آراءمجتمع

أيلول.. الجمعة الفاجعة فجراً

كانت الكلاب و'الكوادكابتر' تحاصر الليل وكان الليل يحاصرن..

السابع من يونيو/حزيران 2024 طائرة الاستطلاع لا تغادر سماء القطاع.. وبينما أسرق قليل من النّوم الذي سرقته الحرب من عيوني بَدَأَت تَنخُزني بقوّة في ظهري وتُخبرني أن ألم عنيف يجتاح ويمزّق بطنها ‘قاعدة بموت.. مستشفى مشان الله!’

شعرت أن موعدها اقترب.. ودون تفكير قمت بتفكيك جرّة الغاز المنزليّة لتركيبها في السيّارة والذهاب للمستشفى..

كانت الكلاب و’الكوادكابتر’ تحاصر الليل، وكان الليل يحاصرني.. عُدّت أنا وخيبتي وخوفي للبيت وإذ بها تتصبب من العرق وتَصرخ طِلِع الرّاس.. طِلِع الرّاس!

وَضَعْتْ يَدَها المُرتَعِشَه على كتفي حتى أوصلتها السرير، وفوراً هاتفت الاسعاف.. أخبرته أن الحالة حرجه جداً، أَتَخَيّلني بَدَأت أَهذي وأنا أُهاتفه وأقول له ‘بسرعة بعرض امك إلحقني الرّاس طِلِع!’ واصلت الاتصال مرة ومرّات وهو يقول لي جملة صرت أكرهها وأكره من يقولها ‘في الطريق..’، ‘في الطريق..’ ..و’في الطريق’ هذه في غزّة ثمنها كبير!

ودون سابق إنذار وبينما أَرِن في الجوّال، وصوت سائق الاسعاف يَرِن في أذني، وأُذني تَرِن من القصف، وإذ بصرخة جَرَحَت طبلة أُذني، هَزَّتني وزَلزَلَت أعضاء جسمي، وكيس منفوخ شفاف كما الكُرَة الزجاجية كما شيء غريب في غلاف يتدحرج على السرير.. وفجأة انفجر الكيس..

وانفجر الذي بداخله بالبكاء.. فانفَجَرت بالبكاء.. المشهد مُرَوّع.. بكاء وبكاء.. وقطعة لحم صغيرة جداً وسط بركة من الدماء.. وأنا أصرخ شعرت أن حنجرتي تخرج لكني واصلت الصّراخ.. يا رب.. يا رب! انتابتني رعشة كما لو كنت في أربعينية يناير، عقلي بدأ يخرج عن السيطرة وظل تفكيري في الاسعاف.. حالة من الارباك والرَّهبة والذُّعر ومطلوب منّي ان أتصرف حتى يأتي الذي ‘في الطريق..’

رأيت خيط من الصوف على الأرض إلى الآن أجهل مصدره مسكته وربطت به الحبل السّري، كان في مؤخرة جيبي ‘منشتر’.. سحبته ودون وعي فتحته وقطعت الحبل..

وشعرت أن نَفَسي قد انقطع.. وصل الاسعاف وسط دهشة وذهول مما حدث.. ووصلنا مستشفى العودة.. ووصلت أيلول!

كانت ولادة في حضن الموت
وجاءت أيلول ابراهيم أبو عيشه
ابنة صديقي الذي نزح الى ديرالبلح بعد مجزرة النصيرات وهو يروي تفاصيل ولادة أيلول..

فلسطين / غزّة / خانيونس / رفح / الخيمة / دير البلح / أيلول / المجهول!.. #خيمة_تخيبنا

https://anbaaexpress.ma/aqrfo

أكرم الصوراني

كاتب فلسطيني ساخر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى