آراءثقافة

المؤامرة الكبرى.. أكذوبة مقتل عمر بن الخطَّاب (2- 4)

إنَّ بلاد الفرس ودولة إيران الحديثة قد نجحتا نجاحاً منقطع النظير في إذكاء روح التنافس والصراع بين السياسة والدين على نهج مدروس بعناية فائقة عبر العصور

المؤامرة الكبرى.. مقتل عمر بن الخطَّاب

بما أنَّ هذا الخبر ميسور ومبسوط بكتب التاريخ والانترنت فهو خارج إطار العقيدة الدينية ويمكن تفنيده على الوجه التاريخي والتحقيق والتدقيق بعد الاطلاع على ما سبق تعريفه لأثبت أنَّ فكرة مقتل عمر بن الخطَّاب ما هي إلا فكرة ساذجة ليست حقيقية بذات معايير الروايات السابقة التي مرَّت على العقل الجمعي المسلم والإنساني بعامَّة ولكنها اليوم تحتاج للمراجعة والضبط وإعادة قراءة التاريخ من جديد خارج عباءة الفقه والدين كحقائق تاريخية مجرَّدة لا قداسة مُبَرَّأة من العيوب وما أراها إلَّا كلها مؤامرة لاغتيال الفكر الإسلامي في خاصرته وأوَّل عهده الوثير في القرن السابع الميلادي ومنع تطور دولة الخلافة في بسط نفوذها لجميع الأقطار بالمنطقة العربية شمال وجنوب شبه الجزيرة العربية وليس الغرب والشرق عنهما بمعزل.

وتقليص دور دولتي الفرس والروم في المنطقة وإعلاء دور بلاد فارس – إيران الحديثة، لاحظ البعد الجغرافي المكاني لأطراف القضية – وما جاورها والتدبير والتمهيد للعقل العربي والإسلامي والعالمي بقبول فكرة مقتل عمر وعثمان وعلي على مسرح الحياة البشرية والدينية منها تحديداً لتقبُّل فكرة إلهاء الناس بالدين الجديد وهو ما تتبنَّاه دولة إيران في اتجاهين متوازيين هما السلطة السياسية والسلطة الدينية بصورة أو بأخرى وتحجيم الدورين الديني والسياسي السُنِّي – إذا جاز التعبير – وإعلاء الدورين بالمقابل السياسي الفارسي الجديد والديني الشيعي – إذا جاز التعبير أيضاً – في العقل الجمعي البشري والمحمدي منها بالذَّات ، فيمكن أن يُقال:

 إنَّ الصراع السياسي باسم الدين والمعتقدات الدينية يسيران في خطِّين متوازيين للمؤامرة الكبرى يُقال: إنَّ بلاد الفرس ودولة إيران الحديثة قد نجحتا نجاحاً منقطع النظير في إذكاء روح التنافس والصراع بين السياسة والدين على نهج مدروس بعناية فائقة عبر العصور ووجب الكشف عن هذا المنهج فوراً وبيان حثائق التاريخ كما عي من ذات المصادر والمراجع المعتمدة للكثيرين.

أنا شخصياً أرفض هذا المنهج سواء كان مقصوداً أو غير مقصود بعلم أم بجهل بحق أم بباطل رفضاً باتَّاً، وذلك بناء على الآتي:

1 / اختيار المؤامرة والتلفيق والتدليس تمَّت بالبُعد الطائفي العقدي بين نصراني ومجوسي ومسلم وتدبيرها تدبيراً بليداً إزكاء روح العداوة والبفضاء بين الطوائف الدينية بلا انقطاع باسم التعصب والغلو والتطرف والتشدد والإرهاب الفكري الظاهر اليوم في القرن الواحد والعشرين إثر ترسبات دينية كثيرة خطأ وخلافه ، وهذا غير مقبول وغير ممكن لأسباب كثيرة منها:

أ – عدالة عمر بين الناس وهذا معروف ومشهور ، تمنع وتحول دون فكرة الاغتيال وتدبير المؤامرة.

ب – المساواة والعدالة الاجتماعية في الحقوق والواجبات والالتزامات بين الرعية التي أرساها حسنة وليست سيئة فلا يمكن أن تكون خصماً عليه.

ج – حقوق المواطنة بلا تفريق بين أي طائفة دينية أو أقليِّة دينية لم يهملها بل تجاوزها للحد البعيد فهو يطبِّق معايير العدالة النبوية في تحقيق العدل الاجتماعي بكل المقاييس وبالتالي معايير القرآن.

د – العطاء من بيت مال المسلمين لمن هم أقل دخلاً للحد من الفقر وما أشبه.

ه – البناء والتعمير والخدمات وارساء دعائم القانون وتطوير مفهوم الدولة الحديثة وتدوين الدواوين، ميزة تحسب له لا عليه.

وغيرها من الأسباب التي يمتنع لذي عقل بأن يضمر أحدهم نية القتل والغدر برجل عادل لا يقيم حرساً لنفسه ولا حامية ولا خيَّالة ولا هم يحزنون، ثم هب أنَّ ذلك قد يمكن فأين الموالين له والحادبين عليه والحريصين على سلامته وعافيته بين الناس من الصحابة وغيرهم ثم أين الجند الذين يعتمد عليهم في مثل هذا التدخل السريع في صلاة العتمة مثلاً ؟.

لماذا اختيار وقت صلاة الفجر والظلام بالذات لتدبير وتنفيذ المؤامرة لعمر وعلي فسبب التخفي غير مقبول لأنَّ الناس إمَّا يعرفون بعضهم بالصفوف عند الصلاة مما يفضح أمره وإمَّا هو نفسه قد لا يرى الشخص بعينه كما قيل في محاولة اغتيال عمرو بن العاص عندما قتل خارجه، فالتسبيب غير مقنع ولا بد من الوقوف عليه بأكثر من وجه.

2 / البعد الطائفي بين النصرانية والمجوسية والإسلامية نوع من أنواع إضفاء الشرعية المقبولية لتمرير فكرة الاغتيال لعمر وتوزيع دمه بين الطوائف الدينية ثم خلق نوع من المواجهة وإضمار الغبينة والضغينة والعداوة بين تلك الطوائف مما يوغل الصدر بفرضية أخذ الثأر من بعضهم البعض.

 يمكن أن يُقال: إنَّ الغرض من ذلك التمهيد للصراع الديني الأيديولوجي بين طوائف ومعتقدات بعينها وإشعال حرب طويلة المدى بينهم بلا هوادة واستغلال البعد العقدي الديني والتعصب بلا أدنى ريب وهذا ما حدث وما نرى نتائجه اليوم من الإرهاب الفكري والتعذيب النفسي والجسدي للمتشددين دينياً أو قل : الجماعات التكفيرية الحادثة اليوم فهي نتاج لتلك المؤامرة المسبوكة والتي يجب أن تنتهي اليوم قبل غدِ وتفنيدها بالفكر والعقل بتصحيح وتنقية التراث الإسلامي من تلك الشوائب الفكرية بمنهجية علمية وأكاديمية متوالي.

( يتبع )

https://anbaaexpress.ma/vjqoy

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى