آراءثقافة

المؤامرة الكبرى.. أكذوبة مقتل عمر بن الخطَّاب (3-4)

لماذا جعل الرواة أو الراوي بالتحديد نهاية أبي لؤلؤة هو الانتحار بعد أن ألقى عليه عبد الله بن عوف برنساً..

3 / ضرب ثلاثة عشر رجلا ً، من هم المضروبون بحد نصل الخنجر المزعوم، ما شأنهم ما خبرهم ماذا حدث لهم بعد ذلك هل أسعفوا أم تُرِكوا من غير إسعاف ؟ لم تخبرنا الكتب عن مصيرهم – ربما جاء خبرهم لكني لا أدري والله أعلم -.

أعتبر ذلك نوع من التغطية الخبرية أو الخبر المصاحب للخبر الرئيس إعلامياً بمعنى جعل مسرح الأحداث طبيعي جداً ونتاج لإنفعالة فيروز النهاوندي / أبو لؤلؤة المجوسي / فضرب ثلاثة عشر رجلاً محاولاً الدفاع عن نفسه أو تخويف من هو حوله حتى لا يتم القبض عليه أو قتله أو منعه من الهرب أو ما أشبه لكن الحقيقة لم أجد أي تفصيل عنهم يفيد بقية حيثيات القضية لمتابعتها فسير الإجراءات غير طبيعي مما يدخل الشك في النفس بأنَّ الخبر مفبرك وتلفيق في تلفيق.

4 / “مات منهم ستة وفي رواية: سبعة” ما قيل عن ضربهم يُقال عن قتلهم ، وأفاد عبد البر / راجع النت صفحة إسلام ويب والمصادر ذات الصلة / بأنَّ عدم وجود أي خبر متعلق بهم يجعل رواية مقتل أو مؤامرة اغتيال عمر مضطربة، ولماذا لم يذكر الرواة خبرهم والتحريات الواجبة في حقِّهم ولماذا لم يدافع عن حقوقهم الوالي عثمان بن عفَّان بعد توليه الخلافة كما دافع عن حق عبيد الله بن عمر وفي ذات الوقت دافع عن حقوق المقتولين بدفع دياتهم ؟.

5 / لماذا جعل الرواة أو الراوي بالتحديد نهاية أبي لؤلؤة هو الانتحار بعد أن ألقى عليه عبد الله بن عوف برنساً – أي: قطعة من القماش أو ثوباً أو نحواً من ذلك – فوقع عليه ولمَّا تكاثر الناس حوله انتحر أو نحر نفسه بالخنجر الذي قتل به عمر لماذا هذه النهاية ولماذا لم يقبض كقاتل علي مثلاً ؟ أي سيناريو يوضع لهذه الفبركة غير مقبول لجملة ما ذكرت ولا أحيل أي مصداقية للخبر نسبة لما ذكرته من أسباب.

6 / أقرأ خبر رواية عبد الرحمن بن أبي بكر أنَّه رأى ثلاثتهم يتشاورن في كيفية إعداد السيناريو لعملية تنفيذ القتل ولمَّا رأوه سقط الخنجر من أيديهن أو يد واحد منهم كالآتي:

أ / لماذا بالذات عبد الرحمن بن أبي بكر ، هل لإضفاء المصداقية على الخبر وتأكيده لاحقاً عند المحققين مثلاً أم حقيقة ما رءاه؟.

ب / كيف عرف أنَّهم يتشاورن في مقتل عمر هل بدلالة الخنجر أم سمعهم يتحدثون صراحة بذلك ؟ فرؤية الخنجر ليست دليلاً كافياً لتبييتهم نية القتل الغدر بل تحتاج لإثباتات أكثر وأكبر مثل الشهود والبينة وترجيحها من عدمه إلى غيرها من الأدلة الجنائية التي تثبت تورطهم من عدمه.

ج / ربما كانوا يتحدثون ويتشاورن في أمور أخرى كثيرة غير عملية تدبير القتل طالما لم يسمعهم تحديداً يدبرون للقتل المزعوم ولم يكن معه شهود أو أدلة كافية لتثبيت تورطهم في قضية القتل.

7 / “الحقد الذي يملأ قلبه لأنَّه فقد ملكه” يتحدث الراوي هنا عن الهرمزان كيف عرفوا أنَّ قلبه مملوءً بالحقد لأنَّه فقد ملكه وأي ملك كان له وما مقداره وما حجمه وما قيمته وما شأنه وما هو هذا الملك المفقود الذي نزع منه ثم حقد عليهم من أجله، هذا التسبيب لا يقبل ولا يؤخذ به طالما هو في علم الغيب ولم يذكر الرواة الإجابة على هذه الأسئلة التي بموجبها “حقد عليهم وملأ قلبه الحقد” لذلك تآمر على عمر فقتله أو كاد.

8 / “المجوسي” عند بعض الشيعة أنَّه مسلم وله ضريح وقبر يُزار في إيران ، وعند السُنيين أنَّه كافر مجمع على كفره / راجع قول بن تيمية وأضرابه هنا في هذا الموضع / أرى هذا الرأي بأنَّه زرع لبذر الفتنة بين الطوائف الدينية أو الأقليات الدينية في جزيرة العرب وتم تأجيجه في نفوس وقلوب العقديين لديمومة الصراع بين المسلمين وغير المسلمين وإشغالهم بحروب لا قيمة لها إلا ليستفيد منها السلطويون بمعنى ليصير الصراع مستمراً – لا منتهياً بانتهاء دفع الديات ونحر أبي لؤلؤة لنفسه – لأبعد مدى تاريخي ممكن بين السلطة السياسية أيَّاً كان نوعها وفكرها وبين الدين والمستفيد الأكبر هم السياسيون عبر التاريخ بخلق مواقف سياسية واضحة العداء سافرة الخصومة بين الطوائف الدينية للأبد وهذا نجحوا فيه بجدارة – للأسف الشديد – بما نراه حادثاً اليوم لكن آن له أن يقف وإلى الأبد إن شاء الله.

9 / “قتل لؤلؤة” ابنة أبي لؤلؤة فيروز النهاوندي ، ما ذنبها (وإذا الموءودة سئلت * بأي ذنب قُتلت) ما جريرتها لتُعاقب بجريمة لم تقترفها حتى يقتلها عبيد الله بن عمر ولماذا كان وضع الصراع بين جناية جديدة تلحق تاريخ عبيد الله بن عمر أو قل للتدقيق: عمر بن الخطَّاب نفسه، بفعل ابنه ما فعل حتى يُسام الإسلام بإشانة السمعة وإمعان المظالم التاريخية وانتهاك الحقوق والحريات العامَّة لحقوق غير المسلمين أو الأقليات الدينية ليسهل جرَّه لقتال أو صراع طائفي هو في غنى عنه بل لم يقترفه البتَّة ؟ وكله تد ليس في تدليس.

10 / “غضب عبيد الله بن عمر وأخذه الثأر لأبيه بقتلهم جميعاً” قلت: أين القانون هنا بل أين قوة الرجال الذين لا يقبلون إراقة الدماء بهذه الصورة لماذا لم يوقفوه عند حدِّه ولو قتل منهم ما قتل حرمة للدماء وتحقيقاً لعدالة القانون والإسلام الذي حرَّم قتل النفس التي حرَّم الله إلَّا بالحق.

وإذا كان ما رءاه هو الحق لماذا يأخذ الثأر حميَّة لأبيه حين كان الأوجب سجنهم والتحري معهم لحين كشف القضية [ قيل سجن عبيد الله بن عمر حتى تمت تولية عثمان بن عفَّان الخلافة، راجع كتاب: “الشيخان” لطه حسين ص 236 ، الطبعة الرابعة سنة 1969 طبعة دار المعارف بمصر ] ولماذا عبيد الله بن عمر تحديداً هو من قام بعملية الثأر لماذا لم يكن غيره ؟ اللهم إلَّا لترسيخ مفهوم الديكتاتورية العمرية في أبناءه من بعده ومن ثمَّ وصم الإسلام بجريرة القتل العمد دون أي وازع أخلاقي أو معيار مجتمعي أو نص تشريعي وهذا غير ممكن ولا مقبول.

11 / “قتل الهرمزان والبقية بدون بيِّنة” طالما ثبت أنَّ من قتل عمر هو أبو لؤلؤة وقتل نفسه نحراً فلماذا تم قتل الهرمزان والتنكيل به واستدراجه خارج المدينة أو خارج مسرح الجريمة ثم قتل ابنته وجفينة النصراني ؟ عملياً القضية انتهت بموت فيروز النهاوندي فهذا خارج العقل ولا يمكن قبوله بحال من الأحوال بغض النظر عن أي تحليل زيادة على ذلك، فالقاتل قُتل فلماذا المزيد من القتل بدون وجه حق لمن لم يثبت تورطهم في الشراكة الجنائية وبالذات لؤلؤة وهي في دارها آمنة مطمئنة ولم تبلغ السابعة عشر من العمر ؟

انظر للخطاب العاطفي بقتل طفلة صغيرة يافعة لا ذنب لها ولا جريرة واستدرار العاطفة الإنسانية السمحة ضد من زعموا زوراً أنَّه قتلها وسفك دمها ثأراً لأبيه وهذا عين القصد من إلصاق تهمة التعدي الجنائي من المسلم ضد غير المسلم – عبيد الله بن أمير المؤمنين رمزاً لهذا التجني – الجاني بغير وجه حق وخلق عداوة إنسانية بين الطوائف الدينية كما ترى بل والإنسانية قاطبة.

12 / تناصب عثمان وعبيد الله – حتى تناصبا – لماذا عثمان بن عفَّان بالتحديد هو من ناصب عبيد الله بن عمر ولم يكن غيره من الناس أو من الصحابة ؟ أرى: لخلق قاعدة أصولية خلافية بين خلفاء المسلمين مما يعني الفوضى السياسية والتفكيك للبنية الاجتماعية وتسييب تفعيل قوانين الدين وتسويف حقوق غير المسلمين أو المسلمين أنفسهم وبالتالي فوضى أمنية واضحة وصراع يمتد من الطائفية للقبلية ومن بعدها حروب أهلية في جزيرة العرب وهذا يعني إعادة النزاعات القبيلة في جزيرة العرب قبل الإسلام مما يستوجب دخول قوات دولية أممية لحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة وهي الدولة أو الامبراطورية الفارسية وحلفاءها القدامى بالمنطقة لإستلام مقاليد الحكم وفرض هيمنتها ونفوذها العسكري والسياسي وإعادة مجدها الذي فقدته بعد إبعادها من مناطق سيطرتها القديمة في الشمال والجنوب بفضل توحد تلك القبائل العربية بنشر الدين الجديد بينهم.

هذا يعطي إشارة مباشرة لخلق زعزعة وسطهم بإمعان الإشارة للفارسي الذي قتله العربي وهذا العربي من عِلية القوم بل ابن أمير المؤمنين المشهود له بالعدالة والنزاهة والأخلاق وخلافه، مما يستوجب أخذ الثأر منه ومنهم على طول المستقبل / خطة استراتيجية بعيدة المدى / لإعادة السيطرة على قرار الدولة الوليدة في شبه جزيرة العرب.

( يتبع )

https://anbaaexpress.ma/fvipq

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى