
بقلم: شكيب مصبير
كانت طفلة و كانت سعيدة بسنوات طفولتها كانت بنت ذات جمال جذاب و مرحة و محبوبة من طرف أقاربها و الجيران، بنت خدومة و ذات أخلاق عالية، مجتهدة في دراستها، عرفت بأنها هي من تقرأ رسائل الجيران عندما يحضرها ساعي البريد، كما عرفت بدعمها لمن هم أصغر منها سنا، دعم مدرسي في كل المواد التي تتقنها و تجيدها.
كانت متفوقة و يحسب لها ألف حساب، و بعد حصولها على شهادة البكالوريا بامتياز قررت الابتعاد عن أسرتها لسبب بسيط وهو أن التخصص الذي أحبته و التي إجتهدت لكي تصل إليه غير متوفر في المدينة التي تقطن بها.
و نظرا لثقة والديها فيها وافقا على الفور على طلبها، و جاء وقت الالتحاق بالمعهد و دار الطالبات فودعت والديها و إخوتها و كل الأقارب و الجيران.
ولما إستقر بها الأمر و تعرفت على صديقات و أصدقاء الدراسة قررت ان تؤسّس جمعية تربوية و تحقق لها ما كانت تصبو إليه في البداية كان عددهم إثني عشر فردا منهم ذكور و إناث، كان دورهم هو إشاعة روح التضامن و التعاون، كانت فرصة تناول الوجبات بالمطعم فرص للتعارف و الدردشة المفيدة وخلق حوارا ت ذات نفع.
كما أن المكتبة كانت هي فرصة للتباري لقراءة الكتب و الإتفاق على موعد بترتيب مع المشرف على المكتبة ليعرض كل قارئ الخطوط العريضة للكتاب و بعدها يناقش الجميع مضامين الكتب، و بما أن طموحها لم يكن محدودا فعملت إلى جانب أصدقائها على تنظيم رحلات ترفيهية لمنتزهات قريبة و مآثر توجد بالمدينة أو بالقرب منها.
كما أنهم أنشأوا صندوقا صغيرا توضع فيه دريهمات من طرفهم حسب المستطاع ليعينوا بها من هم في حاجة لشراء مطبوع أو كتاب يحتاجه من يعيشون في ذائقة مالية، و حتى لا يحرج من وضعه هكذا، جعلوا لجنة لهذا الغرض مهمتها مساعدة من طلب المساعدة و البحث عمن لا يقوون على الطلب مع السرية المطلوبة حفظا لماء الوجه لمن لجأوا لطلب المساعدة.
و لما كانت هذه التجربة ناجحة و إقترب موعد التخرج و كثير من الطلبة يقعون في حيرة من أمورهم و أمورهن و ضبابية في اختياراتهم و اختياراتهن، جلبت لهم و لهن أساتذة من تخصصات متعددة و رؤساء مصالح في وزارات مختلفة و من الجالية الذين درسوا خارج الوطن و نالوا شهادات عليا و دورهم هو تنوير الطلبة و مساعدتهم و مساعدتهن و فتح الطريق أمامهم و أمامهن لتحقيق طموحاتهم و طموحاتهن.
و لكن المفاجأة السارة هي أن أصدقاءها و صديقاتها و مسؤولو المعهد و دار الطلبة قرروا أن ينظموا حفلا على شرفها عربون محبة و شكر لها على بادرتها منذ أن ولجت المعهد والدار و تقيم هدية لها و أعطوها الكلمة في ختام ذلك الحفل البهيج.
فمن جملة ما قالت : أساتذتي و إخواني الطلبة و كل العاملين في المعهد و الدار أشكركم كل واحد بصفته على ما منحتمونا من عطف و رعاية، و ما قدمتموه لنا من خدمات جليلة و على توفير الجو الأخوي الذي غمرتمونا به و دوري كان فقط هو إستنهاض الوازع الخيري فينا عوض أن يفعل غيرنا عكس ما نحن فيه الآن من نجاحات و أخوة و تضامن.
كما كنا نسمع و رأينا في معاهد تصدى فيها للقيادة و التوجيه منحرفون و منحرفات و كانت النتائج ضياع و خسران و تيه.
و أخيرا أقول لكم إن فعلي هذا أنقذني قبل أن ينقذكم لأني وعدت نفسي أن أكون فاعلة خير و دالة عليه، تحقيقا لمضمون حديث لما قرأته أحببته ووعدت نفسي على تمثله و هو ” الدال على الخير كفاعله”، و أمطت الأذى عن نفسي و عن أصدقائي و الأذى الذي قصدته هو الفراغ القاتل فإن تركناه دون ملئه بما يفيد دمرنا و لكننا ملأناه بما يفيد فها نحن نرى نتائجه فهنيئا لنا جميعا بما حققناه.
* كاتب وفنان تشكيلي مغربي




قصه روعه وكأنني اعرف الشخصيات عن قرب لك مني كل التحيه .