من شب على شيء شاب عليه. هكذا هي دولة الإمارات العربية المتحدة وهكذا هم شيوخها الذين تربوا جميعهم على مبادئ وقيم حنيفة استطاع الأب المؤسس للدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أن يزرعها في نفوس الأجيال التي أتت من بعده شيوخا كانوا من أبنائه أو من أبناء شيوخ بقية الإمارات التي التقت على المحبة ونكران الذات لخدمة الإنسان في كينونته وفي عيشه ولتلبية حاجياته من أبسطها إلى ما يسمح له بعيش رغيد سواء داخل الوطن أو خارجه.
كرم الشيخ زايد كان عابرا للحدود في مشارق الأرض ومغاربها. كل البلاد الإسلامية كانت له فيها أيادي بيضاء وكانت بلسما لكل من كان في وضعية العوز والفاقة.
فيكفي أن يصل إلى علم الرجل الحكيم حالة من الحالات الإنسانية إلا وفاضت في وجدانه مشاعر حاتم الطائي ليغيث من به مرض أو خصاص.
الدبلوماسية الإماراتية إن جاز وصفها فهي كصقرها تحلق بجناحين من علو شاهق جناحها الأول يحملها على المستوى الرسمي إلى خدمة أهداف التنمية مع العديد من الأقطار وذلك من خلال الحرص على إبرام اتفاقيات شراكة تعود بالنفع العام في أبعادها الشمولية التي تنعكس إيجابا في المحصلة النهائية على الأوضاع الاجتماعية.
أما جناحها الثاني فله صلة بالبعد الإنساني في شقه الأول ينبذ التطرف كما لا يسمح بالعنف لخدمة قضايا السلام والاستقرار، وفي الشق الثاني للبعد الإنساني يسجل حضور وازن لدولة الإمارات وشيوخها في الكوارث الطبيعية وفي المناسبات الدينية.
ولأن الأسس التي بنيت عليها العلاقات المغربية الإماراتية في عهد المغفور لهما جلالة الملك الحسن الثاني والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، هي أسس راسخة متجذرة أقوى من أن تكون رسمية والفضل في متانتها يتعزز بالعلاقات الحميمية والأخوية التي تربط اليوم وغدا قائدي البلدين.
فهما بمثابة ذلك الجسم الواحد إن اشتكى منه عضو ما تداعت له بقية الأعضاء بالسهر والحمى.
كلمة سعادة السفير الإماراتي التي ألقاها بمناسبة انطلاق حملة المساعدات الرمضانية لهذا العام كانت خير معبر عن التضامن القائم والراسخ بين البلدين الشقيقين والذي ترجمته هبة دولة الإمارات في وقت قياسي للوقوف إلى جانب المملكة المغربية والمغاربة الذين تضرروا من كارثة الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز.
كما هي عديدة المناسبات الدينية التي عودتنا عليها دولة الإمارات العربية المتحدة، مناسبات ارتأت دائما أن تجعل منها سنويا محطات للتواصل مع المغاربة سواء من خلال المساعدات الرمضانية التي تحرص على إيصالها، من خلال التعاون مع فعاليات المجتمع المدني، إلى مستحقيها من المعوزين والمحتاجين من فئات عريضة امتدت هذه السنة إلى حدود خمسين ألف عائلة في مختلف ربوع المملكة من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها.
كما نسجل امتداد هذه الأيادي البيضاء في مناسبة دينية لها مكانتها الروحية عند المغاربة ويتعلق الأمر بتوزيع الأضاحي في ما هو معروف عندنا “بالعيد الكبير”.
فالتفاتات من هذا النوع تجد صداها عند المغاربة بشكل لافت بالتهليل والدعاء. وفي هذا البر والإحسان يتنافس المتنافسون من المحسنين كما تعودنا على ذلك من المؤسسات الخيرية الأهلية والرسمية وفي مقدمتها مؤسسة الهلال الأحمر الإماراتي ومؤسسة الشيخة فاطمة وغيرها من مؤسسات أخرى تحت رعاية شيوخ الإمارات.
هكذا هي العلاقات المغربية الإماراتية وهذا هو حالها. علاقات نموذجية قائمة على الود والاحترام والتضامن.
وهي في ذلك تقدم النموذج الذي ينبغي أن تكون عليه العلاقات بين الدول العربية. أوطاننا وشعوبنا بحاجة إلى الاهتداء بهذا المثل الأعلى ولسنا على الإطلاق بحاجة إلى هدر الزمن والجهد والطاقات في افتعال أزمات تقف من ورائها دول تشتغل خارج التوقيت العربي.
كاتب المقال صهيوني والإمارات ولاية تابعة للكيان المحتل بأرض فلسطين