آراءمجتمع

إحك يا شكيب.. السجن الكبير

السجن الحقيقي الكبير الذي أقصده هو سجن من نوع خاص له حراس خاصون غير مرئيين..

السجن الكبير هو سجن نسجن فيه أنفسنا حسب ظرف كل واحد منا، في حين ان السجن هو مكان محاط بسور كبير فوقه أشواك تمنع عملية التسلل أو الفرار، سجن محاط بحراس غلاظ شداد يحملون أسلحة و عددهم كبير، بداخله غرف مظلمة و أبواب متعددة و ساحة للتنزه و قاعات للترفيه و ورشات لتعلم الحرف و مدير و موظفون و أعوان و كلاب حراسة.

كل من هذا تعرفونه أو سمعتم به، ولكن السجن الحقيقي الكبير الذي أقصده هو سجن من نوع خاص له حراس خاصون غير مرئيين و الخروج منه يتطلب مهارات ممكن أن تكون ذاتية و ممكن أن تكون بمساعدة الغير، كيف أفسر لكم هذا ؟ الإجابة عن هذا السؤال أو الإشكال يتطلب مني أن أحكي لكم بعض الحكايات و بعدها لكم الحكم أو لكم ان تضعوا أنفسكم في أي سجن أنتم قابعون ؟ وكيف يمكنكم الخروج منه؟.

“شاب أحب شابة و تقدم لخطبتها و بعد ذلك حدد موعدا للزواج و تزوجا بعد أن أقاما حفل زفاف كلف الزوج طلب قرض مالي يؤديه على أقساط شهرية، إلى حد الآن الأمور تبدو طبيعية، و لكن الذي ليس طبيعي أن الزوجة منذ بداية العلاقة بينهما و هي تشترط شروطا منها السكن المستقل، و زيارة أهله تكون وفق برنامج محدد و ليس وقتما شاءوا و قطع العلاقة مع أصدقائه، و المقهى ممنوع الجلوس فيه، و السفر مع الأصدقاء ممنوع و السفر المشترك مع الأهل ممنوع، و الراتب هي من تتكلف بتدبيره، و لا حق له فيه إلا ما ستجود به عليه، مضت شهور على كل ما وافق عليه في الأخير قرر الطلاق و كانت كلفته غالية”.

“شابة نشأت في بيت الكلمة الأولى و الأخيرة فيه للأب، يبدو الأمر طبيعيا و مقبولا، و لكن الغير الطبيعي و هو أن إختياراتها منذ و أن كانت طفلة لا قيمة لها معه، سواء تعلق الأمر بالدراسة في إختيار الشعبة التي ترغب فيها، أو في الزوجة الذي وجب أن تقبله و الذي لن يكون من تحبه و له باءة، بل من سيختاره الوالد، إلى ان انتفضت يوما و بكل أدب و رفضت الزواج من إبن صديق لوالدها و كانوا في جمع من الأسرتين و أخبرت والدها بكل الألم الذي حملته سنين ذوات العدد و أنها الآن ترفض هذا الزواج و أن شابا يشتغل معها و له أخلاق عالية هو من سيكون زوجها، فأراد الأب أن يتدخل كعادته لفرض إرادته و لكن الشاب الذي جاء خاطبا تدخل هو الآخر و بأدب جم و عاتب الوالد و كان للبنت ما طلبت”.

“زوجة عاشت مع زوجها و أنجبا أبناء و حفدة، و لم تكن في يوم من الأيام سعيدة بزواجها، زوج لا يهتم بسوى بنفسه و طلباته، حياتها معه لا مودة و لا رحمة و لا كلمة طيبة، كلما فاتحت والديها كان جوابهما، إصبري و هذا قدرك و ماذا سيقول الناس عنا و ماذا سيقول الناس عنك، أتدرين ما معنى ان تكوني مطلقة ؟ معناه لا يمكنك الخروج من البيت بل ستبقين حبيسه إلى حين وفاتك أو أن يتقدم لك زوج، و كيف سيتقدم لك زوج و لك أولاد، و بقيت على ذلك الحال و بعد أن تجاوزت من العمر الستين طلبت الطلاق و حصلت عليه”.

“شاب حالم كان، حصل على الإجازة و تقدم لمباريات عديدة قصد الحصول على وظيفة و لم يفلح في ذلك و أشار عليه صديق بالالتحاق بجمعية المعطلين لحاملي الشهادات و بقي على حاله منتظرا لسنوات حتى إلتقى بزميل له في الدراسة هو و زوجته وولدين، فسأله صديقه عن أحواله و ماذا فعل فكان جوابه صادما بأنه لازال ينتظر ما ستسفر عنه حوارات الجمعية ؟ لكن صديقه وبخه بعد أن أشفق من حاله و عرض عليه حلولا ناجعة فطبق واحدا منها و بعدها كون أسرة و مضى بعيدا في عمله الحر”.

“شاب عاطل قدر عليه أن يلح السجن عن طريق الخطأ و كان يعيش قبل سجنه حالة من اليأس و الإحباط، و بعد سجنه إختار حرفة هناك و أتقنها و بعد خروجه من السجن مارسها بحب و نجح فيها”.

https://anbaaexpress.ma/cq3e0

شكيب مصبير

كاتب وفنان تشكيلي مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى