة الطافحة بالإنسانية التي يحملها التراث الأمازيغي يراد العبث بها من طرف أولئك الذين فقدوا الحس الأمازيغي الذي يبنى عليه الحس الوطني الجامع المانع.

وإن كانت الكوفية الفلسطينية لها مكانتها عند أهلها فهي مرحب بها لكن أن يؤتى بها لخدش الخصوصية المتميزة لهذا التراث فهذا أمر مرفوض وغير قابل للتصرف فيه أو العبث به.

كل هذا الانحراف وهذا العبث يحدثان في قلعة أزرو الشامخة حينما تطاول أحد لعملاء لمفضوحين على أعناق فنانين أبرياء وحملهم ما لا يدرون عنه شيئا كوفية لا علاقة لها بتراثهم ولا بهويتهم بل أكثر ما يثير الاشمئزاز والامتعاض هو أن هذا التصرف المشين فيه نوع من الإذلال والتزلف تجاه من يتعامل مع قضاياك الوطنية باستخفاف ولا يعيرها ذات العناية التي يحرص المغرب على أن يوليها لقضاياهم.

أطراف فلسطينية، وبكل وقاحة، لا تتوانى في الإعراب عن خبثها الدفين تجاه قضيتنا الوطنية وذلك من خلال تبنيها للأطروحة الجزائرية.

وهي ليست المرة الأولى التي تعرب فيها تلك الأطراف عن مناهضتها للوحدة الترابية لبلادنا ومساندتها لجمهورية العجاج في أقاليمنا الجنوبية. وعوض أن تسارع الجهات الفلسطينية الرسمية ببيانات توضيحية تخرجها من المنطقة الضبابية حيال قضيتنا الوطنية، تلكأت كعادتها بالخوض في عموميات موقف غير واضح ولا صريح تحت ذريعة أن السلطة الفلسطينية تنأى بنفسها من الانغماس في الخلافات العربية البينية.

لكن واقع الحال ليس كما يراد تصويره بل أن الموقف الفلسطيني هو أكثر ميولا ومحاباة للجزائر، على خلاف مواقف الدول العربية الصارمة في تأييدها للوحدة الترابية للمملكة.

ونستند في ذلك على خارطة العالم التي نشرها مؤخرا موقع وزارة الخارجية الفلسطينية التي أظهرت أقاليمنا الجنوبية وهي مبتورة من خارطة المغرب الأم.

وحينما نذكر بهذا السلوك الفلسطيني المستفز ليس همنا في ذلك إلا أن نذكر أولئك الذين يرتمون في أحضان القضية الفلسطينية من أبناء جلدتنا ولا يكلفون أنفسهم ذلك العناء للدفاع عن الوطن. يتقبلون الصفعة تلو الأخرى ويمتنعون عمدا عن توجيه اللوم لقادتها على ما هم عليه من تخاذل ونكران للجميل ولليد الممدودة إليهم على الدوام عير المحطات التاريخية لهذه القضية.

وعلى النقيض من ذلك يتحرك هؤلاء القومجيون لأتفه الأسباب إن وجدت ضد إسرائيل وأحيانا يفتعلون تلك الأسباب نكاية في الخيارات الاستراتيجية لبلادنا التي تنعكس إيجابا على قضيتنا الوطنية.

فالخارطة التي أظهرها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أقام عليها مناهضو التطبيع الدنيا ولم يقعدوها ولم تهدئ من روعهم المغشوش تلك البيانات الإسرائيلية المتتالية التي عادت وأكدت على الموقف الإسرائيلي الثابت من الوحدة الترابية للمملكة المغربية وإن كانوا بالفعل صادقين في الدفاع عن قضيتنا كما يزعمون، ما كان عليهم أن يواصلوا حملتهم المسعورة على بلد أكد لهم بالملموس على ثبات الموقف.

وهنالك قراءات أخرى ذهبت في اتجاه أن خرجة بنيامين نتنياهو قد أوجدت ظرفية مناسبة للتذكير بأن إسرائيل ستبقى دائما مناصرة للوحدة الترابية للمملكة المغربية تحت أي ظرف كان ومهما كانت المواقف من الحرب الدائرة مع حركة حماس في قطاع غزة، وأن إسرائيل ليست لها نية المساومة والابتزاز.

إجمالا، تراثنا الأمازيغي في جميع مكوناته بأهازيجه وفلكلوره وأغانيه ولباسه هو تراث وطني بامتياز ويجب أن يبقى على ما هو عليه. كل محاولة لإخراجه عن كينونة هذا الوطن هي محاولة فاشلة لإخراجه عن المسار التاريخي الحافل بالانتماء الذي لا ينضب معينه. “تموايت” موال أمازيغي حملت رسائل وطنية في محاربة الاستعمار.

و”إنشادن” بفطرتهم اللامتناهية كانوا بقصائدهم الرائعة مرافقين لقضايا المغاربة في السراء والضراء، وكذلك “أحيدوس” حمل رسائل لكل العالم في الإنسانية وفي المحبة والسلام.

فرجاء لا تدخلوا الأمازيغ في متاهات وفي معارك. فلا تجعلوهم حطبا لنار أشعلها غيهم. بالأمس قلتم عنهم أنهم العملاء لدولة إسرائيل واليوم تريدونهم طرفا في صراع ليس لهم لا أول ولا آخر. أوقفوا هذا المسخ وهذا العبث، وحافظوا على نقاوة هذا التراث فهو لطالما كان الرأسمال اللامادي لجميع المغاربة.

https://anbaaexpress.ma/2aoaa

لحسن الجيت

كاتب ودبلوماسي مغربي سابق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى