آراءثقافة

المؤامرة الكبرى.. أكذوبة مقتل عمر بن الخطَّاب (4-4)

لا يمكن الوثوق في صحة خبر مقتل عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه ولا كل السرديات والمرويات المبذولة بين كتب التراث الإسلامي..

13 / إعفاء عثمان عن عبيد الله  وكان هذا قبل توليه الخلافة عند إشارة من بعضهم بذلك الرأي المسموم لجعل وخلق فتنة جديدة مستمرة بمدى أحقية عثمان في العفو عن القاتل – إن وجد – أو لا قبل أن يصير حاكماً على الناس، مما يعني خلق صراع بين بيتين من بيوت وجهاء قريش هما بيت عثمان وبيت عمر بل قل: بين أميرين غير عادلين من وجهة نظرهم ، ليستمر الخلاف والفتن واستغلالهما لأبعد مدى تاريخي ممكن ويمكن تمريرها بذكاء باسم العاطفة الدينية على البسطاء وناقلي الأخبار والتاريخ دون تحقيق، ولا شك في أنهم أفلحوا وخاب مسعاهم وممشاهم طالما العقل الحر المسلم يفكر فيجب رفع هذه الحجج الواهية وتلويث سمعة الدين والإسلام من أعداءه بأي شكل كان.

14 / دفع الدية للمقتولين، وهذا أكبر خطأ وقعوا فيه أي: الرواة والمحدِّثون ولا يمكن أن تفوت على كبار الصحابة رضوان الله عليهم وهم أحياء إذ لا تجب دفع الدية إلا للقتل الخطأ لأسير الحرب لا المقتول بمثل هذه الحيثيات / راجع بحثنا عن: حقوق قتلى الحروب في المعارك الدولية موجود على الانترنت /.

إذ مفهوم الدية أخذ بالقياس لا بالنص حيث قالت الآية: { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطئاً ، ومن قتل مؤمناً خطئاً فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا } سورة النساء، فكيف لعثمان بن عفَّان وهو من هو في الفهم من النبي مباشرة أن يدفع دية مقتول لغير أسير حرب كما ذكرت وأمرت الآية ؟ عطفاً على ذلك مفهوم القياس والإجماع بين المسلمين نشأ لاحقاً جداً بعد أكثر من قرن ونصف من الزمان لا ساعتها أي ساعة وقوع الأحداث وعلى المؤرخين وإعلامهم مراجعة هذه الروايات من جديد فالعقل الحادث بالنص القرآني الثابت يرفضها رفضاً باتَّاً.

15 /  جفينة النصراني، ما دوره وما ذنبه هنا في الشراكة الجنائية التي لم تحدث أصلاً ؟ هل لأنَّه وجد واقفاً مع ثلتهم لذلك قُتل أم لسبب آخر ؟ أرى: هذا نوع من تشعيب الصراع العقدي الديني الطائفي بين النصارى والمسلمين كما هو تشعيب وتخليق لصراع بين غير المسلمين والمسلمين أنفسهم ليمتد بين عدَّة طوائف فيما بعد كما هو مخلوق بين اليهودية والإسلام واليهودية والمسيحية / اللادينيون / والمحمدية وهلم جرَّا، لكن استغرب للخطة الذكية التي خلت من وضع اليهود في هذه الدسيسة ؟.

راوي الخبر وما وراءه من نبأ، هو أبو عبد الله عمرو بن ميمون الأودي ( الميلاد سنة 610 م المتوفي سنة 74 خ ) تابعي كوفي، وأحد رواة الحديث النبوي، وهو راوي الخبر عن مقتل عمر بن الخطَّاب وراوي خبر رجم القِرَدَة للقرد الذي زنا بقرْدَة.

أسلم أبو عبد الله عمرو بن ميمون الأودي في حياة النبي محمد ولم يلقه، وهو في منازل قبيلته بني أود بن صعب بن سعد العشيرة أحد بطون قبيلة مذحج باليمن، وسمع من معاذ بن جبل رسول النبي محمد إلى اليمن ليعلّمهم الإسلام ولما قدم معاذ بن جبل إلى الشام، صحبه عمرو بن ميمون، ثم تحوّل بعدئذ، وسكن الكوفة وقد أدى عمرو بن ميمون في حياته ستين بين حج وعمرة.

قلت: هذا مجمل ما يعرف عنه بزيادات بسيطة لا تهمنا في هذا الموضع ومن أراد الزيادة من المعلومات فعليه الرجوع للإنترنت والمصادر ذات الصلة، لكن ما يهمنا هنا هو التحقيق في شخصيته ومدى الاطمئنان له.

فأنا شخصياً لا أطمئن له ولا لرواياته ولا لأحاديثه ولا لأي شيء من سيرته وأراها منحولة وهو شخص وهمي لا وجود له وأنَّ جميع مروياته ما هي إلَّا نوع من تشعيب الرواة لأغراض ولحاجة في نفس يعقوب وتضييق فرص البحث على العقل الجمعي المحمدي تحديداً في البحث عن أصوله المرجعية التي يستقي منها معرفته وأفكاره ليقيم ميزان حياته على هدى من الله ولا يعني ذلك رميه جزافاً بعدم وجوده وهو شخصية مختلقة لكن أنا هنا أتكلم عن روايته في خبر مقتل عمر بن الخطَّاب فهي تشير للرأي الأول ولنرى ماذا يقول التحقيق فيه على النحو أدناه:

1 / ( الميلاد سنة 610 م المتوفي سنة 74 خ )، قلت: التاريخ للميلاد وللوفاة خطأ وغير دقيق بالمرَّة ! إذ لا يوافق سنة ميلاده سنة وفاته لا بالهجري الإخراجي ولا بالميلادي.

2 / سنة 610 م توافق سنة 14 قبل الهجرة “قبل الإخراج النبوي الشريف” أي يفترض أن تكون سنة وفاته بالهجري المقابلة لسنة ميلاده بالتاريخ الميلادي سنة 698 م.

3 / الإخراج النبوي الشريف كان سنة 624 للميلاد الموافق لسنة 1 للإخراج النبوي الشريف /الهجري / فانظر للاضطراب الخطير هذا.

4 / سنة وفاته 74 خ / ه ، توافق سنة الميلاد 610 م ( 624 م + 74 خ = 698 م ) إذا اعتبرنا أنَّ سنة ميلاده بالهجري هو سنة 14 قبل الإخراج فيكون عمره ( 14ق خ + 74 خ = 88  سنة ).

5 / إذا حوَّلت تاريخ ميلاده من إخراجي لميلادي أو العكس لن تحصل على سنوات عمره بالتحديد لرقم عددى موحَّد مثلاً: ( 698 م – 88 سنة = 610 م ) والرواة يقولون إنَّ الإخراج كان سنة 622 م وليس كما أثبته أنا فيكون الحساب وفقاً لهم ( 698 م – 622 م = 76 سنة ) فالفرق بين السنوات هو: ( 88 سنة – 76 سنة = 12 سنة) أين ذهبت ؟.

6 / إذا اعتمدت تاريخ الرواة بالنسبة لسنة الإخراج النبوي الشريف فأنت عيال على الخطأ وعليك بمراجعة كل كتب التاريخ الإسلامي من جديد لتثبت صحة وجود أو ميلاد عمرو بن ميمون هذا أو نفيه.

7 / إذا ذهبت لتأخذ صحة ما ذهبنا إليه وقعت في الاضطراب بين التاريخين وألزمت نفسك لتثبت الواقعة عملاً بما توصل إليه تحقيقنا في التاريخ والتواريخ ومراجعة الكتب والمراجع ذات الصلة.

8 / إذا رفضتهم الاثنين فعليك بخلق روايات جديدة وتواريخ جديدة لتثبت صحة ما ذهب إليه الرواة بأكثر من طريقة لأكثر من رأي ومرجع ومرجعية فهذا تدليس والتفاف حول الحقائق كما ترى وإلا فعليك بكثرة الاستغفار عن هذا التفكير وسوء التصرف.

9 / إذا قبلت صحة ما تم تحقيقه فيعني لا اضطراب رواية القتل بل نفيها بالكلية وهذا هو المطلوب من صحة البحث وتدقيقه بلا شك.

10 / يجب في كل الحالات الإقرار بالأخطاء التاريخية في جملة الكتب لا هذا الخبر فقط كما يجب بطبيعة الحال مراجعتها وتصويبها من جديد كما هو الحال الآن.

11 / هناك افتراضية: إذا كان عمرو بن ميمون لم يتوفَّ في سنة 74 خ الموافق لسنة 698 م وتوفي في عام الرمادة سنة 18 خ الموافق لسنة 642 م كمعاذ بن جبل بالكوفة بأرض الشام لملازمته في الزمان والمكان له فيكون على الراجح وفاته ( 642 م – 610 م = 32 سنة فقط ) أي: قبل وفاة عمر المزعومة سنة 24 خ / بعض الروايات تقول آخر سنة 23 خ – ه / الموافق لسنة 648 م فلم يشهد الوفاة فكيف نأخذ بقول ميت لم يشهد شيئاً ؟ إن هذا إلا اختلاق بلا شك.

12 / لم تقل الروايات إنَّ عمرو بن ميمون قد أقام بالمدينة بل تخطَّاها للكوفة بأي طريق سلكه لا يهم لكنه لم يقم بها، أنا شخصياً لم أجد ذلك في المراجع ربما يكون قد أقام بها ولن يغير من شكي تجاهه شيء فمتى عبر طريق المدينة ومتى شهد مقتل عمر ومتى ذهب للكوفة وإن كان الشاهد هنا صحبته لمعاذ بن جبل [ ولما قدم معاذ بن جبل إلى الشام، صحبه عمرو بن ميمون، ثم تحوّل بعدئذ، وسكن الكوفة ].

يعني: من الشام للكوفة ، فطبيعة الأشياء تقول إن لم يمت في عام الرمادة أو طاعون عمواس سنة 18 خ الموافق لسنة 642 م فربَّما مات بعدها أو قبلها لكن لم يثبت التاريخ لا هذا ولا ذاك، أين أجد الحق والحقيقة ؟.

13 / هل تعتبر مشاهدة قرد ينكح قردة أو كلب ينكح كلبة أو فيل ينكح فيلة أو ما أشبه، حكم شرعي يعتمد على نكاح إنسان وإنسانة فقط بشبه التشبيه في النكاح ؟ هل هذا عقلاً يقبل دون الرجوع للثوابت من النصوص في القرآن بالذات وإعمال الفكر ؟.

14 / “وقد أدَّى عمرو بن ميمون في حياته ستين بين حج وعمرة” الاضطراب هنا هو الحج لا العمرة فكم حجة أدَّاها عمرو بن ميمون ومتى ذهب لمكَّة وفي أي السنوات وكم كان عمره حين حج أو اعتمر ومن كان معه ليشهد له بالحجة أو العمرة وفي أي عهد من العهود ومن كان الحاكم في تلك الحجات والعمرات ولماذا كانت ستين بينهما لماذا لم تكن أكثر أو أقل وخلافه ؟ كل تلك الأسئلة تطرح نفسها وتحتاج لإجابة من المختصين والمهتمين والباحثين ليثبتوا صحة خبره عن قضيتنا مقتل عمر أو المؤامرة الدولية لخلق النزاع الدائم بين السلطة والدين أو السياسة والدين في كل العصور.

15 / يجب مراجعة خبر هذا الرجل إذ لا يُثق به في كل المواطن بلا ريب.

خاتمة

لكل ما سبق، لا يمكن الوثوق في صحة خبر مقتل عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه ولا كل السرديات والمرويات المبذولة بين كتب التراث الإسلامي في هذا الصدد وعليه عسى أن يفتح هذا البحث أبوباً جديدة من البحوث والتحقيقات في قضايا مشابهة وهذه بالتحديد لسلامة الفكر العربي المسلم من الأكاذيب بقصد أو بدون قصد، وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين.

أهم المراجع

1 / القرآن الكريم.
2 / كتاب الكامل في التاريخ ، لابن الإثير الجزري، تحقيق الدكتور / محمَّد دبوس سنة 2006 طبع الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة.
3 / البداية والنهاية ، لابن كثير الدمشقي ، الجزء السابع.
4 / كتاب: “الشيخان” لطه حسين ص 236، الطبعة الرابعة سنة 1969 طبعة دار المعارف بمصر.
5 / الانترنت، لضبط التواريخ وبعض المعلومات.

https://anbaaexpress.ma/n6v6e

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى